شن عدد من خطباء المساجد في صنعاء وبعض المحافظات الأخرى حملة انتقادات واسعة لزيارة الوفد السياحي الإسرائيلي إلى اليمن الأسبوع الماضي، واعتبروها في إطار "مخطط صهيوني لخرق المبادئ والمواقف اليمنية، ومنافية للالتزام اليمني على الصعيدين القومي العربي والثوابت الإسلامية". وطالت انتقادات الخطباء الحكومة اليمنية، إذ طالبت بفتح تحقيق فوري مع الجهات الرسمية التي سمحت بزيارة الوفد السياحي، بعدما تكشفت أهداف الزيارة باتجاه اختبار ردود فعل الشارع اليمني ازاء التطبيع مع إسرائيل التي لا تزال تحتل أراضي عربية. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة في صنعاء بأن الشيخ عبدالله الأحمر، رئيس مجلس النواب، اتصل هاتفياً يوم الأربعاء الماضي بوزير الداخلية اللواء حسين محمد عرب وسأله عن كيفية دخول الوفد اليهودي إلى اليمن والجهات التي منحتهم تسهيلات الدخول إلى البلد من دون جوازات سفر وبوثائق خاصة، فيما هدد برلمانيون بإثارة القضية داخل مجلس النواب ومساءلة المسؤولين في الجهات التي ثبت تورطها في ترتيب زيارة الوفد الإسرائيلي في ضوء الموقف اليمني الثابت من مسألة التطبيع مع إسرائيل المشروط بموقف عربي موحد من هذه المسألة عند تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. وكان الشيخ الأحمر اعتبر محاولة الوفد اليهودي زيارته ووصوله إلى البوابة الخارجية لمنزله تحمل أهدافاً مشبوهة للإساءة إلى شخصه ومواقفه. وقال قريبون من الشيخ الأحمر إنه طلب من حراس منزله طرد الوفد الإسرائيلي وتحذيره من مغبة تكرار المحاولة. وأوضحوا انه اتصل بوزير الداخلية فوراً وأبلغه غضبه واستنكاره وجود وفد يهودي في صنعاء وسط ضجة إعلامية عربية ودولية وإسرائيلية، خصوصاً أن الوفد حاول زيارة مقر البرلمان وتصويره من الخارج، ما دفع حراسه إلى مصادرة أفلام التصوير ومنعهم من الاقتراب. وكانت تصريحات سماحة اسحق القاضي، أحد عناصر الوفد اليهودي، بأن المستثمرين الإسرائيليين سيحولون اليمن إلى "يابان أخرى"، ومطالبته بضمانات الحماية أسوة بمصر والأردن، أثارت ردود أفعال غاضبة في الأوساط اليمنية، خصوصاً لدى أحزاب المعارضة. وسارعت السلطات إلى نفي استقبال مسؤولين للوفد السياحي. وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء ل"الحياة" أن الوفد السياحي احيط بحماية أمنية شديدة منذ لحظة وصوله إلى صنعاء الأحد الماضي، فيما قالت مصادر برلمانية ل"الحياة" إن الوفد، الذي يضم 12 شخصاً، ليسوا جميعهم من اصول يمنية كما انهم لا يحملون جوازات سفر غير إسرائيلية، وإنما تأشيرات خاصة على بطاقات فردية منحتها إليهم البعثة الديبلوماسية اليمنية في الأممالمتحدة في نيويورك، ما يعني انهم يحملون جوازات إسرائيلية، وهو ما يناقض التسهيلات التي تمنحها السلطات اليمنية للسياح اليهود الذين لا يحملون جوازات إسرائيلية ولا تأشيرات إسرائيلية على جوازات سفرهم وينتمون إلى بلدان أوروبية أو غربية. وأشار خطباء المساجد، الذين تناولوا أمس في خطب الجمعة زيارة الوفد الإسرائيلي لليمن، إلى أن مثل هذه الزيارات تتم تحت غطاء "السياحة" وهي تحمل أبعاداً خطيرة، وان مثل هذه الوفود تضم مندوبين للمخابرات الإسرائيلية وتهدف إلى خرق المقاطعة العربية والمواقف القومية والإسلامية ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي والمقدسات. وهاجم الخطباء اتفاقات السلام مع إسرائيل واعتبروها اتفاقات استسلام لن يكتب لها النجاح. وعلمت "الحياة" أن سماحة اسحاق القاضي، أحد أعضاء الوفد السياحي الإسرائيلي، أبلغ بعض أصدقائه اليمنيين الذين التقاهم، بأنه فوجئ بإضافة شخصين إلى الوفد، كان الاتفاق على عشرة أشخاص فقط غير انه استغرب زيادة شخصين في مطار عُمان عندما التقاهم بعد وصوله من نيويورك. وأضافت مصادر أن سماحة اعتبر إضافة الشخصين أحد الأسباب التي منعت استقبال مسؤولين حكوميين للوفد، كما كان يتمنى، بالإضافة إلى الضجة الاعلامية التي أحاطت بالزيارة السياحية التي أخرجتها عن إطار السرية.