لم تكد محطة تحويل الكهرباء الرئيسية في الجمهور الضاحية الشرقية الجنوبية لبيروت تلملم جراحها، بعد الضربة الاسرائيلية التي استهدفتها في 24 حزيران يونيو 1999، وتعود الى وضعها الطبيعي لتغذي مناطق جبل لبنانوبيروت بالتيار الكهربائي... حتى سقطت ب"الضربة القاضية" فجر امس. فقد أتت الغارة الاسرائىلية عليها كلها تقريباً، وجعلت 11 من محولاتها الضخمة، "خردة" سترمى خارجاً الى جانب 5 محولات احترقت في العملية السابقة، فضلاً عن أنها دمرت المنشآت المدنية الاخرى فيها وخلايا الحماية والتحكّم. في العاشرة صباح امس، كان لا يزال دخان الحرائق في المحطة يتصاعد من المحولات التي تحوّلت حديداً أسود، ودمّرت الى جانبي كل محوّل جدران الدعم التي لما يجف اسمنتها، بعد اعادة بنائها الصيف الماضي، وباشر عناصر فوج الهندسة في الجيش اللبناني رفع أنقاض المعدات المحترقة. وفرق الصيانة في المؤسسة أزالة الغبار والوحول والانقاض من مبنى مقر القيادة والساحة داخل موقع المحطة التي دمرت فيها سيارات عدة. وازدحم الشارع المؤدي الى المحطة، والذي تحوّل وعراً، بالسيارات العسكرية والمدنية. وجاء ركابها لاستطلاع الاضرار ومصير التيار، فضلاً عن حشد من المصورين الصحافيين والمراسلين من مختلف وسائل الاعلام المحلية والاجنبية. وكان المدير العام للمؤسسة جورج معوّض يستكمل استطلاعه الاضرار بعدما تفقدها بعد منتصف الليل حتى الفجر، وخصوصاً الاصابات البشرية التي اقتصرت على موظف واحد هو مخايل رمّوز كان يجري عمليات تكرير الزيت لمحوّل أنجز تركيبه بعد تصليحه، اذ احتاط الموظفون المناوبون في المحطة لاخطار غارات محتملة بعد تكرار اسرائيل تهديداتها بقصف البنى التحتية.وتفقد المحطة ايضاً وزير الموارد سليمان طرابلسي الذي اعلن ان "المحولات الاحد عشر أتلفت بالكامل". وقال "سنضع تقريراً تفصيلياً لتحديد الحاجات لكل المحطات، واصفاً العدوان ب"العمل الاجرامي". وأكد ان "التدمير كامل والوضع صعب"، آملاً "بتجاوزه". وطلب "عدم استباق الامور قبل وضع التقرير"، موضحاً ان "التدمير هو نفسه في محطتي ديرنبوح وبعلبك". ولم يكشف عن المدة التي تتطلبها اعادة التجهيز والتصليح "حتى لا يكون التصريح غير مسؤول". وعن إمكان استقدام المعدات من الخارج، قال طرابلسي "يمكن ان تكون في طريقها، ولكن هناك صعوبات وسنذللها". واعتبر ان "عملية التغذية من أماكن أخرى غير ممكن الآن"، موضحاً ان "في إمكان المهندسين ان يقوموا بمناورات لتمرير الطاقة على الشبكات والمحولات، وسيكون التقنين قاسياً". وقال معوض ل"الحياة" ان الخسائر في محطة الجمهور تقدّر بنحو 18 مليون دولار"، وان "11 محوّلاً احترقت كلياً وتحوّلت خردة وسنرميها في الخارج، ولا يمكن تصليحها هذه المرة، وهي 9 محولات للتوتر العالي 66/150 كيلوفولت ومحولا توزيع 11/66 و15/66". وأكد ان "المحطة ستبقى خارج الخدمة مدة لا تقلّ عن أربعة أشهر. وسنرى كيف يمكن ايصال الطاقة الى بيروت بعد معرفة الخطوط التي لا تزال تعمل. لذا، لا يمكن الحديث الآن عن برنامج محدد للتغذية. ويمكن تأمين جزء قليل من التغذية الى بيروت، لان الكاملة صعبة جداً. وأشار الى "تدمير خلايا الحماية 150 فولت والتحكم وكذلك تضرر مقر القيادة".