تسعة عشر مسافراً تذكّر طريقهم الى القدس بطريق دمشق التي غيّرت القائد الروماني من عدو للمسيحيين الى بولس الرسول، المبشر الاول بدينهم. كان دنكان مكفرسون مقتنعاً بأن الاسرائيليين شعب شجاع يحارب العرب القساة الماكرين. واعجب مايكل برايور باقامة اليهود دولة وانعاشهم لغتهم القومية، وتابع في حرب الايام الستة عام 1967 تقدم اسرائيل "الصغيرة البريئة" ضد العرب "الضواري السلابة". لكن زيارة ماكفرسون الارض المقدسة واحتكاكه بالاسرائيليين والفلسطينيين جعلاه ينظم برنامجين لفرقة دبكة فلسطينية في بريطانيا واوروبا، ويساهم في اقامة توأمة بين هنسلو ورام الله والبيرة. وهو اليوم رئيس جمعية "اصدقاء جامعة بيرزيت" التي تدبر منحاً جامعية للفلسطينيين، ومدير جمعية "الحجارة الحية" التي تشجع العلاقات بين مسيحيي بريطانيا ومسيحيي الارض المقدسة. اما برايور فبدأ يشكك في تعيينه منذ رأى يافطات في منطقة يهودية في انكلترا ربطت النصر الاسرائيلي في 1967 بنبوءات التوراة التي علمته دراسة اللاهوت انها ارتبطت بزمنها لا بالمستقبل. زار اسرائيل وشهد "ظلماً مؤسسياً" للفلسطينيين، ولاحظ ربط الظلم والارهاب الاسرائيلي بالدين. وهو اليوم رئيس جمعية "الحجارة الحية" وهو تعبير يقصد مسيحيي الارض المقدسة الباقين فيها. تسعة عشر اكاديمياً ورجل دين وناشطاً في مجال حقوق الانسان بينهم سبع نساء من بريطانيا واميركا وكندا واستراليا ادلوا بشهادات عن خبرتهم الفلسطينية في كتاب "اتوا ورأوا: خبرات مسيحية غربية في الارض المقدسة". تؤكد الشهادات قدرة الغربيين المرنة على مراجعة ثوابتهم، وتحررهم من الحساسيات الدينية التي تمنعنا نحن حتى من الاشارة الى امثلة من تفكيرهم احياناً. هنا رجال دين لا يقبلون ان يعيشوا في العالم وهم ليسوا منه طبقاً لفصل المسيحية الايمان عن الامور اليومية، اي الحياة نفسها. قد لا يستطيع القارئ منع نفسه من التساؤل عن الدوافع الشخصية، لكن هل يحق للساخر ان يجرد الساعي الى الحقيقة والدفاع عنها من قيمة انجازه وصراعه، وعذابه ربما؟ قد نتساءل هل كانت رغبة الايرلندي مايكل برايور في مخالفة انكلترا ساهمت في تأييده الفلسطينيين استناداً الى قوله ان أبطال ايرلندا الحقيقيين هم أولئك الذين تحدوا الاستعمار البريطاني في بلادهم، لكن هل يمنع ذلك تقديرنا قوة من يقف مع الضعيف وامتناننا له؟ يستطيع برايور ان يكون رجل دين يمتحص رواية التوراة ويرى أنها ربطت وعد الله اليهود بالأرض فلسطين بالقضاء على سكانها الاصليين، أي بالتطهير العرقي الذي لم يكن شرعياً فقط، ولكن مطلوباً من الله! روايات التوراة، يقول، جرائم حرب وجرائم ضد البشرية وفق القوانين الدولية اليوم، لكن ميلاد المسيح في الأرض نفسها يطمئن المسيحيين إلى أن قوى السيطرة لا تبقى، فقصة الميلاد تصور الناس العاديين أبطالاً والحكام أبطالاً مضادين كأنها تطمئن المؤمنين إلى أن الأقوياء سينهزمون بينما يجد المظلومون في الله نصيراً لهم. يتناول المساهمون في "أتوا ورأوا..." زوال أوهامهم بعد زيارة الأرض المقدسة وتحديدهم المشاكل وبحثهم عن طريقة للمساهمة في التخفيف من حدتها، إضافة إلى رؤيتهم للمستقبل الذي يجب ان يوفر "السلام والعدالة لدولتين وثلاثة أديان" بحسب جانيت ديفيس. ستيفن سايزر يدعو إلى "سياحة مسؤولة" ويرى أن استمرار المسيحيين الاصليين أو "الحجارة الحية" هو القضية الأساسية الأولى التي تواجه منظمي رحلات الحج. وبينما يذكّر سايزر بقول الدكتور جورج كاري، رئيس اساقفة الكنيسة الانغليكانية ان كنيسته لا تريد المساعدة في صنع "ديزني وورلد مسيحية فارغة" يشكو وليم دالريمبل من هجرة المسيحيين الفلسطينيين الذين يشكلون اليوم اقل من ربع واحد في المئة من سكان اسرائيل والضفة. اليزابث بارلو الاميركية تلوم الجماعات الثلاث التي تعرّف الاميركيين الى المشاكل وتحضهم على العمل: المؤسسات الاكاديمية، الاعلام والكنيسة. والكاهن السكوتلندي كولن مورتون الذي باع حرفاً فلسطينية في كنيسة سان اندرو في القدس يشدد على التزام الدين قضايا المجتمع بطريقة تدفعه الى الامام لا الى الخلف على طريقة رجال الدين في الدول المتخلفة. They Came And They Saw Western Christian Experiences of the Holy Land Fox Communications And Publications 39 Chelmesford Rd, London E18 2PW, UK Tel: 020-8498 9768 جرت حفلة توقيع الكتاب في استقبال في مقر "الاهرام" في لندن، وذلك بدعوة من المفوض الفلسطيني في المملكة المتحدة السيد عفيف صافية ودار فوكس للاتصالات والنشر. وحضر عدد كبير من السياسيين والصحافيين والناشرين.