تنذر الزوبعة حول التمويل غير المشروع للأحزاب السياسية في فرنسا، بزلزال سياسي يستهدف الرئيس الفرنسي جاك شيراك، عن ممارساته خلال فترة توليه رئاسة بلدية باريس. وجاء ذلك بعد قرار القاضي ارمان ريبرول اعتقال الوزير السابق ميشال روسان، نظراً الى دوره في صفقات تلزيم المدارس العامة في باريس. وأشارت كل الأوساط الاعلامية الفرنسية أمس، الى خطورة توريط شيراك الذي كان روسان مديراً لمكتبه في بلدية باريس، في هذه القضية، على رغم ان المجلس الدستوري يمنع القضاء من استجواب الرئيس الفرنسي. وليس روسان وحده سبباً للزوبعة، فهناك ثلاثة معتقلين سواه، من أحزاب مختلفة وهم: أمينة صندوق حزب "التجمع من أجل الجمهورية" لويز ايفون كاستيا والمسؤولين عن المحاسبة في كل من الحزبين الاشتراكي والجمهوري. وأكد هؤلاء وجود تفاهم بين الأحزاب السياسية حول صيغة تمويل غير شرعي استفادت منه الأحزاب السياسية بين عامي 1989 و1996. وكانت تمويلات الأحزاب تقتطع على شكل عمولة نسبتها 2 في المئة، من عقود تلزيم المدارس العامة أو غيرها من المشاريع، ويستفيد منها اليمين واليسار على حد سواء. وجاء اعتقال روسان في اطار التحقيق حول تلزيم المجلس الاقليمي في باريس وضواحيها، عدداً من المشاريع في المدارس العامة، لقاء عمولة 2 في المئة حصل عليها حزب التجمع الديغولي. وكانت كاستيا أقرت أمام القضاء نهاية الأسبوع الماضي، أن رئيس بلدية باريس في حينه، أي شيراك، كان على علم بهذه "الهبات" من قبل الشركات الكبرى، من دون أن تذكر اسمه. وعلى رغم ان المجلس الدستوري يمنع القضاء من استجواب رئيس الجمهورية، فإن الأوساط الاعلامية جميعها، أكدت أمس انه على شيراك ان يتحدث عن الموضوع امام الرأي العام. وأشارت الى القلق الكبير الذي يسود القصر الرئاسي من جراء هذه القضية. ورأت بعض الصحف الفرنسية ان القاضيين أرمان ريبرول ومارك بربسيه فوكو لديهما "القوة النووية اللازمة لابطال مفعول قنبلة تستهدف كل الطبقة السياسية الفرنسية". ومن المتوقع ان يحقق القاضيان مع عدد من الشخصيات المعروفة، في اليمين مثل الرئيس السابق للمجلس الاقليمي لمدينة باريس وضواحيها ميشال جيرو، وفي اليسار مثل وزير الشؤون الأوروبية بيار موسكو فيسي، الذي كان مسؤول تمويل الحزب الاشتراكي. والمعلومات المتوافرة لدى القضاء الفرنسي تشير الى أن موسكو فيسي كان اطلع من الرئيس السابق للفرع الباريسي للحزب الاشتراكي جان ماري لوغوين على تمويل الأحزاب عبر مشاريع تلزيم المدارس والمنشآت العامة. وأشارت الصحف الفرنسية الى أن زلزالاً خفيفاً يهدد الأحزاب الفرنسية الرئيسية. الى ذلك، قالت صحيفة "لو فيغارو" اليمينية ان الفرنسيين "تساءلوا لفترة طويلة، حول الاحترام والود المتبادل الذي كان قائماً بين الرئيس الراحل فرانسوا ميتران ووزير الداخلية السابق شارل باسكوا الديغولي وان ما يجري الآن يفسر ذلك". وقالت ان القاضيين فيليب كوروا وايزابيل بريغو - دوبري، أجريا عمليات دهم لمنازل ومكاتب كل من جان شارل ماركياني المقرب من باسكوا ومستشار ميتران السابق جاك اتالي ونجله جان كريستوف ميتران، في اطار التحقيق في ظروف توقيع اتفاق أمني بين فرنسا وافريقيا. والجميع في فرنسا الآن يترقب رد فعل شيراك وحديثه الى الرأي العام في أقرب وقت.