فوجئت الاوساط السياسية والشعبية في الاردن امس بتوقيع غالبية من ثلثي اعضاء مجلس النواب على مذكرة تطالب الحكومة بالعمل على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية ووضع برنامج زمني واضح لتنفيذ الطلب. وفيما استخف وزراء في الحكومة بالمذكرة التي وقعها 54 نائبا، معتبرين ان الخطوة غير ملزمة وغير قابلة للتطبيق على ارض الواقع، اكدت مصادر سياسية مستقلة ان توقيع المذكرة يأتي بمثابة رد فعل على قيام اميرين من العائلة المالكة بقيادة مسيرة احتجاجية ضد قرار مجلس النواب رفض الغاء المادة 340 من قانون العقوبات، التي تمنح احكاما مخففة لما يسمى "جرائم الشرف". وقال رئيس مجلس النواب السيد عبدالهادي المجالي في تصريحات صحافية ان المذكرة غير ملزمة وانه سيحيلها على الحكومة، معتبرا انها "مجرد توصية". وقال ان تطبيق المذكرة "قد يتطلب تعديل عشرين الى ثلاثين مادة قانونية لها علاقة بالدستور والميثاق الوطني، ولهذا، فإن مثل هذه المذكرة تحتاج الى عمل كبير ومطول من قبل الحكومة". وجاءت مطالبة مجلس النواب بتطبيق الشريعة الاسلامية بمثابة صدمة بسبب غياب جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي عن البرلمان بعد مقاطعتهم للإنتخابات النيابية التي اجريت في العام 1997، وسيطرة التيار التقليدي العشائري الموالي للحكومة على البرلمان. وكان الاميران علي بن الحسين، المرافق الخاص للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، والأمير غازي بن محمد، مستشار الملك لشؤون العشائر، قادا الاسبوع الماضي مسيرة الاحتجاج التي شارك فيها نحو 4 آلاف شخص، واتجهت نحو مجلس النواب ومبنى رئاسة الحكومة. ووجه الامير علي في مناسبتين منفصلتين انتقادات شديدة لرئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة متهما اياه بالتهرب من لقائه في مكتبه في الرئاسة لدى توجه مسيرة الاحتجاج الى هناك. وجاءت الانتقادات في المرة الاولى في رسالة نشرها الامير علي على شبكة الانترنت المحلية عقب مسيرة الاحتجاج وفي المرة الثانية خلال لقاء عقده مع ثمانية من الصحافيين الاردنيين لهذا الهدف. واتهم الامير علي رئيس الوزراء في المناسبتين بمحاولة عرقلة مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي التي يقودها الملك وبمعارضة الغاء المادة 340 من قانون العقوبات. وتم في وقت لاحق سحب رسالة الامير علي من موقع الانترنت، فيما اجتمع رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة بنفس الصحافيين الذين كانوا التقوا الامير في احد مطاعم العاصمة في غضون 24 ساعة من لقائهم به في محاولة للتخفيف من وقع الانتقادات التي وجهها الامير للروابدة. وتردد ان الروابدة كان هدد بالاستقالة في حال عدم تراجع الامير عن انتقاداته. ومعروف ان الملك عبدالله والملكة رانيا يؤيدان الغاء المادة بسبب تطبيقاتها القضائية التي تسمح لمرتكبي جرائم القتل بالخروج بعقوبة لا تتجاوز غالبا السجن لمدة ستة اشهر. كما اكدت الملكة رانيا في مناسبات عدة ان "جرائم الشرف" تتناقض مع احكام الشريعة الاسلامية وتعطي صورة خاطئة عن المجتمع الاردني، علماً أن معدل عدد ضحايا ما يعرف بجرائم الشرف في الاردن يبلغ نحو عشرين ضحية في السنة. ولم يصدر عن الديوان الملكي امس اي تعليق على مذكرة مجلس النواب، فيما تكهن بعض المصادر السياسية غير الرسمية بإحتمال حل البرلمان في مرحلة مقبلة والدعوة لإنتخابات نيابية جديدة. ونصت مذكرة النواب على ان هدف المطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية هو "للخلاص من الفساد والمحسوبية والضعف والترهل الذي عانت وتعاني منه الامة، وللتميز لنكون كالشامة بين الامم، وتحقيقا لامر الله "فأحكم بينهم بما انزل الله، ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق" وانسجاما مع المادة الثانية من الدستور التي تقول "إن الاسلام دين الدولة، والاسلام كما هو معروف للجميع نظام حياة، سبق التطور، وصالح لكل زمان ومكان". كما برر النواب طلبهم بأنه "قياما بواجبنا امام الله، ونحن المجلس التشريعي لهذه الامة، فإننا نطالب الحكومة بالعمل على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في جميع امور حياتنا، ووضع برنامج زمني واضح لتنفيذ هذا الطلب".