اعدّ انصار الجنرال اوغوستو بينوشيه استقبالاً حافلاً له لدى وصوله صباح اليوم الى سانتياغو التي نأت بنفسها عن اي مراسم رسمية في المناسبة، فيما يعدّ خصوم الجنرال لملاحقته في تشيلي بهدف تجريده من الحصانة التي يتمتع بها كسناتور لمدى الحياة، على أمل محاكمته بجرائم ارتكبت في عهده. ورغم النكسة التي منيت بها المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق الانسان، نتيجة قرار لندن اطلاق الرئيس التشيلي السابق، إلا انها اعتبرت الاجراءات القضائية لملاحقته طوال 17 شهراً "انتصاراً"، مشيرة الى ان الحصانة التي يتمتع بها الرؤساء السابقون لم تعد تشكل ضماناً لعدم محاكمتهم بجرائم ارتكبوها وهم في سدة الحكم. راجع ص 7 وكانت فرنسا في مقدم الدول التي طالبت بمحاكمة بينوشيه في بلاده، بعدما اقلعت به طائرة تشيلية من قاعدة عسكرية بريطانية صباح امس. فيما اعتبر وزير الداخلية البريطاني جاك سترو ان اهمية القضية تنبع من كونها شكلت "سابقة" سجل خلالها القضاء البريطاني "حكماً فريداً في مجال حقوق الانسان امتد تأثيره بعيداً خارج حدودنا". وكان سترو يشير الى الحكم البريطاني الذي اكد ان "التعذيب جريمة دولية لا تخضع لحصانة ولا لحدود"، علماً بأن الافراج عن بينوشيه لم يأتِ نتيجة تبرئته بل نظراً الى حاله الصحية التي تجعل من محاكمته امراً غير عادل، حسبما قال الوزير. واشار ريد برودي مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان التي تتخذ من نيويورك مقراً، الى ان الاجراءات لملاحقة بينوشيه، دفعت الرئيس الاندونيسي السابق سوهارتو الى العدول عن السفر الى الخارج للعلاج، كما مهدت لمحاكمة الرئيس التشادي السابق حسين حبري في السنغال بتهم تعذيب خصومه في عهده. ودعت الادارة الاميركية الاسرة الدولية الى احترام قرار لندن اطلاق بينوشيه. وقال الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت ان "الحكومة البريطانية قررت ان من غير المناسب ان يحاكم ويجب ان تحترم الاسرة الدولية هذا القرار". وكان سترو اعلن قراره الغاء الاجراءات لتسليم بينوشيه الى اسبانيا ورفض طلبات مماثلة من فرنسا وبلجيكا وسويسرا، غداة تخلي مدريد عن الطعن بحكم بريطاني يؤكد ان الجنرال غير أهل للمثول امام القضاء واعلان بروكسيل ان لا فرص كافية لنجاح الطعن. وافاد اوغوستو ماركو انتونيو نجل الرئيس التشيلي السابق ان والده استقبل قرار اطلاقه "بهدوء بالغ ومن دون اي عواطف او مشاعر ظاهرة". واجمع معارضون للجنرال في تشيلي على انه "لن يعود الى بلاده بريئاً بل سيعود مذنباً حال تدهور صحته دون محاكمته".