يحتفي مهرجان "البستان" للموسيقى الكلاسيكية هذا العام بمجموعة لافتة من الموسيقيين الشباب. تبدأ أعمال المهرجان في الأسبوع الأخير من شباط فبراير الجاري وتستمر حتى الأسبوع الأخير من الشهر المقبل. وستتاح خلاله الفرصة للقاء شبان وشابات لامعين في حقول موسيقية متنوعة، معظمهم دون الثلاثين. سلافا غريغوريان مواليد 1976 وصل الى ملبورن، استراليا، مع أهله وهو في الخامسة من عمره، ودرس الموسيقى على يد والده. وما أن بلغ الثامنة حتى بدأت موهبته تتوطد، فما هي سوى أربع سنوات، وهو في الثانية عشرة، وإذا به يقوم بدورة عالمية شملت أوروبا واليابان مع فرقة ماندولين. وفي الرابعة عشرة عزف وحده للمرة الأولى في سيدني وبدأ يحصد الجوائز، محلية وعالمية، كما بدأت تصدر اسطواناته الواحدة تلو الأخرى. وصفته نيويورك تايمز بالمؤدي الخارق: "ما يصلنا هو أداء غير عاديّ في تميّزه وسطوته، ولا نستطيع إلا مقارنته بجون ويليامس، التقنية ليست مهمة لديه، إنما الموسيقى، والتعبير والبسالة، تلك هي صفاته". عام 1997 صدرت اسطوانته الثانية "رقصة الملاك" وهذه وصفتها جريدة "إيج" الاسترالية: "العزف فيها عالي المستوى دائماً، انه يأخذنا الى قلب الموسيقى". وبعد ثلاث سنوات من الإقامة في لندن عاد سلافا الى ملبورن ليسجّل موسيقى كتبها خصيصاً له المؤلف البريطاني ويليام لافليدي وينفّذ مع والده على القيثارة "فصول" تشايكوفسكي المكتوبة أصلاً للبيانو. عام 1998 قلّده رئيس الحكومة الاسترالية وشاح فتى العام في مجال الفنون. إريك شومن مواليد 1982 واحد تلامذة البروفيسور ساكار برون في أكاديمية كولون للموسيقى، حاز عام 1994 أولى جوائزه ضمن مسابقة "موسيقى الشباب"، وفي العام التالي طار الى روسيا للفوز بلقب عازف الكمان الفتى، وفي 1997 قطف الجائزة الأولى في مهرجان بولندا للعزف على الكمان. ومذ ذاك وهو مدعو بلا انقطاع الى المهرجانات الدولية والمحلية في المانيا، بينها العزف أمام الرئيس الألماني في برلين وميونيخ ومشاركته في الأوركسترا الفيلهارمونية في ليبزيغ، اضافة الى حفلاته الخاصة في انكلترا وسويسرا والولاياتالمتحدة واليابان. وترافق إريك زميلته في الدراسة لدى برون، اليابانية ساياكا شوجي التي بدأت بدرس الكمان وهي في الخامسة من عمرها. وفي عامي 1988 و1993 قامت بأداء كونشيرتو لموتسارت في مهرجان كوساتسو، وفي العام التالي حصلت على أولى جوائزها لتلعب في العام 1995 مع الفرقة السمفونية في طوكيو كونشيرتو تشايكوفسكي، ما أدّى الى حصولها على أعلى منحة دراسية في أكاديمية شياغيانا حيث درست موسيقى الغرفة مع المايسترو أوتو أوغي والمايسترو ريكاردو برينغولا وحصلت على الديبلوم الذهبي والجائزة الأولى في المسابقة الدولية الثامنة لعازفي الكمان اليافعين. وكرّت السبحة: بولندا، الجائزة الأولى، لوسيرن، سالزبورغ، طوكيو مرّات عدّة. وفي الخامسة عشرة حصلت على الجائزة الأولى في مهرجان فيوتي والجائزة الأولى في المهرجان السادس والأربعين لباغانيني قبل أن تنتقل الى المانيا للدراسة والعزف في كولون. من كوريا الجنوبية ومواليد سيول، عازف آخر قدّم حفلته الأولى وهو في الحادية عشرة يدعى يونع ووك يو. في تلك الحفلة ظهرت موهبته الفذة وانهالت عليه المنح والفرص الدراسية التي انتهت بإرساله الى الولاياتالمتحدة، وبالتالي الى معهد جوليارد الشهير. ولم يتوقف يو عن قطف الجوائز والقيام برحلات شارك خلالها كبار الموسيقيين احتفالات وكونشيرتات، بينها عزفه المنفرد مع أوركسترا سيول الفيلهارمونية. وفي آب أغسطس 1998 حاز يو على الميدالية الذهبية في المهرجان الثالث عشر لبالوما أوشيا للعزف على البيانو، وقد حاز الميدالية بمجموع أصوات اللجنة التحكيمية. من هناك الى اسبانيا، والمانيا، وفرنسا، والبرتغال واليابان مشاركاً في أعمال الفرق الأكثر طليعية وتألقاً. وفي أمسية فريدة من نوعها يشترك عازف الكمان الشاب ماثيو ترسلر مع زووي ميثر عازفة البيانو ليقدما أمسية لندنية بالغة النضارة والوعد. من مواليد 1976 بدأ ترسلر دروسه على الكمان مع شيلا نيلسون، فما أن بلغ الثالثة عشرة حتى حاز على منحة دراسية في الأكاديمية الملكية للموسيقى في لندن، وبدأ يسجّل لنفسه نجاحات لامعة في سالزبورغ وروتردام وهلسنكي وبيرمينغهام. وفي أيار مايو 1998 رافق انسامبل أوركسترا باريس، ثم دخل في أوركسترا هالي في الشهر. والواقع أن ترسلر حقق صعوداً سريعاً قلّ نظيره لحيويته وقدرته على التأقلم مع متغيّرات الزمان والمكان، فها هو في غضون عامين يخترق استراليا ويترك بصماته في العواصم الأوروبية. وكتبت "هاي فاي نيوز" المتخصصة في النقد الموسيقي: "لديه نقاوة في الأسلوب وحس التماهي الشخصي مع الموسيقى بل لعله واحد من أفضل موسيقيي العصر". أما زووي ميثر التي درست في معهد يهودي منوهيم ومعهد غيلدهول للموسيقى والدراما وحصلت على جوائز ومنح دراسية في البيانو فهي الفائزة بجائزة عام 1991 لأفضل موسيقي شاب من البي.بي.سي. وعلى أثرها تلقت الدعوة للدراسة في أكاديمية موريس رافيل في جنوب فرنسا. حفلاتها تنقلها الإذاعات في بريطانيا، وهي تقوم بدورات مكوكية للعزف داخل بريطانيا وخارجها. فيتالي ساموشكو الحائز جائزة الملكة اليزابيث وجائزة الملكة فابيولا للعزف على البيانو هو من مواليد 1973 في كاركوف، أوكرانيا. حقق نجوميته منذ كان في العاشرة من عمره حين دفعته موهبته الى السفر خارج بلاده، وبدأت تتلقفه الأيدي المصفقة والحفلات الناجحة من مونتريال الى استراليا وأفريقيا عبر أوروبا والولاياتالمتحدة. وساموشكو واحد من العازفين الذين يحققون نجاحاً على المستويين الفردي والجماعي فهو يتمتع بمقدرة على السماع والتواطؤ مع أضخم الفرق ناهيك عن طاقته في السيطرة الفردية على المستمعين. كاترين فينش المولودة في مقاطعة ويلز البريطانية عام 1980 عازفة "هارب" من الطراز الرفيع، بدأت مذ كانت في السادسة من عمرها تدرس على يد إلينور بينيت، وانتقلت الى لندن وهي في السادسة عشرة للدراسة في معهد بورسيل على يد سكايلا كانغا، ثم انتقلت معها الى الأكاديمية الملكية للموسيقى. وقدّمت كاترين عدداًَ لا يستهان به من الحفلات الخاصة للراديو والتلفزيون وحازت جائزة العزف عام 1991 كما نالت الجائزة الثانية عام 1994 وهي لا تزل في الرابعة عشرة من عمرها. بعدئذ توالت جوائزها محلية وعالمية، وكانت من بين قلّة ممن دعوا للعزف في قصر باكنغهام لحفلة الميلاد الخمسين للأمير تشارلز، كما كانت عزفت للأميرة ديانا. وزيارتها الى لبنان هي الأولى لمنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. على آلة شيللو، من مواليد 1977، ناتالي كلين، هي أول بريطانية تنال جائزة "يوروفيجن" وذلك عام 1994 وكانت ناتالي قد شاركت العزف فرقة الفيلهارمونية الملكة وفرقة موتسارت اللندنية والفرقة الإنكليزية لموسيقى الغرفة والفرقة السمفونية لمدينة بيرمنغهام ناهيك عن فيلهارمونية لندن في مسرح باربيكان. كتبت عنها جريدة "أوبزرفر" عام 1998 "كلين تتمنع عن العزف الاستعراضي لكنها تعزف بعاطفة ونضج يفوقان عمرها". ومع أنها تدرس حالياً في فيينا مع هينريخ شيف فإن دوراتها تطاول الدول الأوروبية باستمرار. أخيراً لا آخراً سيلتقي جمهور "البستان" أصغر عازفة "هارب" محترفة في العالم اليوم: فاريا ايفانوفا المولودة عام 1987 في موسكو. كانت فاريا في السابعة من عمرها حين عزفت لهاندل في قاعة الكونسرفاتوار الكبرى، وعام 1994 حصلت على أولى جوائزها، وسترافق فاريا فرقة بريمو الليغرو التي ستعزف مقطوعات متنوعة من موسيقى الباروك حتى القرن العشرين مع تركيز خاص على الموسيقى البولندية. وهي تعتبر "معجزة" حقيقية في مجال العزف على ال"هارب" ومصدراً لإلهام كثيرات في مثل سنها ممن يقارعن تلك الآلة الكبيرة المليئة بالأوتار!