تتجه العلاقات السودانية - الأميركية نحو مزيد من التوتر اثر قرار الخرطوم أمس طرد ديبلوماسي أميركي اتهمته بالمشاركة في اجتماع مع قادة في فصائل معارضة غير معترف بها، وكانوا يتآمرون لتنفيذ "انتفاضة" ضد الحكم. واعتقلت السلطات الأمنية السودانية سبعة من قادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض في الداخل أثناء اجتماع كانوا يعقدونه بحضور المسؤول السياسي في السفارة الأميركية لدى الخرطوم، واتهمتهم بالتخطيط لانتفاضة داخلية يدعمها عمل مسلح لإطاحة السلطة، وتسريب معلومات ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق، ومساعدتها لاحتلال المدن وتخريب المنشآت بدعم من الولاياتالمتحدة. واستدعت وزارة الخارجية السودانية أمس القائم بالأعمال الأميركي، وأبلغته قرار الحكومة إبعاد الديبلوماسي الأميركي غلين وارن وطالبته بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة، واعتباره غير مرغوب فيه. وقال وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل للصحافيين إن الخارجية أبلغت القائم بالأعمال الأميركي إن وارن اجتمع مع قادة تنظيمات غير مسجلة وغير معترف بها، وكان يناقش معهم قضايا تمس الأمن القومي السوداني، الأمر الذي يخالف الأعراف والمواثيق الدولية التي تنظم العمل الديبلوماسي. وكشف ان الوثائق التي ضبطت في الاجتماع تتسق مع السياسة الأميركية الرامية إلى زعزعة السودان واستقراره. وأعلن أن الحكومة ستحاكم بعدل قادة "التجمع" الذين التقوا مع الديبلوماسي الأميركي. وأكد أن حكومة بلاده لن تسمح للولايات المتحدة بالتدخل في شؤون السودان الداخلية. لكن مسؤولاً في "التجمع" المعارض قلل من اتهامات الحكومة للمعارضة واعتبرها "طبخة نيئة" ومسعى من السلطة التي ضاقت ذرعاً بالنشاط المعارض. وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ل"الحياة"، إن محاولات الحكومة وممارساتها التعسفية لن تثنيهم عن النضال لاسترداد الحرية والديموقراطية. وقال إن الاجتماع مع الديبلوماسيين الأجانب لا يعتبر تهمة يعاقب عليها القانون، مشيراً إلى أن زعيم حزب الأمة رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي التقى أكثر من ديبلوماسي غربي عقب عودته إلى البلاد ولم توجه إليه الحكومة أي تهمة. وصرح مسؤول سوداني في بيان صحافي ان السلطات الأمنية اعتقلت ليل الأربعاء - الخميس ممثل الحزب الاتحادي الديموقراطي في "تجمع" الداخل المحامي علي أحمد السيد والأمين العام ل"التجمع" جوزيف اوكيلو وممثل النقابات محمد سليمان محمد وممثل الأحزاب الصغيرة في "التجمع" التجاني مصطفى، وممثل الحزب الشيوعي محمد محجوب، وممثل حزب البعث محمد وداعة الله، وسكرتير الأمين العام ل"التجمع" استانس جيمي. وتضمن البيان صورة لبطاقة المسؤول السياسي في السفارة الأميركية غلين وارن والنقاط الواردة في وقائع الاجتماع الذي عقد بين قادة المعارضة والديبلوماسي الأميركي والتساؤلات التي طرحها في الاجتماع في شأن الوضع السياسي العام، ونشاط "التجمع" وعلاقاته بالخارج ومشكلة الاتصال، وتصورهم لقيام انتفاضة والتنسيق مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وموقف حزب الأمة من الحكومة واحتمال وقوع انقلاب عسكري، ووحدة "التجمع" عقب سقوط الحكومة، ووضع "الغالبية الصامتة"، وإمكان حسم الوضع عن طريق الحرب. وذكر المسؤول، الذي لم يعلن اسمه، ان المجموعة التي اعتقلت في منزل أحد قادة "التجمع" في الخرطوم، كانت تخطط لانتفاضة داخلية يدعمها عمل مسلح، وضبط بحوزتها محضر اجتماع وخطة يعملون من خلالها على مناصرة "حركة التمرد" وتسريب معلومات إليها لضرب المدن واحتلالها وتخريب المنشآت بدعم أميركي. وأشار إلى أن الديبلوماسي الأميركي اطلق بعد وقت وجيز من فض الاجتماع الذي كان يحضره مع قادة المعارضة. وربط المسؤول بين هذا المخطط وهجوم المعارضة على مدينة كسلا الشهر الماضي، الذي أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى، مؤكداً أن الحكومة ظلت تمد "يدها بيضاء" داعية إلى الوفاق بين كل القوى السياسية بوضع السلاح ونبذ الخلافات والعمل المشترك لبناء الوطن. وأصدر "التجمع الوطني الديموقراطي" بياناً أمس، دان فيه "دهم أجهزة الأمن في السودان اجتماعاً سلمياً لسكرتارية التجمع الوطني مع مسؤول أميركي الأربعاء الماضي واعتقال اعضاء السكرتارية". وحمل الحكومة "مسؤولية ما يمكن ان يتعرض له المعتقلون من سوء معاملة أو تعذيب".