جاء الفوز الساحق للاصلاحيين في الانتخابات البرلمانية الايرانية مخالفاً لكل توقعات المحافظين بل الاصلاحيين انفسهم، ربما لأن الناخب الايراني يحتفظ بموقفه "سرياً" حتى اللحظة الاخيرة. واظهرت النتائج الاولية فوزاً كاسحاً للاصلاحيين في طهران ومشهد وتلقى الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني ضربة قوية فيما نال المرتبة الاولى في العاصمة محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس. وطرح امس تساؤل عما اذا كانت الاصوات التي اعطيت للاصلاحيين، ولخاتمي بالتحديد عبرهم، مؤشراً الى احتمال حسم معركة الرئاسة لمصلحته بعد سنتين، اي فوزه بولاية ثانية. واعتبر وزير الداخلية السابق عبدالله نوري ان ما حصل عليه رفسنجاني دليل على نزاهة الانتخابات النيابية. ومثلما كان اللافت ان تشيد واشنطن ب"الحدث التاريخي" الذي تجلى في الانتخابات الايرانية، فالبارز امس كان الاجماع الاوروبي على الترحيب بانتصار الاصلاحيين، واعتباره تجديداً للثقة بسياسة الانفتاح، في حين توقعت انقرة ان ينعكس الوضع الجديد في ايران على "الجماعات المناهضة للعلمانية" في تركيا، وان تكف الجمهورية الاسلامية عن "تصدير الثورة". راجع ص2 ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول في وزارة الخارجية العمانية قوله امس انه يأمل بأن تؤدي نتائج الانتخابات الى "فتح حوار مع دول مجلس التعاون الخليجي في شأن قضية الجزر" الثلاث الاماراتية التي تحتلها ايران. وفي تصريحات الى "الحياة" رأى وزير الداخلية الايراني السابق عبدالله نوري ان نتائج الاقتراع تمثل "مظهراً بارزاً لنزاهة الانتخابات واحترام آراء الشعب"، مبدياً تفاؤلاً بمستقبل حكومة الرئيس محمد خاتمي وعلاقتها مع البرلمان الجديد. وبين المفاجآت التي افرزها الاقتراع خسارة رفسنجاني في الدورة الاولى، اذ احتل المركز ال27، وفاز الاصلاحيون ب26 مقعداً من اصل 30 للعاصمة، واحتل المرتبة الاولى محمد رضا خاتمي. وفازت على حساب رفسنجاني وجوه شابة من القوى الطالبية ورجال الدين المحسوبين على اليسار الاصلاحي، بالاضافة الى ست نساء لم تكن بينهن ابنة الرئيس السابق فائزة رفسنجاني. وقال عبدالله نوري الذي يقضي "اجازة" خارج السجن ان ما حصل عليه هاشمي رفسنجاني يثبت نزاهة الانتخابات وعدم حصول تزوير. وتابع في تصريحاته الى "الحياة" امس ان اهم رسالة جسدها الاقتراع فحواها ان "الشعب مصمم على احداث اصلاحات خصوصاً في مجال التنمية السياسية". وزاد ان حكومة خاتمي ستتمكن من انجاز اعمالها بصورة افضل مع وجود برلمان متعاون ومنسجم معها. ونفى وجود اي ارتباط بين نتائج الانتخابات وقضيته، علماً انه يقضي حكماً بالسجن خمس سنوات، لادانته بالاساءة الى النظام الاسلامي، وجدد رفضه طلب العفو. وعن الترحيب الاميركي والاسرائيلي بفوز الاصلاحيين قال نوري: "اذا رحبت قوى ودول او لم ترحب فان مواقفنا لا تبنى على ذلك بل على اساس المصالح القومية لبلادنا، وما حصل يأتي في اطار حفظ تلك المصالح، ويستطيع ان يساهم اكثر في ضمان مستقبل النظام الاسلامي". وفي شأن احتمالات التفاوض بين واشنطنوطهران كرر نوري ان "المفاوضات او عدم التفاوض ليست من المقدسات، كما ان المحادثات ليست من الامور السيئة. الامر يعتمد على تأمين مصالحنا القومية". الى ذلك دعت الاوساط الاصلاحية الى مراعاة "اخلاق الفوز… والهزيمة"، مؤكدة على ضمان حق الاقلية، اي اليمين المحافظ، الذي أقر بالهزيمة في الانتخابات وحض على "احترام قواعد اللعبة في اطار القانون"، وحفظ "ولاية الفقيه".