ابناء الشخصيات البارزة ثقافياً أو سياسياً أو اجتماعياً هل يحملون رسالة مماثلة لرسالة آبائهم او امهاتهم وللبيوت التي نشأوا فيها؟ أين يتشبهون وأين يستقلون؟ وكيف يرون المستقبل، الواقع؟ هذا ما نحاول تلمسه مع هشام ابن كاتب الدراما التلفزيونية أسامة أنور عكاشة. بدأ مشواره بخيار مختلف عن خيار أبيه، إذ اختار مجال الاخراج. وهو من مواليد عام 1964، وحاصل على بكالوريوس تجارة عام 1986، التحق بمعهد السينما وتخرج فيه عام 1991، وكان الأول على دفعته، بمشروع تخرج يحمل عنوان "حلم على ثلاثة" فضلاً على حصوله على شهادة تقدير عنه. عمل عكاشة مساعد مخرج لستة أعمال سينمائية، مع محمد النجار وعاطف الطيب وعادل عوض ومحمد عبدالعزيز. وكان من أبرز هذه الأعمال "كتيبة الأعدام" و"الهجامة" و"كريستال" و"دماء على الاسفلت" و"تحت الصفر". وعمل مساعد مخرج لنحو 12 مسلسلاً من بينها "ما زال النيل يجري" مع محمد فاضل و"ابو العلا 90" و"النوه" مع ابراهيم الصحن و"بوابة الحلواني" بجزأيه. التقته "الحياة" وكان الحوار التالي: أخرجت سهرة تلفزيونية لأبيك تحمل عنوان "أرابيسك"؟ - نعم ولكنها لم تُذع بعد، وما أتمناه حقيقة أن أُخرج فيلماً روائياً طويلاً للاستاذ اسامة انور عكاشة، لا سيما مع ما يتردد عن أنه يتفوق في كتابة الدراما التلفزيونية أكثر من السينما. وكيف تحقق حلمك بإخراج العمل الأول من تأليف أبيك؟ - كنت الأول على دفعتي، وكانت لجنة التحكيم من خارج المعهد، وخارج نطاق الشك والمجاملة، أذكر من اعضائها الاستاذ صلاح ابو سيف والاستاذ محمد راضي. بعد ذلك وفي القنوات المتخصصة كانوا يريدون انتاج أفلام قصيرة، وقرروا استثمار الطاقات الجديدة من خريجي المعهد وكنت من بينهم. ومن بين هذه القنوات "قناة النيل"، في ضوء فكرة نادى بها والدي هي ان يتبنى كل كاتب مجموعة من المخرجين سعياً لتفريخ جيل جديد. وتحمس رئيس مجلس إدارة المدينة الإعلامية السيد عبدالرحمن حافظ وبدأ والدي بأربع سهرات رشحوا لها أربعة مخرجين كنت أنا واحداً منهم، وألفت نظرك ان والدي لم يوافق على اسناد سهرة لي لإخراجها إلا بعد مشاهدة فيلمي، وانجزت هذه السهرة بتكنيك سينمائي لأنني أرى أن الفيديو إن لم يتطور سينتهي. ما الاستفادة التي خرجت بها كونك ابن أحد أشهر كتّاب الدراما العرب؟ - هناك عاملان أثرا فيّ، الأول باعتبار أن والدي كاتب قصة في الأساس وكاتب دراما ثانياً، فمن الطبيعي ان تكون لديه مكتبة، الأمر الذي غرس فيّ رغبة ملحة وفضولية في القراءة، ومن خلال قراءتي بدأت استشعر ما في داخلي من ميل لم استطع ان اقف على طبيعته في البداية، وجاء العامل الثاني حين كان عمري 14 عاماً حين شاهدت مسلسل "وقال البحر" للاستاذ اسامة من اخراج الاستاذ محمد فاضل، فوجدتني منبهراً به، فبدأ ما في داخلي يتخلق ويأخذ شكل خواطر على الورق. وماذا كان رد فعل والدك حين استشعر هذا الميل؟ - لم يكتشف ذلك معي، فأنا الذي اكتشفته، ولم أبح به لأحد، وظل أسيري إلى ما بعد دراستي الثانوية، حتى ان والدي لم يتدخل في اختياراتي الجامعية، فالتحقت بكلية التجارة، وبعد انتهاء دراستي الجامعية عبرت له عن رغبتي في الالتحاق بالمعهد العالي للسينما فرحب بذلك، غير أنني اختبرت رغبتي جيداً اذا ما كان سبب التحاقي بالمعهد سببه انني ابن اسامة انور عكاشة أم لرغبة حقيقية، ولما تيقنت انها رغبة حقيقية لم اتراجع عن القرار. عدد من ابناء المشاهير، على رغم ان المناخ الذي احاط بنشأتهم كان وراء ميلادهم كمبدعين، إلا أنهم كانوا يعانون من التخلص من ربط الناس موهبتهم بموهبة آبائهم. فماذا حدث معك؟ - الأمر يختلف معي نسبياً، فأنا عرفت منذ البداية ان موهبتي في الاخراج أكبر من التأليف، واختياري الاخراج يتوافق وميولي الحقيقية، وكان ميلي للتعبير التشكيلي والبصري أكثر، ولم يخل اختياري الاخراج من قصدية البعد عن طبيعة مجال والدي، ولكن بنسبة ضئىلة جداً. بالاضافة الى المناقشات التي كانت تدور بينك وبين والدك، هل كانت هناك مظاهر أخرى لهذا المناخ؟ - فعل والدي ذلك بشكل ذكي، فنحن بطبيعة الحال نشاهد الأفلام والأعمال الفنية معاً، وكانت تدور مناقشات اخرى خلقت في داخلي الحس النقدي، لا سيما كيفية النقد الفني، كما أنني لا أنفي بعض الاختلافات في وجهات النظر، لكنها من النوع الذي يعبر عن اختلاف الاجيال. قلت إن البعض يأخذ منك موقفاً مسبقاً لمجرد انك ابن اسامة انور عكاشة، والبعض الآخر يتعاطف معك للسبب نفسه، فما موقفك من الفريقين؟ - تندهش لو قلت انني أقف موقف المتحدي من الفريقين، وأضرب بما يتعالى من همس عرض الحائط واخرج عملاً لوالدي، والمحكّ الذي سيخرجني من هذا هو عملي، وأقول للفريقين اجلوا أحكامكم حتى تشاهدوا أعمالي، لأن عملي هو المعيار الحقيقي. باعتبار ان الفن ليس منفصلاً عن المجتمع، ما أولى القضايا الملحة التي تريد ان تعبر عنها؟ - نحن جيل خرج في ظروف سينمائية سيئة، ولا نعمل من أجل هدف واضح، وأعرف الكثيرين من جيلي ممن لم يجدوا فرصتهم بعد، كما ان القائمين على صناعة السينما لا يستفيدون من هذه الطاقات التي لو كانت ظهرت في ظروف أحسن، لأثبتت كفاءتها ولشكلت تياراً سينمائياً جديداً، لذلك فإن أول ما أريد التعبير عنه هو هموم هذا الجيل من الشباب الذي يعرف ان حلمه لن يتحقق قبل أن يحلم.