تحدثت صحيفة حكومية سورية امس عن "مبالغة صهيونية" بقصة "المحرقة" التي تعرض لها اليهود في اوروبا على ايدي النازيين. واتهمت بعض قادة الحركة الصهيونية ب "التواطؤ مع النازيين لتأجيج المشكلة اليهودية"، لافتة الى سعي حكومة ايهود باراك الى "احراق" فرصة تحقيق السلام. وكتب رئيس تحرير صحيفة "تشرين" السيد محمد خير الوادي: "فتكت آلة الحرب النازية بحياة اكثر من خمسين مليوناً من البشر أثناء الحرب العالمية الثانية، منهم الروس والبولونيون والفرنسيون والايطاليون وغيرهم لكن الصهيونية تمسح من الذاكرة البشرية دماء هذه الضحايا كلها. وتركز الاهتمام فقط على معاناة اليهود في الحرب، علماً ان الوقائع التاريخية الثابتة تؤكد ان زعماء الصهاينة تواطؤوا مع النازية لتأجيج المشكلة اليهودية". وزادت ان بعضهم: "لم يتوان في الاقدام على أعمال القتل والارهاب المباشر لدفع اليهود الى الهجرة الى فلسطين، طبعاً بالتعاون المباشر مع قادة النازية الالمانية". ويأتي ذلك في وقت تشهد مفاوضات السلام بين باراك ووزير الخارجية السيد فاروق الشرع جموداً بعد جولة مفاوضات شيبردزتاون بين 3 و10 الشهر الماضي، بسبب رفض الاسرائيليين اجتماع لجنة الحدود ل"ترسيم" حدود الرابع من حزيران يونيو 1967. وكتب الوادي: "تخفي الصهيونية الصفحات المظلمة من تاريخها الأسود وتعتم عليها بالكامل وتختلق قصصاً حول المحرقة النازية التي تعرض لها اليهود، وتضخمها الى حدود القياسات الفلكية"، لافتاً الى ان المسألة "لا تكمن في سعي الصهاينة الى تزوير الوقائع التاريخية، بل في ان المنظمات الصهيونية تسعى الى بث الحياة في رؤيتها المشوهة للتاريخ واستثمار ذلك لخداع الرأي العام العالمي واستمالته ومن ثم ابتزازه". وبعدما تساءلت الصحيفة عن أسباب "اصرار الصهيونية" على التذكير ب"سياسة المحرقة"، أوضحت: "ان اسرائيل والمنظمات الصهيونية تسعى الى تحقيق هدفين اولهما، الحصول على مزيد من الأموال من المانيا والدول والمؤسسات الأوروبية. والثاني، استثمار اسطورة المحرقة كسيف مسلط على رقاب كل من يعادي الصهيونية أو يقف في وجه خططها العدوانية التوسعية، حيث توجه لهؤلاء مباشرة تهمة العداء للسامية". وختمت "تشرين": "اذا كان رد الفعل النازي المدان طواه التاريخ، فإن الفعل الارهابي الصهيوني لا يزال في اوج نشاطه حتى الآن، اذ ان اسرائيل مارست سياسة المحرقة في الجولان المحتل وفلسطين وجنوب لبنان، وهي الآن تحرق اي فرصة تلوح لاحلال السلام العادل والشامل". من جهة اخرى، أ ف ب، أعرب وزير اسرائيلي امس عن "اشمئزازه" من مقال "تشرين" معتبرا ان مثل هذه الاقوال من شأنها الاساءة الى مفاوضات السلام السورية - الاسرائيلية. وأوضح الوزير الاسرائيلي المكلف شؤون يهود الشتات مايكل ملكيور: "لا يمكن التحلي بضبط النفس بعد اقوال معيبة تنفي وقوع المحرقة وتقارن اسرائيل بالنازيين". وقال ملكيور: "السوريون لا يضعون حدودا للاستفزازات ضد اسرائيل على الصعيد الديبلوماسي والاخلاقي على حد سواء". ودعا المسؤولين السوريين الى التملص من المقال الذي اوردته صحيفة "تشرين" والى "تغيير اسلوبهم الذي يجعل السلام والتطبيع بين اسرائيل وسورية اصعب". ودعا داني نافيه الناطق باسم تكتل ليكود يميني، الحكومة الاسرائيلية الى الانسحاب من مفاوضات السلام مع دمشق اذا لم تبتعد عما ورد في المقال.