زُمراً ثقالاً، أو فُرادى، مثل ما يمضي العراقيون، يمضي في متاهة لندن الصُّغرى العراقيون" لم يتصدّقوا حتى بومضةِ دمعةٍ أو شمعةٍ... لم يصدقوا نبضاتهم قولاً، كأنهمو جواميس القيامة" هل أقول لهم: كذبتُمْ؟ لم تعودوا، مثل ما كنتُم عماليقَ القُرى" يا إخوتي: انتم هنا الغرباء، والبؤساء، أيتامٌ بمأدبةٍ مُسخمةٍ، وكيسُ قُمامةٍ في أسفل البرميلِ. لا! لا تيأسوا! فلقد يمرّ بكُم، وللحظةٍ، تجّارُ خيبرَ، ثم تدخلُ عصبةُ النخّاسِ، ترفعُ في مقرِّ السوقِ مصطبةً، ويرتفع النداء من المنادي: كَم؟ ويأتي المشترونَ، وأنتمو تتمهلونَ، سذاجةً، في السوق، تنتظرونَ معجزةً، ولستم تنظرونَ، كأنكم، حقاً، جواميسُ القيامة في مناقعكم، وأكياس القُمامة... هل سيخرج بينكم طفلٌ عليكم؟ هل سيرفعُ صوته، حُرّاً، كصوتِ الطفلِ يخبركم بما لن تسمعوا؟ ....... ....... ....... يا إخوتي... لسنا هنا في جنّة المأوى ولا في حانة البحر القديمة ....... ربما كنا مع الماضين في كفّ السرابِ، وربما كنا مع الغرقى الذين تخلَّعتْ، مِزَقاً، سفينتُهم... يطفُونَ كالأحياء كالثملين بالماءِ... السفينةُ لم تَعدْ حتى خطوطَ سفينةٍ لكنهم يطفون منتفخي الوجوه على مرايانا، ثقالاً في الصباحِ، ومثقلينَ بما يُخدِّرُ في المساء... لمن إذاً، نمضي؟ وماذا نرتجي في لندنَ الصغرى، وفي قنوات هولندا، وفي ثلج السويد، وذلِّ كوبنهاجن؟ النرويج، أو غابات فنلندا؟ وماذا سوف نبني في ندى سيدني، ومنزلقات مونتانا، وعبر شمالنا الكنديّ، والمنفى الذي يستغرق المنفى؟ تُرى، هل سان دييغو، ساكرامنتو، إصفهانٌ، أو حديث الليل في ديترويتَ ما جئنا له في هذه الدنيا؟ وهل صدّامٌ ال... صخرتُنا التي سنظل ننطحها بأوردةِ الجباهِ، ووردةِ البارات، ننطحُها لننسى بعد حينٍ أننا صرنا لها الأتباع... إخوتي العراقيين! إخوتي الأُلى وطأوا بأحذية من الإذلال والتَّسآل أغنيةَ العراقيين، شامتَها، وتِبرَ جبينها الوضّاءِ: ما طعمُ الحياة، إذا نسينا اننا بشر لنا وطن وزاوية وأسماء؟ وما معنى الحياة إذا غدتْ دكّانَ محتالينَ... يا أبناء إخوتي العراقيينَ؟ ....... ....... ....... فلنذرفْ، ولو شمعاً، ولو دمعاً من التمساح... ولنحفرْ عميقاً في ملابسنا وفي راحاتنا... فلعلنا نلقى، مع النُّكران، أنفسنا ونعرفُ ما نريد... 2/12/1999 - 22/1/000