سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في أول حديث صحافي بعد العدوان الأخير على لبنان تناول نظرة "حزب الله" إلى عملية التسوية ... ومستقبله بعدها . نصرالله ل"الحياة": أداؤنا أوقف الإسرائيلي ... لا أميركا قسم ثاني
على رغم حديثك عن الاجماع اللبناني، هناك احداث لم يحصل عليها اجماع، منها صدور مواقف بعد مقتل عقل هاشم، بالتعاطي معه كلبناني او كإبن طائفة معينة، ألا يدل ذلك الى ان هناك مشكلة بين اللبنانيين؟ - نستطيع ان نحكي في لبنان عن اجماع وطني على المقاومة وهذا يستند الى تصريحات كل المسؤولين الرسميين والسياسيين والدينيين. وبعض الظواهر التي تحدثتم عنها لها علاقة بمستوى المسألة وعمقها. المشكلة ليست في المبدأ الذي يسلّم به الجميع في لبنان بأن المقاومة حق مشروع. وإذا صدر صوت نشاز فهو لا يخرق الإجماع. ولكن حين ندخل في العمق فثمة ما يحتاج الى وقت لمعالجته في لبنان. فهل يكفي ان يكون هناك اجماع وطني على المقاومة؟ المفترض ان يرتقي الموقف الى مستوى اعلى، أي دعم المقاومة مالياً وبالسلاح، وأن تعطي المؤسسات الاهلية والاجتماعية اولوية لخطوط المواجهة والقرى التي تعيش تحت القصف. المستوى الآخر هو ان يشارك جميع اللبنانيين في المقاومة. ومنذ اعلنا "السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي" قبل سنتين، لم نعد نسمع، والحمد لله، نغمة احتكار المقاومة من "حزب الله" لأنها كانت مجرد حجة يطرحها البعض لوضع إشكال على المقاومة الإسلامية التي يقودها "حزب الله"، حين طرحنا فكرة السرايا وقلنا انها اطار لا علاقة له بالعقيدة او الإيديولوجية او الدين او الخط السياسي او التوجّه الفكري، ويكفينا ان يكون المقاوم لبنانياً ونظيفاً أمنياً، فإن مجموعة جيدة من الشباب اللبناني التحقت بالمقاومة. وحين طرحنا هذا الاطار لم نطرحه بديلاً من اي مقاومة يقوم بها اي حزب لبناني آخر. هنا نأتي الى موضوع آخر. نعم، النظرة الى التعامل مع العدو الاسرائيلي، فاللبنانيون ما زالوا متفاوتين. من جهتي فأي لبناني يتعامل مع العدو الاسرائيلي ويقدم اليه خدمات امنية او عسكرية، اياً تكن طائفته او دينه او مذهبه، وحتى لو كان من أرحامي، أطالب بتنفيذ حكم الإعدام به، ولا اجد له أي مبرر. فأولئك المئات الذين دخلوا السجون الاسرائيلية هم قدوة ونموذج. وقد يأتيك من يقول، بخجل، ان المقصود حماية فئة معينة مستهدفة خائفة وقلقة، هذا صحيح. ما زالت هناك مشكلة تحتاج الى علاج. لكن الموقف الشعبي والوطني من المقاومة هو في الألفين غيره في الثمانينات. ومع الوقت تتم المعالجة ونحن لسنا يائسين. وإذا كان هناك من متردد فإن اسرائىل هي التي تقنعه بأنها عدو. ألا تعتقدون ان الوضع المحشور داخلياً لباراك جعل من التصعيد في العمليات، خطوة خطيرة لأنها تؤدي به الى الردّ؟ - العمليات لا نقاش فيها. فأنت تضرب اهدافاً عسكرية داخل الارض المحتلة، وهذا موضوع مختلف عن الكاتيوشا. ونحن في المقاومة لم نتعاط في أي يوم مع الكاتيوشا على انها عملية. انها سلاح دفاعي للردع ضمن الامكانات المتاحة، لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، وليس وسيلة لقتال العدو. لذلك فان استخدامها يخضع لتقدير الموقف. اما في موضوع العمليات فلا نعمل وفق تقدير الموقف او الحسابات، او ردود الفعل. العمليات عندنا خط مفتوح في اي وقت. يمكن المجاهدين ان ينالوا من عدوهم سواء كان غاضباً ام محشوراً ام مرتاحاً، يفاوض او لا يفاوض. وهذا ما يجعل المقاومة منتجة وفعالة، اذا ادخلنا العمليات في الحسابات السياسية تخفيفاً او تصعيداً، لن يكون لدى المقاومة مجال. تشكيل مجلس الوزراء الاسرائيلي لجنة ثلاثية برئاسة باراك مكلفة اتخاذ القرار بعمليات في لبنان، كيف تنظر اليه في العلاقة مع الوضع الداخلي الاسرائيلي: هل هو فعلاً لتوجيه ضربات الى لبنان ام انه عامل مساعد على تنفيس الوضع الداخلي في اسرائىل؟ وهل هو قرار ردعي للحزب؟ - هناك اكثر من معنى. انه في الدرجة الاولى حل لمشكلة آلية اتخاذ القرار. اي انهم حين يريدون ضرب البنى التحتية هم مضطرون الى العودة الى المجلس الوزاري المصغر. وكذلك اذا ارادوا ضرب اهداف مدنية. ويبدو ان بعض عمليات الاغتيال مثل العملية التي استهدفت احد قادة المقاومة في منطقة باريش في الجنوب كانت بقرار من المجلس الوزاري المصغر، لأنه يحسب ردود الفعل. تشكيل اللجنة الثلاثية هدفه تسهيل آلية اتخاذ القرار، لأنهم قد يواجهون تطورات تحتاج الى قرارات بنت ساعتها. ولا تستطيع دولة معتزّة بنفسها الى هذا الحد ان يبقى مجلس وزرائها في حال انعقاد دائم في انتظار ان يوجّه "حزب الله" صاروخاً او ينفذ عملية ليقرر ماذا يفعل. هذه احدى المشكلات التي سعوا الى حلها عبر اللجنة. المشكلة الثانية، هي ان الوزراء، حين يحصل النقاش في شكل موسع، يخرجون ويحكون وتنكشف طريقة التفكير الاسرائيلي. وحين يتم التفويض الى الثلاثة يصبح الموضوع مضبوطاً اكثر، فلا يخرج للإعلام ما يفكر به الاسرائيليون. النقطة الثالثة هي ان الهدف معنوي يريح الجيش الاسرائيلي والشارع، اذا كانت ثمة مشكلة، ففي هذه الحالات يطلب الجيش صلاحيات وتفويضاً، ويمكن أن يحتج انه كلما أراد ان يقوم بشيء يتطلب الأمر مجلساً وزارياً. هذا يريح الجيش. والواضح ان صاحب القرار في هذه اللجنة هو باراك، وديفيد ليفي ملحق، واسحق موردخاي قد تكون لديه وجهة نظر، لكن القرار لباراك. وهناك شيء يحتاج الى تدقيق. هل هذه اللجنة مخوّلة أي رد فعل من دون سقف؟ ام ان المجلس الوزاري وضع لها سقفاً؟ ما سمعناه بالأمس من يوسي ساريد، نفيه ان تكون اللجنة مفوضاً اليها ضرب اهداف مدنية، ما يعني انها مخوّلة ضرب اهداف عسكرية او قتل شخصيات او كوادر من "حزب الله". وربما قوله هذا للتعمية. وفي كل الاحوال تسمية ترويكا التي اطلقها الرئيس لحود على هذه اللجنة موفقة. لكن المأزق الاسرائيلي واحد سواء كان في الحكومة الموسعة او اللجنة. ما هي خياراته؟ في الحكومة الحالية عدد كبير من الجنرالات عملوا جميعاً في لبنان. خصوصاً باراك الذي كان رئيساً للأركان واسحق موردخاي، وشاحاك الذي كان رئيساً للأركان. هؤلاء جميعاً يقولون انهم جربوا كل شيء في لبنان، والخيارات مفهومة: قتل كوادر، زرع عبوات، ضرب بنى تحتية وارتكاب مجازر. وحين يستخدمون هذه الخيارات كلها، لها ردود افعال، هو ليس مطلق اليد. لذلك هذا الموضوع لا يرهبنا ولا يخيفنا كمقاومة. ومسؤولية الدولة ان تضعه في وجه الحكومات العربية وأوروبا وأميركا والعالم كله، علماً ان خيارات الاسرائيليين مفهومة، وهم يغرقون اكثر في المأزق ولن يكونوا في منأى عن ردود الأفعال. الرئيس إميل لحود حذر اسرائيل من أن ضرباتنا ستكون أشد إيلاماً. هل تعتقد ان لبنان يستطيع القيام بمواجهة من هذا النوع بقدراته وأوضاعه الداخلية؟ - أنا لم أفهم من كلام رئيس الجمهورية ان الدولة ستضرب. فهمت ان المقاومة ستضرب. وهذا جزء من حال التبني الرسمي لفعل المقاومة. وهو له في حزيران تصريح قريب من هذا التصريح حين قال ان كلما سقط شهيد في لبنان سيكون هناك كاتيوشا وقتيل اسرائيلي في المقابل. طبعاً هو لا يقصد ان الجيش اللبناني سيضرب كاتيوشا. أعتقد ان اللغة منطلقة من وحدة حال، اذا صح التعبير، او من تعبير آخر قاله الرئيس الحص امس ان الدولة والشعب في خندق واحد وهذا يعني حين تضرب المقاومة كاتيوشا ان لبنان هو الذي يضربها. هذا من حيث دلالته السياسية مهم. وحتى لو فهم من هذا الكلام انه يمكن ان يقصد - ولا اعرف ما قصد الرئيس بالضبط - انكم يا اسرائيليين اذا اكملتم هكذا في ضرب البنى التحتية واستهداف المدنيين فحتى نحن كدولة سندخل في المواجهة. وهو كتحذير مهم، في معزل عن امكانات لبنان العسكرية لأنه يعني ان هناك دولة بإمكاناتها المتواضعة تكاد تقول أنها لم تعد تقدر على تحمل هذا الواقع وستتجه الى اعلان حرب. هذا إحراج كبير للدول والحكومات العربية والعالم كله. ولكن لا أعرف هل هذا هو المقصود. وأعتقد ان المقصود هو الاستنتاج الاول. للحزب موقف من طرد السفير الاميركي في بيروت. فكيف توفق بين المطالبة بطرده وتوجه الدولة اللبنانية الى الولاياتالمتحدة للضغط على اسرائيل؟ - نحن متفقون على القضية والهدف وكثير من الأداء. متفقون في النتيجة. وهذا لا يعني ان اثنين جلسا واتفقا على الاداء والنتائج والتفاصيل. لكن بطبيعة الحال، المقاومة والشعب الذي يريد ان يعبر عن رأيه من موقعه، والدولة تريد التعبير عن رأيها من موقعها، حسابات الدولة تبقى مختلفة قليلاً عن حسابات المقاومة. لذلك ما زالا اثنين. اي ان الدولة لم تصبح المقاومة، والمقاومة الدولة، حتى يفرض احدهما منطقه على الآخر. ونحن على رغم معرفتنا ان السلطة في لبنان ليست في جو اتخاذ قرار من هذا النوع، لكن هذا التعبير الحزبي والشعبي والطالبي مهم في لبنان ويشكل عامل ضغط كبير على الادارة الاميركية ويساعد الحكومة اللبنانية حتى في تعاطيها مع هذا الملف. أين أصبحت عملية تبادل الأسرى اللبنانيين مع رون أراد؟ وهل صحيح انكم سلمتم معلومات الى الألمان عنه؟ - أصدرنا بيان نفي، والاسرائيليون نفوا هذا الموضوع. في الحقيقة ليس هناك جديد، وما زلنا نبحث، حتى الله يفتحها علينا ونجد شيئاً، ولا جديد لنناقشه. والآن حتى لو اتصل بي الألمان وغيرهم، لا جديد عندنا لنقوله سوى اننا ما زلنا نفتش. ما تقديرك لهدف زيارة الرئيس حسني مبارك بيروت، في ضوء البيان المشترك الصادر عنها؟ - كنا وما زلنا نطالب الرؤساء والملوك والأمراء العرب وكذلك رؤساء الدول الاسلامية بأن يتحملوا مسؤولياتهم حيال ما يحدث في لبنان والمنطقة. قد نختلف مع هذه الدولة او تلك، مع هذه الحكومة او تلك، على ما يسمى عملية التسوية، وعندما نتحدث عن مصر نحن نختلف على موضوع كمب ديفيد والعلاقات مع اسرائيل وما شابه. ولكن في الجانب الآخر نحن نعتقد ان لمصر موقعاً كبيراً في العالمين العربي والاسلامي ويمكنها ان تؤدي دوراً مهماً في الدفاع عن القضايا العربية وتقف الى جانب لبنان، ومن واجبها ان تقف وتتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد. وفي هذا الاطار وما سمعناه عن زيارة الرئيس مبارك نعتبره خطوة جيدة وطيبة ونأمل بأن نجد مصر دائماً الى جانب لبنان وسورية، وأن نجد كذلك دولاً عربية، وألا يُكتفى فقط بالتضامن الاعلامي على مستوى التنديد والاستنكار، وإنما ان يرقى الموقف الى تضامن حقيقي، لأن لا يجوز للحكومات العربية ان تسمح لإسرائيل باستفراد لبنان وسورية خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة. صمود لبنان ومقاومة اللبنانيين ووقوف سورية الى جانبهم عامل قوة لكل العرب، حتى للفلسطينيين الذين يعانون اليوم ازمات خانقة في اوضاعهم السياسية وتطلعاتهم المستقبلية. ونأمل من زيارة الرئيس مبارك ان يتطور الموقف المصري ليكون حاضناً ومساعداً وحامياً للبنان، كما الموقفان السوري والإيراني. تحدثت عن ثلاثة افتراضات كأنها متساوية، في وقت هناك ترجيح لاستئناف المفاوضات، وحصول السلام في النهاية. والدول المعنية بالسلام تناقش خططها وتوجهاتها بعد السلام، وسورية تناقش واسرائيل وحتى إيران. والمعلومات تفيد ان الحزب يناقش منذ العام 93. الى ماذا توصلتم؟ - احتمال العودة الى طاولة المفاوضات وارد، ولكن ليست واضحة عندي نسبته الفعلية. ولكن من خلال تتبعي للمسارين السوري واللبناني، الواضح ان الامر يتوقف على اتخاذ باراك وحكومته موقفاً كبيراً وهذا ليس كلاماً في الكواليس، بل موقف واضح ومعلن من اخواننا السوريين. فإلى أي مدى يمكن باراك ان يتخذ قراراً كهذا، الامر غير واضح عندي. أنا أعتبر ان لديه صعوبة كبيرة، بحسب فهمي للوضع الداخلي الاسرائيلي وتركيبة الحكومة والصراعات القائمة هناك، الواضح عندي ان سورية لا يمكنها ان تتنازل عن هذا المطلب، وهذا محسوم وقد سمعناه مباشرة من الاخوة السوريين قبل ان نقرأه في الصحف. دمشق وصلت الى نقطة غير قادرة على ان تتزحزح عنها، اياً تكن الظروف والضغوط فهي تعتبر نفسها وصلت الى آخر الحد، ولا امكان للتخلي عنه. والعملية برمتها متوقفة على الموقف الاسرائيلي، ففي يده المفتاح، ويستطيع ان يسيّر المسارات او يبقيها مغلقة. لذلك يصح القول ان المسار السوري عاد من حيث بدأ، اي قبل الجولتين الاخيرتين. كأن السوريين، من حيث النتيجة، لم يخوضوهما. نحن نحكي الآن، بالتمنيات لا بالتحليل، عن احتمالات، وأنا أعرف ان اتخاذ قرار من هذا النوع في ظل الوضع الراهن في الكيان الاسرائيلي ليس سهلاً في الحد الادنى، حتى الآن لم يثبت باراك انه اسحق رابين لا في شخصيته ولا في تاريخه ولا في موقعه او ادائه. اما بالنسبة الى موضوع "حزب الله"، فنحن بدأنا بدرس هذا الموضوع منذ سنوات طويلة وتحديداً منذ بداية عملية مدريد. ونحن، تقريباً، الامور واضحة داخل قيادتنا، في شأن طريقة التعاطي مع المرحلة المقبلة، فيما لو حصل توقيع اتفاق مع سورية ولبنان وليس لدي الآن جديد اتحدث عنه، ما نحكيه اليوم هو ما كنا نحكيه سابقاً. موقفنا من اسرائيل لن يتغير حتى لو تم التوقيع، اذ نعتبرها كياناً غير شرعي وغير قانوني، ومحتلاً ومغتصباً للاراضي الفلسطينية، وبالتالي غير وارد الاعتراف بهذه الدولة او بحقها في الوجود. هذا موقف فكري وعقائدي وديني وسياسي نهائي. والزمن لن يغيّر موقفنا، فلا يجعل الحق باطلاً ولا الباطل حقاً. وفي مواجهة المرحلة المقبلة، نحن نعتبر مقاومة التطبيع ضرورية، وإذا كان السلام حال دون قيام مشروع اسرائيل الكبرى، فإن مقاومتنا للتطبيع ستوقف قيام مشروع اسرائيل العظمى، عندما يتوصل الاسرائيليون الى استنتاج والمفترض بهم الوصول اليه، وهو انهم حتى لو وقّعوا صلحاً مع الحكومات العربية، فإن الشعوب العربية ليست في وارد التعايش مع كيان مغتصب من هذا النوع، بالتالي اسواقنا لن تكون اسواقاً استهلاكية لبضائعه، ونوادينا لن تكون منابر لشعرائه ومثقفيه. مقاومة التطبيع مشروع جدي نعمل من اجله مع قوى اسلامية وطنية في العالمين العربي والاسلامي، وبالنسبة الى الموضوع الداخلي، سيكون عندنا اهتمام اكبر بالحياة السياسية اللبنانية وحضور فيها، مثلما نحن حاضرون الآن، وانما سنوليه اهتماماً اكبر. ويبقى موضوع العمل المسلح، قبل هذا العمل، سنبقى الى جانب الشعب الفلسطيني لنقدم اليه كل دعم نستطيعه. لا نقاش في هذا الموضوع، فهو الحد الادنى من التزامنا حياله. لكن استمرار الحزب في العمل المسلح او توقفه عنه هذا متروك لوقته