الرقيب الأردني لا تغفو له عين على ما يبدو أو هو على الأقل ما إن يغمض عينيه حتى يفتحهما. وها هو يفتح عينيه على كتاب صقر أبو فخر الصادر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عنوان "حوار مع أدونيس: الطفولة، الشعر، المنفى". والكتاب عبارة عن حوار طويل أجراه صقر أبو فخر خلال فترة طويلة. ولم تصدر الرقابة أي بيان توضح فيه أسباب المنع. وكان أبو فخر قدّم كتابه قائلاً: "اسمه عليّ. واسمه أدونيس أيضاً. لم يختر اسمه الأول ولا مكان ولادته الأولى. لكنه اختار، بنفسه، اسمه الثاني مثلما اختار بيروت مكاناً لولادته الشعرية الثانية. وهذا الفتى الذي وُلد بين شجرات الزيتون وشتول التبغ، ثم غادر قريته مترحلاً بين الشعر والحب والسياسة والثورة والمدائن، ما زال شريداً لم ترسُ سفنه في مرفأ بعد. وجهه كطفل. والشعر عنده انفجار متواصل في تصدعات زمنية متتابعة، ورحلة الى أقاليم المجهول كي يكشف الشاعر ما لا يعرف، لا لكي يقول ما يعرف، انه محاولة لقول ما يتعذر قوله. كأنه قديس بربري خاطب نفسه مرة قائلاً: "عليّ، أردت أن تجوهر العارض". ثم انثنى الى مغامرته السحرية الشائكة والشائقة. ومذ راح يصنع من العارض جواهر، فلق في الصدوع صدوعاً وأشعل في هذه البيداء نيراناً، وضوّع في تلك القفار أشعاراً". أما المفاجئ أيضاً في الوسط الثقافي في عمّان فهو القرار الذي اتخذته محكمة الاستئناف الشرعية في اعادة محاكمة الشاعر الأردني موسى حوامدة الذي برأته في تموز يوليو الماضي محكمة عمان الشرعية الشرقية بتهمتي "الردة" و"الاساءة للأنبياء"، وفقاً لما أعلنه الشاعر. وأوضح حوامدة ان محكمة الاستئناف أخبرته "انها رفضت التصديق على حكم محكمة عمان الشرعية بتبرئته من هاتين التهمتين وقررت اعادة محاكمته مرة أخرى أمام محكمة عمان الشرعية الشرقية". وبدأت أولى جلسات القضية الجديدة رسمياً ولم تحدد بعد الجلسة المقبلة. وتتعلق التهمتان المنسوبتان الى حوامدة بقصيدة "يوسف" التي ضمها ديوانه "شجري أعلى" إذ أكد الاتهام انه أنكر فيها رواية القرآن التي تؤكد أن زوجة فرعون مصر حاولت إغراء يوسف. ويقول حوامدة في القصيدة ان "يوسف توهم ان الملكة كانت تعشقه". وفي وثيقة حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، بررت محكمة الاستئناف الشرعية قرارها بأن "المحكمة لم ترجع الى أهل الاختصاص" لتحديد ما اذا كان الشاعر أنكر رواية القرآن في هذه القصيدة. وخلال جلسات المحاكمة الأولى، أكد حوامدة انه مسلم ومؤمن بالله ولم يسع في هذا الديوان الى انكار ما جاء في القرآن وإنما من حقه كشاعر أن يلجأ الى "اسقاطات من التاريخ للتنديد بموقف حالي يتمثل في الهيمنة الاسرائيلية على الفلسطينيين". وفي حال إدانته ورفضه اعلان التوبة، فإن حوامدة سيكون مطالباً شرعاً بتطليق زوجته. وكانت الرقابة الأردنية صادرت ديوان "شجري أعلى" بعد أن أثار في بداية العام الجاري احتجاج بعض الأوساط في الأردن، وخصوصاً الاسلامية منها.