بيروت - "الحياة"، ا ف ب - في العام 1994 عاشت وكالة "ناسا" تجربة فريدة هي مراقبة ارتطام كوكب المشتري، عملاق الكواكب السيارة في مجموعتنا الشمسية بمذنب ليفي شوماخر. "إنه يرتج كجرس هائل يُقرع بمطرقة قاسية"، لكن ذاك الذي ارتج وترنح، أي المشتري" هو كوكب عملاق يفوق حجمه الأرض بآلاف المرات. كيف يكون حال الكوكب الأزرق لو أن احدى المذنبات والنيازك التي تدور في "حزام الكويكبات" انطلق مرتطماً بها؟ نجم عن ارتطام المذنب ليفي شوماخر" طاقة تفوق مئات القنابل الهيدروجينية، وتلك طاقة تفوق بمرات ما يكفي لإحداث الدمار على هذا الكوكب. ويرى خبير المعادن الكونية في وكالة ناسا" مايكل زولنسكي" الوجه الآخر للتهديد الذي تحمله الصخور الفضائية، أي المساعدة على فهم النظام الشمسي، وانكب زولنسكي على تحليل "أحدث" النيازك وصولاً الى الأرض، الذي سقط في منطقة يوكون شمال كندا في مطلع العام الحالي، وثمة نظرية معروفة وضعها العالم الفرنسي لابلاس منذ قرن ونيف، لوصف نشوء نظامنا الشمسي، وربما النظم المماثلة له في الكون. فمن سحابة غبار فضائي لا يحوي سوى ذرات ومكونات أساسية، تتجمع ببطء وتتلاصق كمية من هذه المواد وتصبح نقطة لها وزن وثقل. وبفعل وزنها تأخذ في الدوران حول نفسها فتجذب مزيداً من المكونات اليها، وهذا ما يزيد في وزنها وبالتالي من سرعة دورانها وهكذا دواليك. وتتجمع كميات هائلة من المواد لتكوّن كرة ثقيلة دوّارة، ويؤدي الثقل العظيم الى انفجار هائل يشتعل فيه مركز هذه الكرة. تلك النقطة المشتعلة هي الشمس" أما باقي الكرة فيتوزع الى نقاط تجمّع هي الكواكب، التي تبقى في دورانها حول المركز المشتعل. يشبه الأمر ما يحدث لدى تحريك فنجان "نسكافيه" حيث سرعة التدويم تؤدي الى ظهور مركز دوّار، سرعان ما ينفرط الى مركز دوّار، ولدى وقف التدوير، تبقى معظم كتلة "الرغوة" في الوسط، لكن بعض الزبد يتجمع في كرات تبقى في دوران حول المركز، وتلك تشبه الكواكب السيارة. وظهر لاحقاً، وكأن احدى الكواكب قد "انفرط" وتوزع الى صخور، لكنها بقيت تدور حول الشمس. ذلك هو المنشأ المرجح أنه أصل "حزام الكويكبات" الذي يقع بعد المريخ، وهو مصدر للكثير من المذنبات والنيازك التي تصل الى الأرض. وبسبب هذا الجذر المشترك للكواكب والشمس والنيازك، فإن الخبير زولنسكي" يأمل في أن يساعد نيزك يوكون في فهم أصل وتركيبة النظام الشمسي. وبحسب بيان الحكومة الكندية" فإن زولنسكي يقدّر عمر النيزك ب5،4 مليار سنة، أي أنه يرجع الى فترة قريبة من بدء ظهور الشمس وكواكبها قبل حوالي سبعة مليارات سنة على الأغلب. ويركز زولنسكي أبحاثه على مادة كوندريت النادرة التي تحتوي على كثير من أشكال الفحم والمواد العضوية المتصلة بظهور الأشكال البيولوجية الحيّة. ويشير زولنسكي الى أن مادة الكوندريت الفحمية لا تشكل سوى اثنين في المئة من مجمل النيازك التي عثر عليها. وآخر مرة ظهرت الكوندريت في تركيب نيزك كان قبل 31 سنة. ويذكر أن نيزك يوكون سقط في الثامن عشر من كانون الثاني يناير المنصرم" وسمع دوي انفجاره في كولومبيا" وعثر منه على كيلوغرام واحد وتبين أنه شديد الغنى بمادة الكوندريت الواردة أعلاه.