في أول عرض قوة للتيارات الاسلامية إزاء حكومة رئيس الوزراء المغربي عبدالرحمن اليوسفي، شهدت مدينة الدار البيضاء أمس أكبر تظاهرة تعرفها المغرب منذ مسيرة التضامن مع الشعب العراقي في العام 1990. وهدفت التظاهرة التي شارك فيها أكثر من 200 ألف وفقاً لتقديرات أولية الى الضغط على الحومة لحضها على معاودة النظر في تنفيذ خطة في شأن أوضاع المرأة. وعلى رغم ان تنظيمات غير حكومية طلبت من السلطات الترخيص لها لتنظيم التظاهرة، إلا أن التيارات الاسلامية، وخصوصاً ناشطي جماعة "العدل والاحسان" التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين، وحزب "العدالة والتنمية" الذي يقوده الدكتور عبدالكبير الخطيب شاركوا بقوة في تظاهرة الدار البيضاء. وسار قياديون في العدل والاحسان وبينهم السيدة نادية ياسين كريمة الشيخ عبدالسلام ياسين في مقدمة المسيرة. وقالت السيدة نادية ل"الحياة" ان التظاهرة "تعكس رفض المجتمع المغربي لمضمون الخطة الحكومية". ودعت الى "الاحتكام الى الشريعة الاسلامية في هذه القضية، ولا بديل غير النهج الاسلامي للنهوض بأوضاع المرأة وفئات المجتمع كافة". وردد المتظاهرون شعارات في مواجهة خطة الحكومة التي تتهمها التيارات الاسلامية بالانحراف عن نهج الشريعة، خصوصاً لجهة التركيز على مدونة الأحوال الشخصية في جانبها المتعلق بالطلاق ورفع سن الزواج وقضايا الإرث. غير أن مصادر ديبلوماسية رأت ان تظاهرة الدار البيضاء التي جابت أكبر شارع في المدينة في تنظيم محكم كان يؤطره المنتسبون الى التيارات الاسلامية تأكيداً لحضور هذه التيارات. وكان قياديون في حزب "العدالة والتنمية" اجتمعوا قبل يومين مع قيادة حركة "العدل والاحسان" المحظورة لترتيب التظاهرة والحؤول دون انفلاتها، لكن خلافات حصلت إزاء مضمون الشعارات. وتعتبر تظاهرة الدار البيضاء أول خروج علني لحركة "العدل والاحسان" منذ توجيه مرشد الجماعة الشيخ ياسين رسالة الى المراجع الرسمية في البلاد. وأثارت الرسالة جدلاً سياسياً وقانونياً وصل الى حد بروز مطالبات بمتابعته قضائياً. الى ذلك تظاهر عشرات الآلاف من النساء والرجال الذين يؤيدون خطة الحكومة في الرباط، ونظموا مسيرة جابت الشوارع الرئيسية. ويعتقد أن تنظيمات غير حكومية عدة كانت وراء التظاهرة، وأعلنت أحزاب الائتلاف الحكومي، وخصوصاً التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي والاستقلال مساندتها لتظاهرة الرباط. وانضم شبان عاطلون من حملة الشهادات الجامعية الى تظاهرة الرباط التي توقفت أمام مبنى البرلمان ورددت شعارات تطالب بالاصلاحات الشاملة، خصوصاً في قطاعات التعليم والعمل ومناهضة التهميش والعنف ضد النساء. وبدا ان الموقف حيال خطة الحكومة لادماج المرأة في التنمية فجر تناقضات في الائتلاف الحكومي خصوصاً أن حزب "العدل والتنمية" الذي أعلن مساندته لحكومة رئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي اختار الانحياز الى التيارات الاسلامية المناهضة للخطة. وعزت مصادر مطلعة الموقف الى كون الحزب يضم مجموعات كانت محسوبة على التيارات الاسلامية قبل أن تنضم الى حزب "الحركة الدستورية" الذي تحول في مؤتمره الأخير الى حزب "العدالة والتنمية". وبدا أن من شأن تداعيات مسيرتي الدار البيضاءوالرباط أن تقلب الكثير من المعادلات السياسية في البلاد.