اقام البابا يوحنا بولس الثاني أمس في القاهرة قداسا بمشاركة اساقفة من طوائف مسيحية عدة، وبسبع لغات مختلفة في "جو مفعم بالتأثر والفرح". واحتشد حوالى عشرين ألف شخص على مدارج ملعب القاهرة حيث استقبلوا البابا بصيحات الفرح وهم يرددون باللغة الانكليزية "جون بول تو، وي لاف يو" يوحنا بولس الثاني نحن نحبك ويلوحون بمناديل من مختلف الالوان طبعت عليها صور البابا. ووصل البابا المصاب بمرض باركنسون، متكئا على العصا البابوية يجر ببطء اعوامه الثمانين. احتفل بالقداس وشارك في تقديم القربان للذين تقدموا للمناولة محاطا ببطريرك الاقباط الكاثوليك في مصر ستيفانوس الثاني غطاس و15 بطريركا واسقفا من الاقباط واللاتين والموارنة واليونان والارمن والسريان والكلدان الكاثوليك. واقيم القداس بسبع لغات تكريسا للمبدأ الذي تدخل في اطاره زيارة البابا للمنطقة وهو توحيد الكنيسة والحوار بين الاديان والطوائف والشعوب. وبعد اللغات العربية والقبطية والارمنية القديمة التي تكلم بها مختلف المشاركين في القداس، اعقبتها اللغة الفرنسية التي اختارها البابا لتوجيه ندائه من اجل التقارب بين المسيحيين. يشار الى معظم المدارس المسيحية في مصر، خصوصاً المؤسسات التربوية التي يديرها اليسوعيون تعتمد الفرنسية في دروسها. وتكلم مشاركون آخرون باللغات الانكليزية والايطالية والبولندية، اللغة الام للبابا يوحنا بولس الثاني. ونقل التلفزيون المصري مراسم هذا القداس على الهواء مباشرة. وأعرب البابا عن سعادته لزيارته مصر التي من على ارضها انتقلت رسالة عهد جديد من جيل الى جيل، بفضل الكنيسة القبطية. وقال البابا في خطاب إنه فيما يحتفل المسيحيون بمرور 2000 عام على ميلاد السيد المسيح كان من الواجب الحج الى الأماكن التي شهدت بداية تاريخ الخروج من العبودية. وأشاد البابا بمناخ الحوار والمصالحة الذي سيساعد على ايجاد حلول للمشاكل التي ما زالت تعيق "اتحاد الجماعة"، ونوه بتطور "الحياة الروحية والفكرية للكنيسة المصرية"، مطالباً بتذكر المؤسسين العظماء للكنيسة. ووجه بابا الاسكندرية الشكر الى بابا الفاتيكان لزيارته مصر التي زارتها العائلة المقدسة "حيث امتدت اقامتها فيها ثلاث سنوات ونصف السنة وشربت من ماء النيل"، كما ان مصر شهدت انشاء أول الاديرة في العالم حيث سبقت روما في هذا المجال. وقال إن مصر هي مركز الثقل في الشرق الاوسط وان الرئيس حسني مبارك لا يدخر وسعاً لإقرار السلام في المنطقة والدفاع عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين، فضلاً عن مناصرته لبنان. وأعرب البابا شنودة الثالث في كلمته عن الامل في ان يواصل البابا يوحنا بولس الثاني بذل مساعيه من أجل إقرار السلام في الشرق الاوسط وان تستمر جهوده من اجل القدس. وتمنى البابا شنودة للبابا يوحنا اقامة طيبة في مصر خلال زيارته التاريخية ووصفه بأنه رجل السلام والسياسة والدين الذي يحترمه الجميع. وزار البابا يوحنا شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي في مقر مشيخة الازهر، وبدأ اللقاء بجلسة ثنائية استغرقت خمس دقائق للتعارف ثم انضم اعضاء الوفدين الى اللقاء، ورحب شيخ الازهر بضيف مصر والازهر ومرافقيه في "قلعة العلم وقبلة المسلمين العلمية". وقال الامام الاكبر ان مصر "يعيش فيها المسلمون والمسيحيون منذ أربعة عشر قرناً اخوة متحابين تظلهم سماء واحدة وأرض احدة ويستنشقون هواء واحداً تجمعهم مصالح مشتركة ومتساوون في الحقوق والواجبات". وأشار شيخ الازهر الى ان الله تعالى أوجد الناس جميعاً من أب واحد وأم واحدة لقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، مشيراً إلى أن جميع الاديان التي انزلها الله تتفق في امرين اساسيين هما الاخلاص في العبادة لله تعالى، والتحلي بمكارم الاخلاق. و"ليتعاون الجميع على الفلاح والتقوى". ورداً على اسئلة الصحافيين عن قضية لبنان اكد شيخ الازهر ان لبنان في دمائنا وعروقنا واننا ندافع عن لبنان كما ندافع عن انفسنا.