طغت التحضيرات للانتخابات البرلمانية في ايران على اجواء تظاهرات واحتفالات بالذكرى ال21 لانتصار الثورة، اذ استغلّ الرئيس محمد خاتمي المناسبة ليدعو الى صنع "ملحمة اخرى" أكبر من "ملحمة الثاني من خرداد" موعد انتخابات الرئاسة عام 1997 التي حملته الى سدة الرئاسة. وكرر ان المشاركة الجماهيرية الواسعة شرط مهم لتحقيق اهداف الثورة، وقال: "على الجميع الحضور الى صناديق الاقتراع كي يثبت الشعب الايراني مرة اخرى انه يقرر مستقبله في شكل مباشر". وفي خطاب القاه امس في ساحة الحرية لمناسبة ذكرى انتصار الثورة، حرص خاتمي على الدعوة الى انتخاب "نواب فاعلين، وإيجاد برلمان يتصف بالإيمان والعلم والفاعلية للمضي نحو مستقبل افضل". وأكد ان البرلمان الذي سيتشكل في انتخابات 18 شباط فبراير الجاري ينبغي "ان يتشكل من نواب اصحاب قدرة وإيمان ووفاء للشعب، يعملون لتطور المجتمع، وأن يكون البرلمان صاحب مراقبة دقيقة لأعمال السلطتين التنفيذية والقضائية". ورأى الرئيس الايراني ان "الانتخابات هي مظهر حكم الشعب وتقرير مصيره"، مذكراً بأن مرشد الجمهورية آية الله على خامنئي و"جميع الذين يريدون الخير لإيران، يتطلعون الى مشاركة شعبية واسعة تؤدي الى صنع ملحمة انتخابية ثانية". وكانت الانتخابات الرئاسية شهدت مشاركة اكثر من ثلاثين مليون ناخب، وفاز خاتمي بأصوات اكثر من عشرين مليوناً. ولم يشر الرئيس بوضوح الى المواقف الاميركية من الانتخابات البرلمانية، لكنه ذكر الايرانيين بأن "حضورهم الواسع يعني مزيداً من تثبيت حكم الشعب والقانون، وتعزيز الحريات، ما سيؤدي الى إثارة اليأس لدى الأعداء". وأضاف ان "الشعب يدافع عن الاسلام والثورة والحرية". وفي اشارته الى اجواء التنافس المصحوبة بالتوتر الداخلي، طالب خاتمي كل الأحزاب والتيارات والصحف ووسائل الاعلام بالعمل لتشجيع المنافسة النزيهة، مشدداً على ضرورة الامتناع عن أساليب تعكر الاجواء، ومحاولات اقصاء الآخر، لافتاً الى اهمية حفظ الاختلاف في وجهات النظر في اطار الهدوء. وخصص حيزاً كبيراً من كلمته للحديث عن "دور الشباب في انتصار الثورة عام 1979 وتطورها وتقدمها نحو مستقبل أفضل"، معتبراً ان من اهم انجازات الثورة "الاعتراف بحكم الشعب، وتأمين المشاركة الجماهيرية في كل المجالات وإيجاد نظام يتمحور حول الاسلام وولاية الفقيه، ويعتمد على رأي الشعب". وبدا ان خاتمي اراد عبر ذكر هذه المعطيات تأكيد ثوابت تياره الاصلاحي، التي يصفها بعضهم بأنها تجديد للثورة وليست انقلاباً عليها، خصوصاً مع اعتباره ان اهم مميزات الثورة السعي الى "ترسيخ الحرية والاستقرار والعدالة ومقاومة التدخل الخارجي". وخلص الى تأكيد تفاؤله ب"النظام المستقر، ومجتمع الشباب المتفائل". وطغت الانتخابات البرلمانية على الاحتفالات بذكرى انتصار الثورة، اذ وزعت الملصقات والبرامج الانتخابية بين المتظاهرين، ورفعت شعارات الاحزاب والتيارات المتنافسة خصوصاً التيار المحافظ، لكنها لم تخلُ من شعارات بعض القوى الاصلاحية كحزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس الايراني. وانتقلت الدعوة الى المشاركة الواسعة في الانتخابات الى منابر صلاة الجمعة خصوصاً في طهران، حيث ركز امام الصلاة طاهري خرم آبادي على التزام الاحزاب والتيارات الهدوء، وعلى الدقة في اختيار الناخبين المرشح الأصلح. وقال خرم آبادي وهو احد اعضاء المجلس الدستوري المشرف على الانتخابات، ان "أعداء ايران يلقون بثقلهم كي يسيئوا اليها والى تجربتها الانتخابية"، و"يعملون لضرب الثورة ومصالح الشعب". وكانت المواقف التي اعلنتها وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت في شأن ترقب واشنطن نتائج الانتخابات الايرانية، اثارت مخاوف في ايران، خصوصاً لدى التيار المحافظ، فيما شدد التيار الاصلاحي على ان "الشعب سيُثبت استقلاليته وقدرته على تحديد خياراته". ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي حرصت صحف اصلاحية على الصدور امس، وهو يوم عطلة، وأوصت الأوساط الاصلاحية الناخبين بخمس أولويات اهمها عدم التخلف عن المشاركة في الاقتراع، لأن اليمين المحافظ يمتلك حوالى ثمانية ملايين صوت. وأضافت تلك الأوساط ان استطلاعات الرأي تفيد ان نصف من يحق لهم التصويت ما زالوا مترددين في شأن المشاركة في الاقتراع. وأكدت ضرورة عدم "التشطيب" في قوائم التيار الاصلاحي لأن التيار المحافظ سيدخل المعركة بقائمة موحدة تقريباً في طهران ومعظم المحافظات. ويعمل الاصلاحيون لطرح التأييد لخاتمي وبرامجه كأبرز شعار انتخابي فيما يطرح المحافظون شعار السير في خط الامام الخميني وإطاعة المرشد خامنئي. اما شعار "رابطة العلماء المناضلين" التيار الديني الاصلاحي الذي ينتمي اليه خاتمي فجمع بين الشعارين داعياً الى دعم خاتمي.