علمت "الحياة" من مصادر مطلعة، أمس، أن عدداً من الشخصيات الجزائرية وبعض المسؤولين الكبار في المؤسسة العسكرية باشروا، الإثنين، وساطة بين اللواء المتقاعد خالد نزار والرئيس السابق علي كافي لتطويق الخلاف بينهما. ورأت أوساط مطلعة أن الخلاف بين نزار وكافي تجاوز إطار الصراع الشخصي بين رجلين في شأن قضايا تاريخية لينتقل إلى قضايا سياسية تتعلق بظروف عمل المجلس الأعلى للدولة 1992-1994. ملاحظة أن "مسلسل الفضائح" المتعلقة بتسيير المجلس الأعلى للدولة يطاول المؤسسات الحيوية في البلاد سواء في الجيش أو الرئاسة. وتعتبر أوساط سياسية ان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يعد أكبر المستفيدين من الصراع بين أجنحة الحكم الجزائري كونه ظل ينتقد منذ توليه السلطة في العام الماضي "الإنحراف" الذي حصل في 1992 والذي وصفه ب "العنف"، في إشارة الى وقف المسار الإنتخابي بعد فوز "الإنقاذ" في الدورة الأولى من الانتخابات الاشتراعية. وقال الجنرال المتقاعد محمد عطايلية، الرجل القوي في المؤسسة العسكرية خلال الثمانينات والذي استقال من منصبه كمفتش عام في الجيش احتجاجاً على تولي نزار وزارة الدفاع، أن عملية تطويق الخلاف ضرورية في الوقت الحالي "كي لا تنحرف الأمور، خصوصاً أن البلاد تعرف مشاكل أخرى لا تقل خطورة عن هذه القضايا الخلافية" بين المسؤولين السابقين. واضاف ان إستمرار الخلاف "قد يظهر للجزائريين حقائق مذهلة هم في غنى عنها اليوم". واعتبر ان مثل هذه الوساطة "ضرورية لتجنيب الجزائر مشاكل أخرى قد تفضي إلى وضع يصعب التحكم فيه". وكان اللواء المتقاعد خالد نزار تناول، في ندوة صحافية مساء الأحد، سيرة الرئيس السابق كافي وقال أنه كان يسكر "إلى حد الثمالة" وأنه "لم يكن يفطن ولو للحظة"، مشيراً الى ان تعيين كافي على رأس المجلس الأعلى للدولة، من دون غيره من أعضاء المجلس الخمسة، كان بسبب "كبر علي كافي وحسن تعبيره باللغة العربية وقيادته لمنظمة المجاهدين". وتولى كافي رئاسة المجلس إثر إغتيال الرئيس محمد بوضياف في تموز يوليو 1992. وانتقد نزار كافي كونه إستغل تخليه هو نزار عن منصب وزير الدفاع لمصلحة الجنرال اليمين زروال، في تموز 1993، ليبادر عبر زروال إلى الإتصال بقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في السجن العسكري في البليدة من دون إبلاغه بذلك، على رغم انه عضو في المجلس الأعلى للدولة. وقال نزار انه لم يسمع بخطوة الإتصال ب "الإنقاذ" سوى عن طريق الصحف. ولم يتردد نزار في توسيع نطاق مواجهته مع علي كافي عندما تحدث عن موضوع الضباط الجزائريين الفارين من الجيش الفرنسي والذين إلتحقوا بثورة التحرير. ودافع نزار عن هؤلاء، مشيراً الى انهم يقودون المواجهات ضد الجماعات "الإرهابية". وذكر من هؤلاء الفريق محمد العماري رئيس الأركان الحالي الذي قال أنه من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي. وينتقد عدد من الجنرالات المتقاعدين، مثل عطايلية، تولي ضباط فارين من الجيش الفرنسي زمام المؤسسة العسكرية والدخول بها في مواجهات سياسية مثلما حدث في 1992 مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ.