فاز جورج بوش بالرئاسة فوزاً نهائياً لا عودة عنه، ومع ذلك فهم لا يزالون يعدّون الاصوات في فلوريدا. آل غور نال 50.996.064 صوتاً مقابل 50.456.167 صوتاً لبوش، اي بزيادة 539.897 من الاصوات الشعبية، إلا ان بوش نال 271 صوتاً في الندوة الانتخابية التي تختار الرئيس، اي بزيادة صوت واحد على الحد الأدنى المطلوب. مع ذلك هناك جهات صحافية في فلوريدا وجماعات حقوق عامة وما اليها تقوم بفرز الاصوات الآن، ويجمع المراقبون على ان عملها لن ينتهي قبل مئة يوم من دخول جورج بوش البيت الابيض. وفي حين ان فرز الاصوات مرة اخرى لن يفيد شيئاً في تغيير النتيجة، فإن التركيز هو على 40 ألف بطاقة انتخابية الى 60 ألفاً لم تسجل آلات الفرز اسم المرشح المختار عليها. هذا التشكيك المستمر في فوز بوش من شأنه ان يُضعف رئاسته، وقد ردّ بعض انصاره بحساب مختلف للاصوات والمقاطعات والولايات، بما يثبت فوز المرشح الجمهوري فوزاً كبيراً رغم خسارته الاصوات الشعبية. وهكذا فقد قرأنا ان غور انتصر في 677 مقاطعة مقابل 2434 مقاطعة لبوش، وان سكان المقاطعات التي انتزعها غور بلغوا 127 مليون نسمة مقابل 143 مليوناً في المقاطعات التي صوتت لبوش، وكانت مساحة مقاطعات الخاسر 580 الف ميل مربع مقابل 2.427.000 ميل مربع لبوش. بل ان انصار بوش طلعوا بإحصاء عن الجريمة، فحيث فاز غور هناك 13.2 جريمة قتل لكل مئة الف مواطن، مقابل 2.1 جريمة قتل في مقاطعات بوش. وارجح شخصياً ان هذا الحساب صحيح، لأن غور فاز بولايات ساحلية من نوع نيويورك وكاليفورنيا حيث تكثر الجريمة، في حين انتزع بوش الولايات الوسطى كلها حيث الجريمة دائماً اقل. الجمهوريون سخروا ايضاً من محاولة الديمقراطيين اعادة الفرز بالآلة مرة، وباليد مرة اخرى، حتى يصلوا الى نتيجة يرضون عنها، كما قال وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر، وهم بالتالي اقترحوا بطاقات انتخابية من نوع يناسب الديمقراطيين. البطاقة تضم اسماء المرشحين، ولكن تحت اسم جورج بوش هناك اضافات ديمقراطية: - أنت اخترت جورج بوش. - هل أنت واثق انك تريد جورج بوش؟ - هل تعرف ان جورج بوش ليس آل غور؟ - طبعاً، انت تريد ان تنتخب آل غور. أما تحت اسم آل غور فكان هناك: - أنت اخترت آل غور. - هل تريد ان تنتخبه مرتين؟ - ما رأيك في ثلاث مرات؟ وبما ان بات بوكانان اتهم بسرقة اصوات كان يُفترض ان تذهب الى آل غور فقد ضمت البطاقة التالي: - أنت اخترت بات بوكانان. - هل تدرك انك أهدرت صوتك لأن بات بوكانان لن يفوز؟ - سنعتبر انك تمزح، وانك تريد فعلاً التصويت لغور. ويصل الناخب الى قلم الاقتراع ويسأل: هل تأخرت في تسجيل اسمي؟ ويردّ عليه الموظف الديمقراطي: هذا يعتمد على اسم المرشح الذي تريد انتخابه. الواقع ان سكان فلوريدا سخروا من انفسهم، وهم يرون فرز الاصوات يوماً بعد يوم، وانتشرت ملصقات كثيرة تعكس واقع الحال منها: اذا كانت طريقة فرزنا الاصوات لا تعجبك، فالاوتوستراد سينقلك الى 56 ولاية اخرى طبعاً هناك 49 ولاية اخرى. وايضاً: اذا كنت تعتقد اننا لا نستطيع ان نعدّ، انتظر لترى كيف نسوق السيارات. وكانت هناك دعاية لفلوريدا تقول: نحن الرقم واحد، فجاء من كتب تحتها، أصرّ على اعادة العدّ. وبقي التركيز على عدم قدرة المسؤولين في فلوريدا على فرز الاصوات، ثم جمعها، فقالت ملصقة: هناك ثلاثة انواع من البشر، النوع الذي يعرف ان يعدّ، والنوع الذي لا يعرف ان يعدّ. الخبراء يقولون ان فرز الاصوات غير الرسمي الجاري الآن لن يصل الى نتيجة، فالارجح الا يعرف ابداً من فاز بولاية فلوريدا، لأن ثمة اختلافاً في طريقة فرز الاصوات بين مقاطعة واخرى، وقد ضاعت بطاقات كثيرة في عمليات عدّ الاصوات المتتالية. مهما يكن من أمر فجورج بوش فاز بالرئاسة، وانصاره غاضبون من محاولة الديمقراطيين الانتقاص من رئاسته. وقرأت من اعترض على معاملة وسائل الاعلام، وغالبية هذه ليبرالية وبالتالي ديمقراطية، للمرشح الجمهوري الفائز. وقد سمعنا تكراراً ان مجلس ولاية فلوريدا "يسيطر عليه الجمهوريون" لأنه يضم 160 جمهورياً مقابل 58 ديمقراطياً، ولكن لم يقل احد ان المحكمة العليا في فلوريدا "يسيطر عليها الديمقراطيون" مع ان قضاتها السبعة ديمقراطيون. وفي حين يعرف كل اميركي ان "وزيرة خارجية" فلوريدا كاثرين هاريس جمهورية، فإنه لم يشر احد الى ان المدّعي العام للولاية بوب باتروورث نظم حملة آل غور في الولاية. وعندي شخصياً ملاحظة اخيرة فقد قرأت كل نبذة متوافرة عن حياة المرشحين خلال الانتخابات، وبعد حسم النتيجة، وقرأت معها ان بوش مغفل بالمقارنة مع "العبقري" آل غور، مع ان بوش يحمل شهادة محاماة من هارفارد حيث كان ايضاً زعيماً للطلاب، في حين ان آل غور سقط في كلية الحقوق في جامعة فاندربلت. غير اننا نقول "الفرفور ذنبه مغفور" خصوصاً اذا كان ديمقراطياً ووسائل الاعلام في غالبيتها تؤيد حزبه.