صناعة الفخار من أقدم الصناعات اليدوية في مصر، وهي تتركز في قنا في صعيد مصر. لكن هذه الصناعة بدأت تندثر شأنها شأن غيرها من الصناعات والحرف البيئية الصغيرة. ولأن للفخار شكله الجمالي، فقد حاولت هيئة قصور الثقافة المصرية التابعة لوزارة الثقافة الحفاظ على هذه الصناعة وتطويرها جمالياً، فاختارت مجموعة من الفنانين المصريين في ملتقى الفخار الأول في قنا العام الماضي، وهم الذين يشاركون حالياً في معرض الفخار الشعبي في اكاديمية الفنون في روما. عن المعرض يقول مدير إدارة التذوق وورش الإبداع في الإدارة العامة للفنون التشكيلية في هيئة قصور الثقافة المصرية السيد عبدالمحسن الطوخي: "هذا المعرض نتاج ملتقى الفخار الأول الذي عقد في آذار مارس من العام الماضي في قنا. واستمر عشرة أيام وأقيم معرض للفخار، ورشح للعرض في اكاديمية الفنون في روما، ويشرف على هذا العمل الخزاف محيي الدين حسين. ويضمّ ملتقى الفخار عشرة فنانين من الخزافين المشهورين في مصر، ومعظمهم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة. وعن فكرة العمل يقول: "أوحى لنا بالفكرة سمبوزيوم الغرانيت الذي يقام في مدينة أسوان، وهو سمبوزيوم دولي، ففكرنا في أن يكون هناك دعم للثقافة المصرية في قنا إذ أنها أشهر منطقة في صناعة الفخار في مصر، ووجدنا أن العمران بدأ يطغى على منطقة الفواخير". ولم يبق من هذه المنطقة إلا ربعها، فرأينا الحفاظ على هذه الصناعة وإعطاء دفعة لأهلها، وإشعارهم بأهمية ما يقومون به. فحين أقيم الملتقى وشارك فيه فنانون على مستوى عال بدأوا يتحمسون، وقمنا بتأجير "فاخورة" لهم، فأخرجوا انتاجاً متميزاً. وعن المراحل التي يمر بها العمل يقول الطوخي "يقوم صاحب الفاخورة بعملية تخمير الطين الذي سيستخدم في العمل، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً حتى تدخل الحبيبات بعضها في بعض وتهرس جيداً، ويقوم آخر بدمج "الطينة" عن طريق شخص يسمى "الدوَّاس" يدوس الطينة ويعجنها بيديه وقدميه الى أن تصل الى درجة معينة من اللزوجة. ثم يتم تشكيل الطين ليصبح فخارا حسب المطلوب، فيكون إناء تضاف إليه الناحية الفنية، وهكذا نجمع بين الشكل الشعبي والتطور الحديث عن طريق اللمسة الجمالية الفنية التي يضفيها الفنان الاختصاصي". ويعود الطوخي الى تاريخ هذه الصناعة فيقول: "منطقة قنا مشهورة بصناعة الفخار منذ عهد الفراعنة، والمصري القديم استخدم الفخار لصناعة الأواني، وهي موجودة في المتاحف بين الآثار، وكان يستخدم هذا الفخار في حفظ الحبوب والسوائل، وكذلك حفظ أعضاء المتوفي اثناء التحنيط. وحالياً انتشرت صناعة الفخار في غير مكان في مصر إذ يوجد في الوادي الجديد، لكن في شكل واستخدام مختلفين حسب البيئة".وعن اختلاف المادة الطينية من منطقة الى أخرى يقول: "في الوجه البحري تكون "الطينة" ذات لون أحمر، لأن فيها نسبة كبيرة من الحديد، أما في قنا فتعطينا اللون الأبيض لأنها مستخرجة من طمي النيل الأصلي".