عرشك صدري، وكنزك كلماتي وعشقي. يا مخضبة الكفين بعطور الشرق وأنفاس الورد. متوجة بأهازيج الرعد، وعناقيد البرق. تأمرني نفسي بعشق جميع النساء، بالارتماء في أحضان الهوى، بالانتقال من خد الى خد. لكنني عندما أرى شعرك الذي فاض على الحدود، وابتسامتك العذراء ذات الشفاه الصامدات، تعود إليك روحي مهرولة مطمئنة طائعة، إلى بدئها ومنتهاها. تتهادى مليكتي كأنها خيوط شمس عند الفجر، ويظهر من وجهها شفق وأمواج بحر، وتخلق لقلبي عيناً ولعيني خفقاً، وينطق فيّ كل شيء حتى أطراف اليد: أحبك يا حنيناً أبدياً، هديراً من نغم، سريراً من فحم، صهيلاً في كفن. فاخرجيني من جسدي وكوّني جسداً، ومدي يدي إلي واصعدي بي، سحابةً، مطراً، صباحاً مرتقباً. واقفة فوق سورنا العالي أمام محراب حينا، حيِّينا بذيل ثوبك الكاسي بجديلك يلعب فوق خصرك، فيأسر قلوبنا صبية وشيباً. عامان عمَّ الحزن أرجائي فأغمضت عيني، وأقسمت ألا افتحهما ما دامت خطواتك لا تمر بداري، فما نفع عين لا ترى أنيس نهارها وسمير ليلها. توليني يا والية على أحشائي بكلماتك الدافئة، بيدك الحانية تعيدني رضيعاً يحبو على جداول أصابعك ويستظل بأهداب عينيك، ويستمد نداه من ندى مقلتيك. اعملي فيّ سهامك قتلاً وصلباً، ففخر أن ينهمر دمعي، وينسكب دمي معاً لك ومنك. يا لؤلؤة البر وكمأة البحر، يا جسراً يؤلف ويصل بين شقيقين فرقهما وجمعهما الحب. يا مليكة الرائحين والآتين. يا راحاً ينعش البدن ويكشف الهم. اصنعيني غطاءً لسريرك الذي ما نام عليه إلا صاحب حق. طرزيني حرفاً على وسادتك الندية، لعلك تسمعين أنين الحب وآيات العشق. باب ونافذة وماء ترتشفينه وهواء تتنفسينه، وأنا ملقى في زاوية غرفتك، قطعة أثاث مهملة، أو شماعة كسلى تعلقين عليها ملابسك، تعرين لها أحاسيسك، تبدين لها شكك بمرآتك، بكل مصقول يعكس وجهك القمري، تبادلينها شوقك. خرجت من مدينتي حراً كعجاجات الجن، كقبور الفقراء تذروها الرياح من مكان الى مكان. خرجت فارساً صياداً عيناه معلقتان بالسماء، نخلة عالية المقام والقدر سعفها يشير الى السحاب. وها أنذا أسرج أحلامي وأضع اللجام في يدك. بعت حريتي واشتريت عبوديتي. أطرب من سوط صوتك، تحفّ بي قضبان نظراتك، وأعشق سجني لأن سجاني زهرة وريحانة إن أقبلت أزهر وجهي وانتشى أنفي من طيبها، وإن أدبرت طربت أذني من لحن خطواتها وترانيم همسها، فاحملي رديفك الى منزلة أنت بها. أوصليه الى مبتغاه إلى نهاية النهاية فإني أخاف. * كاتب سعودي.