تحدثت السلطات السودانية أمس عن مؤامرة موسعة كان يعد لها "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض في الداخل. وأكدت ان هذا العمل "يقع في دائرة الخيانة والعمالة". ووجهت السلطات بالفعل "تهم التخابر مع جهات أجنبية أميركا وتقويض النظام" الى سبعة من قادة "التجمع" اعتقلوا خلال اجتماع مع غلين وارن المسؤول السياسي في السفارة الأميركية في السودان في منزل أحدهم. ورد "التجمع" في الداخل أمس معتبراً أن "ما قامت به السلطات الأمنية يفضح دعاوى هامش الحريات". ونفى عن قيادييه تهمة التآمر، ودان اعتقالهم. واعتبر أن التهم التي وجهتها السلطات اليهم لا تشكل تهديداً للأمن القومي. وصف مسؤول التنظيم في حزب المؤتمر الوطني الحاكم رئيس جهاز الأمن السابق الدكتور نافع علي نافع لقاء قادة من "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض والمسؤول السياسي في السفارة الاميركية غلين وارن "يقع في دائرة، الخيانة والعمالة، ويأتي في اطار المخطط الأميركي لاستبدال النظام الحاكم بآخر يقبل التبعية والارتهان". وحمل نافع على "التجمع" ووصفه بأنه "بات بؤرة للتآمر ضد مصالح الوطن تديرها بقايا الحزب الشيوعي". وأوضح ان الاعتقالات التي تمت في أوساط قادة "التجمع" "لا تعني العودة" الى سياسة القبضة الحديدية مرة أخرى. ونفى ان تكون الحكومة افتعلت الحادثة لمنع "التجمع" من التأثير على الانتخابات المقررة الاربعاء المقبل. وأحالت السلطات الأمنية أمس قادة "التجمع" المعتقلين السبعة، وصاحب المنزل الذي عقدوا فيه الاجتماع مع الديبلوماسي الاميركي في حي العمارات وسط الخرطوم الدكتور ابراهيم حاج موسى، وهو أستاذ جامعي ومستشار سابق في الجامعة العربية، على نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة. ووجهت السلطات الى السبعة تهماً تتعلق ب"تقويض النظام الدستوري" و"التخابر مع جهات اجنبية" تصل عقوبتها الى الاعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة الممتلكات. ودان "التجمع" في الداخل اعتقال اعضاء لجنته، واعتبر الاعتقالات "استكمالاً لحملة منظمة تشنها الحكومة ضد المعارضة ومساعي التسوية السياسية الشاملة". وأوضح "التجمع" في بيان ان "ما قامت به السلطات الأمنية يفضح دعاوى هامش الحريات والديموقراطية". وجدد تمسكه بالحل السياسي الشامل الذي يتسق مع قناعاته. ورفع 14 محامياً مذكرة الى وزير العدل التمسوا فيها اطلاق المعتقلين فوراً، اذ لم يكن هناك بلاغ مفتوح ضدهم. وطلبوا مقابلة المعتقلين، وتساءلوا عن الموقع الذي اعتقلوا فيه، ملاحظين انه ينبغي احتجاز المتهمين في حراسة الشرطة إذا كانوا متهمين في بلاغ جنائي، ولا يجوز نقلهم أو وضعهم في مكان آخر الا بعد موافقة النيابة او المحكمة. وأعربوا عن قناعتهم بأن التهم التي ساقتها السلطات في بيانها لا تشكل تهديداً للأمن القومي. واعتبر مراقبون عملية الاعتقال نكسة جديدة لمساعي المصالحة الوطنية، وذكروا ان تضخيم الحكومة لما حدث سيصرف الأنظار عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خصوصاً ان الحملة الانتخابية شهدت فتوراً واضحاً. وقالوا ان الطريقة التي تمت بها تحمل على الاعتقاد بأن تياراً متشدداً داخل السلطة ينفذ أهدافاً خاصة به تقطع الطريق أمام أي جهود للتسوية السياسية في المرحلة الحالية، ويوجه رسالة واضحة الى المعارضين، وزعيم حزب الأمة العائد الصادق المهدي الذي كان متفائلاً بإمكان التوصل الى حل سلمي في وقت قريب. المعارضة في الخارج وفي اسمرا أكد الأمين العام للتجمع باغان أموم "بطلان الدعوى التي اطلقتها الحكومة في شأن أسباب الاعتقال". وقال ل"الحياة" ان "سكرتاريا التجمع من الداخل كانت تناقش مع الديبلوماسي الأميركي قضايا السلام في السودان، ولا صحة للاتهامات". وأعلن اموم ان "التجمع" سيعلق كل خطوات اجراء التفاوض للتوصل الى حل سياسي شامل الى حين اطلاق سراح المعتقلين.