أثارت الصراعات الفكرية بين كبار الكتّاب وشيوخ الأزهر، حول قضية شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم اهتمام معظم المسلمين في العالم. ومن أبرز الشخصيات التي تناولت قضية الشفاعة المفكر الاسلامي المصري مصطفى محمود الذي أصدر كتاباً حول الشفاعة أنكر فيه الأحاديث التي تقول بوجود الشفاعة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم للموحدين العاصين في يوم القيامة مستنداً في ذلك الى العديد من آيات القرآن الكريم التي تنفي وجود الشفاعة للمذنبين. وواجه مصطفى محمود الكثير من الردود التي خالفته حول الشفاعة، ومن أشدها كان موقف الشيخ يوسف القرضاوي الذي اتهمه بإنكار السنّة وبأنه رجل مكابر وأصدر كتاباً بعنوان الشفاعة في الآخرة بين النقل والعقل للرد عليه، وأكد فيه أن الشفاعة العظمى للموحدين العاصين هي حق لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وكان المربي عبدالقادر يحيى الديراني يرقب كل ما كتب وقيل حول قضية الشفاعة فأيّد رأي مصطفى محمود، وأصدرت دار "أخبار اليوم" في القاهرة كتابه بعنوان الشفاعة: حوار هادئ رفيع المستوى بين د. مصطفى محمود ود. يوسف القرضاوي. رد فيه على كتاب القرضاوي وفنَّد فقراته معتمداً في ذلك على أفكار وعلوم أستاذه العلاّمة محمد أمين شيخو رحمه الله، وردّ عليها بأسلوب منطقي مستند الى كتاب الله الكريم فأظهر التناقض في كلام القرضاوي وبيَّن بساطة هذه الأفكار ومخالفتها لكتاب الله عز وجل. وشرح الديراني في كتابه المفهوم الصحيح للشفاعة فقال: الشفاعة مأخوذة من الشفع وهو أن يقارن شيء شيئاً ويزاوجه ملازماً إياه، الشفاعة هي استشفاع نفس مؤمنة بنفس رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرة في الصلاة بغية الطهارة، لا اعتباطاً لأجل غفران الخطايا. إن تمّت الشفاعة في الدنيا ثبتت بالبرزخ وبالآخرة. فلقد فهم الناس الشفاعة فهماً معكوساً، فهم يظنون أنها في الآخرة وهي في الحقيقة بالدنيا قبل الآخرة وهم يعتقدون أنها للمسلمين العاصين جزافاً وهي بالفعل للصالحين الطيبين. فإن صحّت في الحياة ونالها الإنسان في الحياة بجده واجتهاده كانت له حتماً بعد الممات فهو على نور في دنياه وفي برزخه وفي الآخرة الأبدية.