فاجأ إيمان البحر درويش جمهوره المصري والعربي بأسطوانة جديدة سمّاها "إحساس بريء" وقد عاد بها بقوة الى ساحة الغناء ليحول دون أي شك وأقاويل وإشاعات. يتحدث بعفوية وبساطة لكنه احياناً يثور وينفعل إذا سئل عن الاشاعات، يقول: "عندما قدمت عملا دينياً "المسحراتي" قالوا إنني اعتزلت، وعندما قدمت أغاني جيدة وجادة تجاهلوها. الجمهور أصابه تلوث سمعي لا ذنب له فيه. عدد من الصحافيين هاجمني وقال أشياء على لساني لم أقلها مع أنني أحترم الصحافيين والصحافة". في مناسبة صدور الأسطوانة كان لنا معها الحوار التالي: كنت تتوقع لاسطوانتك "إحساس بريء" هذا النجاح؟ - المصادفة وحدها هي التي جعلتني ألحن أسطوانة "إحساس بريء" وحاولت اختيار الشكل الناعم القوي، والأغاني تعبر عن مشاكل الأفراد العادية، وبعضها يؤاسي الفلسطينيين الذين تهدمت بيوتهم مثل "أنا مش طير ولا عاشق أرض الغير" وأؤكد أنني لا أساير الأغاني الموجودة حاليا في الساحة الغنائية ولست تابعاً أحداً، لأنني أختار كلماتي وألحاني بدقة متناهية، وأعتقد أن الإعلام المصري لعب دوراً في الهوجة الغنائية الموجودة في الساحة حالياً، ولم يفرق بين من يستحق التكريم ومن لا يستحق. ما سبب تأخر صدور هذه الاسطوانة؟ - "إحساس بريء" استغرق مني عامين ونصف العام، ثم تعرضت لعملية نصب، لكنني تعاقدت مع "صوت القاهرة" وانتجت الاسطوانة وطرحت فى الأسواق، وأعتقد أنها نالت إعجاب الجمهور. احتجبت عن الساحة الغنائية فترة طويلة، وقيل أنك اعتزلت الغناء.. فما حقيقة ذلك؟ - في برنامج "حوار صريح جداً" الذي يذاع في شهر رمضان تكلمت عن حياتي الخاصة، وقلت إنني لا أوافق على عمل زوجتي، بعدها هوجمت هجوماً ضارياً. ثم طرح ألبوم "المسحراتي" في الاسواق وطبيعي أن يكون دينياً، وأشاع البعض أنني أطلقت لحيتي ودخلت فى "الدروشة". وعلى رغم طرح ألبوم "أنا وأنت" وكل أغانيه عاطفية لم يكتب عنه أحد وتجاهلوه تماماً، وتلاه الجزء الثاني من "المسحراتي". من جهة أخرى لا أحب دلع الفتيات اللاتي يشاركن في الأغاني "الفيدو كليب" كما أرفض الشهرة، التي تأتي عن طريق الحفلات والأفراح، فأنا أقدم الفن من أجل الفن فقط، والإعلام شوّه صورة جدي سيد درويش وقال عنه "بتاع جليلة" واشياء أخرى. وقد سلكت طريق الفن الذي يعبر عن مشاكل المواطن العادي وحياته وتطلعاته، وهذا ليس حراماً، لكنه الفن الحقيقي. هل تعتقد أن البعض يعمد الى إطلاق إشاعات عنك؟ - هناك مصالح شخصية، وراء هذه الاشاعات، وغنائي من النوع الهادئ، وفي فترة من الفترات كان من يغني هذا اللون يشتم ويهان، وأسألوا في هذا المطرب الكبير هاني شاكر في حفلة "نادي الشمس". وقدمت الغناء الهادئ في البومين "نفسي" و"ضميني"، ثم قدمت اسلوباً اقوى "قول يا ألم قول" و"يا غربة" وغيرهما، فرأى المغرضون أن ذلك سيضر بهم، ووصلت الأمور الى أن البعض دفع اموالا لمصوري الحفلات التلفزيونية التي تذاع على الهواء ليعرقلوا ظهوري، وأنا الوحيد الذي استمر محافظاً على لونه الغنائي وسط الهوجة الغنائية، ولم أخش أحداً، لأنني احترم نفسي وفني وأخاف الله، ثم جاءت إشاعات الاعتزال والدروشة وغيرها، ولو اعتزلت فلدي القوة والصراحة لأعلن اعتزالي بنفسي. هل فترة ابتعادك كانت لإعادة ترتيب أوراق؟ - ممكن.. في تلك الفترة قرأت كثيراً في الدين لكي اعرف ديني، ومن هذا المنطلق بدأت أحسب قيمة نجاحي دينياً. وابتعدت عن الأماكن التي تبيح اشياء حرمها الله مثل الخمر في الملاهي وغيرها، وأنا أحب الفن وهذا ليس حراماً، ولابد أن يكون له هدف ورسالة وتأثير على المستعمين. من هذا المنطلق بدأت أعيد ترتيب أوراقي. حاول البعض أن يوقع بينك وبين عمرو دياب.. فلماذا هجومك عليه؟ - عمرو دياب فنان محترم، وإذا كنت أقول إنني لست عمرو دياب فهذا لا يعني أنني أهاجمه، ولكن البعض استغل ذلك وحاول الوقيعة، فقال عمرو إنني لست إيمان البحر، ما اقصده هو أن لكل منا لوناً غنائياً معيناً، وجمهوره الذي يحبه، وهل الاختلاف في الرأي يعني أننا عدوّان. كل إنسان يختار الشكل الذي يناسبه، وأنا أحب الشكل الكلاسيكي الهادئ. هاجمت الراحل عبدالحليم حافظ أيضاً؟ - طوال عمري أحب الراحل عبدالحليم حافظ، لأنه علامة من علامات الطرب المصري الأصيل، ولم أهاجمه على الاطلاق، بل رفعت دعوى قضائية على الصحافي الذي كتب كلاماً خطأ على لساني وهو "أن صوت عبدالحليم حافظ خسارة، لكن هذه الخسارة لا يتوقف عندها الكون"، وكسبت الدعوى. لماذا اعتذرت عن عدم المشاركة في حفلة "ليالي التلفزيون"؟ - لم أعتذر، كنت مصاباً بنزلة برد، فاتصلت برئيسة التلفزيون السيدة سهير الاتربي، واعتذرت لها، وأتمنى أن أشارك في هذه الليالي قريباً وبشكل لائق وجيد. منذ فترة طويلة لم نسمع منك إعادة لأغنيات جدك سيد درويش.. لماذا؟ - لا أنكر أن سيد درويش هو سبب شهرتي بأدائي أغنياته وألحانه، ولكن كان لابد من لون يميزني، ثم أن سيد درويش لم تُعرف قيمته بعد، لأن المشتغلين بالموسيقى يصرون على تجاهل القمم الفنية في مصر ومنهم جدي. ويكفي أن الراحل رياض السنباطي قال عنه "لا يلقب بموسيقار إلا سيد درويش، وكلنا نلعب في فناء بناه ولم يضع أي منا طبقة فوق هذا البناء". ما رأيك في نجاح المطربين العرب في مصر؟ - لا أنظر إلى هذه المسألة من زاوية ضيقة، فكل مطرب عربي أخ للمطرب المصري. كلنا يسير في طريق واحد، لكن لكل منا اسلوبه الخاص، والتنافس هنا شريف، وليست له مقاصد مغرضة، ومازالت ساحة الغناء المصرية بخير بفضل مطربيها، ولم يسحب من تحت أقدامهم البساط. ما رأيك في هاني شاكر ومحمد منير والحلو ونجاة وحكيم؟ - أكن الاحترام لكل مطربينا ومطرباتنا، هاني شاكر له أغنيات جميلة، لكنه ينجح في حفلات ويجانبه النجاح في حفلات أخرى، وأقول له حافظ على نجاحك، فأنت موهبة. محمد منير، يتجه الى الموسيقى الغربية، وأنا أحبه جداً كإنسان لكني مختلف معه في شكل التنفيذ الغربي، وهذه مسألة أذواق. محمد الحلو، أجمل صوت، أحبه جداً، فقط ينقصه الاختيارات. نجاة.. الله يكون في عونها، لأن الشكل القديم اصبح بعيدا كل البعد عن الساحة، وهي من أكثر الاصوات حساسية، لأنها تتميز بالصدق الشديد في الإحساس في زمن لا يقدر هذا الشكل من الغناء، وليس العيب فيها، ولكن في المتلقي الذي تلوث سمعه. حكيم.. شعبي جميل، لا يتعارض وجوده مع الآخرين، اختار له شكلاً مميزاً ونجح فيه مثل شكوكو واسماعيل ياسين ومحمد رشدي والعزبي وعدوية. لماذا لم تكرر تجربة الغناء للأطفال؟ - سأكرر هذه التجربة اللذيذة من أجل الاطفال ولا سيما بعدما حقق ألبومي الأول لهم "يا وابور الساعة اتناشر" نجاحاً ملحوظاً، وقد اتفقت مع شركة "صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات" على انتاج الألبوم الجديد، الذي سيتم تصويره فيديو كليب، وأبحث حاليا في تراث جدي سيد درويش عن أغانٍ للاطفال كي اقدمها في هذا الألبوم. وما امنياتك؟ - أن تنعم مصر بالأمن والتقدم، وأن تعيش الأمة العربية في سلام وتقدم وأن اقدم اعمالاً تنال رضا الجمهور وأن تبتعد عني الاشاعات. أغنيات جديدة المسيرة التي اجتازها حتى الآن المطرب إيمان البحر درويش هي مسيرة فنان حقيقي وأصيل وصاحب صوت مميّز بل صاحب تجربة خاصة، شعبية وجادّة. ويكفيه أن يأخذ على عاتقه إرث جدّه شيخ الموسيقيين سيد درويش وأن يمضي في مغامرته غير آبه للعوائق والصعوبات. ولعلّ أغنياته الجديدة التي ضمتها أسطوانته "إحساس بريء" تؤكد مدى حضوره في الحركة الغنائية المصرية والعربية على السواء. وفي هذه الأغنيات لا يبرز فقط صوته الجميل ولا أداؤه الجيد والمتين بل مناخه الغنائي العام الذي أسسه بجهده ورصانته وإقباله على العمل ومثابرته. وفي هذه الأغنيات يعود إيمان البحر درويش الى الساحة الغنائية بقوة كما لو أنه لم يهجرها. أما الاشاعات الى أطلقت حوله فلم تنل منه ولا من غنائه ولا من تجربته ككل. صوت جميل وقويّ وإداء حافل بالجودة والبراعة والعفوية. وأغنيات سوف تلقى طريقها سريعاً الى المستمعين الذين ينتظرونها وينتظرون اطلالة صاحبها بكثير من الشوق. وكم بدا هذا الصوت متآلفاً مع الألحان التي صيغت بحسب مقاسه وقدراته وأصدائه.