في هذا البروفيل الذي تكتبه الروائية شوشا جوبي، يقدم الكاتب الألباني اسماعيل قدري شهادته على قرن من قمع الحرية والإبداع ويشن هجوماً عنيفاً على الامبريالية والشيوعية اللتين أفضتا إلى تغيير خارطة العالم وتحويل مسار حياته. إسماعيل قدري 1936 أسطورة ألبانيا المعاصرة التي تؤرخ وتؤرق طغيان الديكتاتورية كما تحتفي بالبسطاء والمقهورين الذين لم ينصاعوا للطغاة وناضلوا من أجل فضاء أرحب من الحرية، هو عميد الرواية الألبانية رائعته "جنرال الجيش الميت" 1963 أول رواية حقيقية في ألبانيا، وله ما يناهز الثلاثين كتاباً في الرواية والشعر والمقالات والذكريات. ذات يوم إبان المفاوضات التي جرت في شاتوه دي رامبوييه قرب العاصمة الفرنسية بين الألبان والصرب، زار قادة وفد كوسوفو اسماعيل قدري طالبين نصيحته في ما يتعلق بالعروض النهائية، وخلال احتسائهم الشراب، تبادلوا الآراء والضحكات والتقطوا بعض الصور ثم غادروا، في اليوم التالي وقعوا الاتفاقات، والتي رفضها الصرب في النهاية. نحن على دراية بالمأساة التي تلت ذلك: "إن هذا الأمر يفصح عن أهل كوسوفو المتحضرين، أن ممثليهم اختاروا استشارة كاتب، بدلاً من سياسي أو جنرال، وعملوا بنصيحته"، هكذا يعلق قدري وهو يظهر في الصورة التذكارية - أربعة رجال يحيطون بالكاتب، وترتسم على وجوههم الابتسامات للكاميرا. "قلت لهم أن يوقعوا، وإلا سيشتركون في تحمل مسؤولية هذه الحرب الضروس. وبعد أن وقعوا بحسن نية، اثبتوا للعالم أن سلوبودان ميلوشيفيتش هو الذي أشعل هذه الحرب وحرض على ارتكاب هذه المجزرة الجماعية". في عمله "راسيللاس، أمير أبيسنيا"، زعم الروائي الإنكليزي صموئيل جونسون أن الشعراء "مشرعو الإنسانية"، وفيما بعد رد عليه الشاعر شيلي أن "الشعراء هم مشرعو العالم غير المعترف بهم". هذان الرأيان يشجعان على أنه في بعض بقاع الأرض لم يزل في وسع الكتاب أن يقودوا السلطة ويؤثروا في الأحداث الجسام. كتاب قدري الأخير "ثلاث مراثي لكوسوفو" صدر في فرنسا واستقبل باحتفاء ملحوظ. أنه يحكي قصة معركة كوسوفو الشهيرة في 1389 عندما اشتبكت عدة ممالك بلقانية في قتال مع الأتراك العثمانيين. استمرت المعركة يوماً واحداً، غير أن السلطان مراد الأول قتل وبعدها رحل الأتراك. مهمومين للغاية بتيمور لنك والغزاة الآخرين من الشرق، وعاد الأتراك بعد 150 عاماً، فاجتاحوا دول البلقان ومن بينها اليونان، ومكثوا حوالى 400 سنة. في كتاب قدري، وصف للمعركة عن طريق ثلاثة رواة - تركي وصربي وألباني - في ثلاثة أقسام وجيزة. ومن ذلك الحين، ولسبعة قرون، ظل الصرب والألبان يتقاتلون على كوسوفو: "من يملك هذا السهل اللعين، كوسوفو بولجي" سهل الشحارير كما يسمونه، ذلك السهل الذي نشب عليه النزاع؟ تساءل أحد الرواة الثلاثة: "في الذكرى المئوية السادسة للمعركة تحديداً في 1989، استهل ميلوشيفيتش المذبحة الأولى لشعب كوسوفو كما استهل تشظي يوغوسلافيا". قال إسماعيل قدري مرة أن للكاتب عمرين: أحدهما عمره الطبيعي، والآخر صيته الذي يحيا وفق مقياس زمني آخر. ولقد وصل صيت قدري الى الغرب في عام 1970، لما نشرت ترجمة روايته "جنرال الجيش الميت" في فرنسا، مثيرة زوبعة في الأوساط الأدبية الفرنسية. إنها تتناول قصة جنرال إيطالي يمضي في مهمة صوب ألبانيا بعد الحرب العالمية الثانية كي يسترد جثث الجنود الطليان ويعيدها إلى إيطاليا للدفن. تم الاحتفاء بها كرائعة، كما تمت دعوة مبدعها لزيارة فرنسا حيث استقبله المثقفون الفرنسيون كصوت جديد قوي من وراء "الستارةالحديد" بتعبير ونستون تشرشل. لم يحدث قط منذ "دكتور زيفاغو" لباستنراك أو "يوم من حياة إيفان دينيسوفيتش" لسولجنتسين أن أحدثت رواية مثل هذه الضجة. وتم انتاجها سينمائياً ببطولة الفنان الايطالي الراحل مارتشيللو ماستروياني وألهمت في ما بعد المخرج الفرنسي برتران تافرنييه في فيلمه الروائي "الحياة ولا شيء آخر" 1989. ومنذ ذلك الحين ترجم نتاج قدري الغزير - حوالى 15 عملاً روائياً، وعدد من مجموعاته الشعرية والدراسات والمقالات - إلى أكثر لغات العالم ذيوعاً، وتم ترشيحه الى نيل جائزة نوبل مرات عدة. قورن قدري بغوغول وكافكا وأورويل. صوته أصيل لا تشوبه اصداء الآخرين، صوت عالمي متجذر عميقاً في تربته في آن واحد. مهموم بوطنه - في إقليم البلقان العتيق، المنطقة الثالثة في جنوب أوروبا قرب ايطاليا واليونان. يتحدث بنبرة تنبؤية عن "الأدب العالمي العظيم" الذي يعد وطنه الروحي: "قادني الأدب إلى الحرية، وليس إلى الدرب الآخر". إن بلداً صغيراً وقصياً أنجب كاتباً وشاعراً في مكانة قدري لهو أمر يضيف ثقلاً الى ايمانه بأن ألبانيا تنتمي إلى التيار الرئيسي للثقافة الأوروبية: "قلت لأعضاء وفد كوسوفو: تناسوا العرق، تناسوا الديانة، أنتم جزء من هذه الحضارة الأوروبية، ومن الموروث الأوروبي للحرية. هذا ما تحاربون في سبيله". ولد إسماعيل قدري ونشأ في ججير وكاسترا، وهي مدينة عريقة فاتنة جنوبالبانيا، مسقط رأس أنور خوجا، ديكتاتور ألبانيا الشيوعي: "عند نهاية الحرب، مرت القوات الدخيلة عبر المدينة - قوات إيطالية ويونانية. وكانت المدينة قد تعرضت للقصف الألماني بالقنابل. كان عرضاً متواصلاً ومثيراً بالنسبة الى طفل". درس قدري التاريخ والأدب وفقه اللغة في جامعة تيرانا وقضى ثلاث سنوات في إعداد دراساته العليا في معهد غوركي في موسكو". "جنرال..." كانت روايته الأولى، نشرت عقب عودته إلى ألبانيا في 1962، عندما كان في السادسة والعشرين: "قرأت مسرحية "ماكبث" بنهم وأنا بعد في الحادية عشرة"، قدري يسترجع ذكرياته. "صعقتني كما البرق، فما كان مني إلا أن نسخت كل حرف منها. في فترة لاحقة اكتشفت الكلاسيكيات الإغريقية، وبعد ذلك ما من شيء وسعه أن يسيطر على روحي. وعيت أن ثمة أدباً عالمياً عظيماً لا يمكن لأي شيء أن يتلفه أو يشوهه. لذا عندما التحقت بمعهد غوركي الذي كان آنذاك مصنعاً لتفريخ كتاب الحزب ذوي الموهبة الضحلة، كنت محصنا بالفعل - فما كان يحدث في إليسنور أون قرب أسوار طروادة كان اكثر واقعية بالنسبة اليّ من الابتذال المفرط لروايات الواقعية الاشتراكية. قرأت غوغول وبوشكين، و"بيت الأموات" لدوستويفسكي، وفي فترة لاحقة قرأت أورويل وكافكا. كان هؤلاء الكتاب محظورين في ألبانيا، لكنني تمكنت من العثور على مؤلفاتهم عندما سافرت إلى الخارج. ان ما حدث في الدول الشمولية كان أسوأ بكثير من أي شيء ابتدعه الأدب". "أدركت أني كنت بإزاء ثلاثة خيارات: إما أن أصير ملتزماً، وأقلع عن الكتابة، أو أكتب كما لو كنت حراً. واخترت الخيار الأخير. كتبت "المدينة بلا شعبية"، وهي قصة محتالين أدبيين لمست تلك القصة المشكل الجوهري في صميم الشيوعية: التحريف أو التزييف. وقد تم نشرها كقصة قصيرة في تيرانا وسرعان ما فرض الحظر عليها على الفور. أما رئيس منظمة "الكومسومول" الشباب الشيوعي الذي زكاها فزج به في السجن لخمسة عشر عاماً. نجاح "جنرال" قدري في الخارج جعل حياته عصيبة في وطنه. هاجمه النقاد الرسميون بضراوة - أين كان الفلاحون المبتهجون والعمال الذين منحتهم الدولة علاوات مجزية، أين التفاؤل في شأن المستقبل الباهر؟ كان كتابه ينضح بالكآبة، مترعا بالوحل والمطر، بالجثث المتعفنة والبطولة الزائفة. من ذلك الوقت، وظف قدري مجموعة منوعة من الوسائل الأدبية - الأمثولة، الهجاء، الاساطير والسرد التاريخي - لكي يتوه الرقباء القساة المناصرون للطاغية خوجا: "توهم أنور خوجا نفسه شاعراً ومثقفاً درس في السوربون، ولم يرد أن يراه الناس كعدو لدود للكتاب. بالطبع كان بمقدوره قتلى في حادثة سيارة أو عن طريق الانتحار، كما فعل مع آخرين كثيرين". ثم تتابعت ثلاثة عقود من ممارسة لعبة القط والفأر المميتة مع الديكتاتور، وفي غضون ذلك، نُشرت كتب إسماعيل قدري وفرض عليها الحظر في المقابل، ونصب عضواً في البرلمان ذات يوم، ونفي إلى منطقة بعيدة. وبالكاد نجا من محاولة لاغتياله في 1975 حينما اكتشف موظف حكومي قصيدته الهجائية "الباشا الأحمر" وأبلغ عنه السلطات. "اغتيل الشاعر الروسي الكبير ماندلشتام في معتقل الغولاغ اثر إهانة مماثلة لستالين، كما يلاحظ كاتبنا، إلا أن قدري لم يرغب في أن يستأصل نفسه بتركه بلده وانضمامه الى الغرب، فعوضاً عن ذلك أرخ على أساس زمني لأعوام الشيوعية والدكتاتورية المظلمة في روائع مثل الهرم 1992، الحفلة الموسيقية 1988، قصر الأحلام 1980، موكب الزفاف تحول الى ثلج 1980، الشتاء العظيم 1977، العرس 1968، مدونة في الصخر 1971. "كلما سطرت كتاباً، راودني إحساس طاغ بأني كنت أغرز خنجراًَ في الديكتاتورية. كان كل أمرئ على علم أني معادٍ لنظام الحكم، والحقيقة أن الحكومة لم تستطع إدانتي. لقد منحت الآخرين الشجاعة. تلك هي وظيفة الأدب الأساسية: الحفاظ على المشعل الأخلاقي". غادر قدري ألبانيا في 1990 واستقبل بحفاوة في فرنسا كضيف رفيع المقام: تلقيت ذات يوم خطاباً من رامز عاليا، الذي خلف خوجا في 1985، ذكر فيه الحزب الشيوعي ثلاثة وعشرين مرة. أدركت أن وقت رحيلي قد حان. كان ثمة صراع بين الديموقراطية والديكتاتورية، وظننت أن مغادرتي قد تساعد قضية الديموقراطية. كنت في فرنسا في مناسبة صدور "قصر الأحلام" حيث أدليت بتصريح عام تناقلته وسائل الإعلام على نطاق واسع ولعب دوراً حاسماً في صالح الديموقراطية. بعد تقويض الشيوعية، أراد الشعب الألباني أن يصبح قدري أول رئيس لهم ينتخب على أساس ديموقراطي، تماماً مثلما الكاتب المسرحي فاتسلاف هافيل الذي صار رئيساً للتشيك ولم يزل. غير أنه رفض: "لم أتردد ثانية واحدة. كانت حالتي مختلفة عن حالة هافيل، إذ أردت أن أظل كاتباً حراً". إسماعيل قدري نحيل وخجول. حلته الدكانة الأنيقة ونظارته العريضة تؤكدان تعبيره الجاد، صوته العميق ونبرته القوية ملطفتان بكياسته، ابتسامته حاضرة. عندما يسترخي، يفصح قدري عن حسه القوي بالدعابة ويضحك من صميم قلبه على سخافات الإنسان. يسكن في باريس مع زوجته وابنته الصغرى في شقة واسعة ساحرة. شقته هذه المشرفة على حدائق لوكسمبورغ تخص الأكاديمية الفرنسية. وهو عضو فيها منذ 1996، منح وسام الشرف الفرنسي، والآن في حادثة غير مسبوقة لتحيته، يطبع ناشروه الفرنسيون أعماله الكاملة في ستة مجلدات، بالفرنسية والألبانية. وظهرت بالفعل مجلداته الثلاثة الأولى. منذ انهيار الشيوعية توقف بعض كتاب أوروبا الشرقية عن الكتابة، كما لو أنهم فقدوا موضوع كتاباتهم وسبب وجودهم أيضاً. غير أن قدري أبدع منذ ذلك: "طيف"، رواية عن شبحين يعودان إلى عالم ما بعد الشيوعية، ومجموعة شعرية، ومقالات، فضلاً عن رائعته "ثلاث مراثى لكوسوفو". بالنسبة إلى الكاتب، ليست الحرية الشخصية ذات شأن كبير، هكذا يقول إسماعيل قدري. "ليست الحرية الشخصية ما يضمن عظمة الأدب، والا كان الكُتاب في الدول الديموقراطية أسمى مقاماً من غيرهم جميعاً. بعض الكُتاب الكبار كتبوا في ظل الديكتاتورية - شكسبير، سربانتس، ودانتي، وكان للأدب العالمي العظيم صلة مأسوية عسيرة بالحرية على الدوام. تخلى اليونانيون عن الحرية المطلقة وفرضوا النظام كالطغاة على اساطيرهم. ومن الناحية الأخرى، ما من أحد أجبر مكسيم غوركي على كتابة "الأم" في نيويورك عام 1905. كانت عبودية غوركي في رأسه هو. عمله القذر ذاك اغتال نصف كتاب أوروبا الشرقية، اذ صارت "الأم" موديلاً اضطر الجميع إلى محاكاته. في الغرب، لا تكمن المشكلة في غياب الحرية، فثمة أغلال أخرى، نقص الموهبة، آلاف الكتب عادية المستوى تنشر كل عام وتخنق بعض الكتب الجيدة". أزعم أن الكتابة صارت حرفة، على الكتاب أن يواصلوا الإنتاج لكسب الرزق. ماذا سيفعل إذا لم يكتب أي شيء إضافي؟ في البانيا، يأخذ التكافل مكان الضمان الاجتماعي، يقول قدري "الأسرة، الاصدقاء، الجيران، كل شخص يساعد حينما تستدعي الحاجة. من دون هذا الدعم، كان البقاء إبان عقود الدكتاتورية أكثر صعوبة. في الغرب". ترى هل أثر النجاح والشهرة في عمله؟: "ملقاً"، يرد قدري "فما يسميه الفرنسيون Les Mondanites حياة الرياء الاجتماعي مثيرة للسخرية. وأعرف أن عملي هبة إلهية، وليس في داخلي التواضع الزائف ولا الكبرياء البله". الكاتب في منفى على الدوام، وكاتبنا منفصل عن الآخرين "لكنني لا أشعر بأنني معزول، أسافر إلى ألبانيا مراراً، وفي خلال ثلاث أو أربع سنوات سأعود نهائياً، وربما احتفظ بمسكن موقت في باريس. في الوقت الراهن يروقني العمل في باريس، إنها أكثر هدوءاً، ثمة الكثير من السياسة في انتظاري إثر العودة إلى الوطن، يرغب الجميع أن أكون منغمساً، ومن الصعب ألا أكون كذلك". يكتب في مقهى قرب منزله مثلما فعل الكتاب الفرنسيون في فترة ما بعد الحرب. وعلى رغم أنه ترعرع في كنف أسرة مسلمة، غير أن قدري يرى أن الموروث المسيحي في ألبانيا أكثر عمقاً وأكثر غلبة: "اهتدى نصف السكان إلى الإسلام في عهد العثمانيين. لكن الكاثوليكية كانت أكثر تأصلاً. ونظراً الى قربها من روما، كانت ألبانيا تعد معقل الكاثوليكية في إقليم البلقان. كانت المسيحية سائدة أيضاً في الأدب، فالرهبان الكاثوليك كانوا فاعلين في المدن والقرى. كتب "مبادئ الحياة اليومية" في القرن السابع عشر. كتبها قسيس وهي وثيقة لافتة للنظر قورنت بالماغنا كارتا "صك الامتيازات العظيمة" البريطانية 1215، وتتناول هذه الوثيقة الحقوق المدنية والالتزامات الأخلاقية للسكان بالتفصيل: "المنزل يخص الرب والضيف، وأنت المالك الثالث. جريمة القتل العمد تعني أن يقتل المرء آخر بيده ذاتها، وأنه حالما يقتل القاتل شخصاً ما، يجب أن يخبر أسرة الضحية. وعلى النقيض، كان التأثير العثماني سطحياً - في الإدارة وأسلوب الطبخ والتجارة". يشعر اسماعيل قدري في رهافة بمحنة أبناء قومه - الأفقر في أوروبا - ويلوم الغرب على ما فعله بحق أنور خوجا: "صفح الغرب عن تيتو وساعد يوغوسلافيا، بيد أنه لم يصفح عن خوجا. عندما تخاصم خوجا مع الاتحاد السوفياتي في 1962، كان متأهباً لأن يرتد إلى أوروبا، لكنهم نبذوه. لذا عقد حلفاً قصير الأمد وعبثياً مع الصين، وعندما أخفق هذا التحالف، أنشأ خوجا الآلاف من صناديق البريد لمعارضة استخدام الاسلحة النووية، وأدرك وقتها أنها بلا جدوى، لكنه ود لو يحدث حالة من الاضطراب العقلي الناجم عن الخوف. ونتيجة لذلك، كابدت ألبانيا مدة أطول مما كابدته أي دولة أخرى في شرق أوروبا. إن تاريخنا مأسوي". منذ بداية تدخل الحلف في يوغوسلافيا، كان اسماعيل قدري فعالاً في منح دعم معنوي وعملي لأهل كوسوفو، بمقالاته في الصحف، وأحاديثه التلفزيونية والإذاعية، تزعم مسيرات وتظاهرات في باريس. لماذا مُنحت كوسوفو لصربيا كهدية بعد الحرب؟ يتساءل قدري "ما من أحد يجرؤ على طرح هذا السؤال. على رغم أن 40 في المئة من الألبان يعيشون في كوسوفو. لقد كان خطأ مأسوياً، وأضحت كوسوفو نموذجاً كلاسيكياً للاستعمار، أسوأ من جنوب افريقيا تحت نظام الفصل العنصري، عندما يستحضر الصرب معركة كوسوفو في 1389، يبدو الأمر كأن بريطانيا طالبت ببلجيكا بعد معركة ووترلو". يؤمن قدري بأن المساعي المشتركة بين الاميركيين والأوروبيين لوقف عمليات التطهير العرقي في يوغوسلافيا تماماً هي الحل الوحيد: "وافقت على قرارهم باستخدام القوة في أسى بالغ، والآن عليهم أن يستمروا إلى أن ينتهي الصراع ويعود اللاجئون إلى ديارهم بأمان". ماذا عن المستقبل؟ سأنهمك في إعداد أعمالي الكاملة، أنه عمل طويل ومضن.. تنقيح، تنقيح. المحرر الفرنسي أصر على أن ثمة تغييراً طفيفاً للغاية قد يحدث في الترجمة الفرنسية، لا أحسب أني سوف أكتب كثيراً في المستقبل" ترجمة: طاهر غانم عن "ذي ورلد آند آي" الأميركية.