عمدت السعودية أخيراً إلى معاودة تنظيم المناطق المحيطة بالمسجد الحرام، وترتيب أولوياتها ورسم خطط مستقبلية تواكب التزايد المستمر في أعداد الحجاج والمعتمرين، بعد تطوير مرحلي انتهى بزيادة الطاقة الاستيعابية للمسجد إلى مليون مصلٍ في المواسم. ومع ازدياد عدد الحجاج والمعتمرين وتأكيد الدراسات احتمالات ازدياد الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة إلى أكثر من الضعفين في السنوات المقبلة، برزت الحاجة إلى تأسيس هيئة تتولى رسم استراتيجية تطوير المناطق المحيطة بالمسجد الحرام لفترة 25 سنة مقبلة، وهذا دفع أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز إلى القول إن مشاريع التخطيط الحديثة المنظمة لمدينة مكةالمكرمة ستسبق أي مشاريع جديدة تعتزم الدولة تنفيذها مستقبلاً. وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أول من أمس قراراً بتشكيل هيئة عليا لتطوير مكةالمكرمة، تتولى وضع خطط عاجلة لتطوير المناطق المحيطة بالمسجد الحرام، التي لم يسبق تنظيمها. والهيئة، الثانية من نوعها في السعودية الأولى خصصت لمدينة الرياض، ستسعى إلى استكمال الخطوط الدائرية وتطوير الساحات القريبة من المسجد، وشق الشوارع والطرق الداخلية الكافية لاستيعاب المشاة والسيارات، والنظر في صرف التعويضات. ويرأس الهيئة أمير منطقة مكةالمكرمة وتضم في عضويتها إمام المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد ورئيس محكمة التمييز وأمين العاصمة المقدسة ووكلاء ست وزارات معنية بالخدمات، إضافة إلى وكيل إمارة المنطقة. وقال سعوديون التقتهم "الحياة" إن الهيئة ستعمد إلى معاودة تشكيل المناطق المحيطة بالمسجد الحرام، وربما وضع شروط جديدة للبناء حول المسجد في المناطق والأجزاء الشمالية والشمالية الغربية، على أن يُنظر في المشاريع التي ظهرت أخيراً في المناطق لجهة ملاءمتها التنظيمات الجديدة. وسيلجأ إلى هدم عقارات لمصلحة مشروع إعادة التنظيم. وكان الأمير عبدالمجيد عمد إلى تنظيم المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة، واعتبرت هذه التجربة سابقة، في المجال التنظيمي في المدن السعودية. ويعتقد اقتصاديون في المملكة أن المنطقة مرشحة لتشهد مشاريع مرحلية، إذا قدر لأعمالها التنظيمية أن تستكمل في غضون سنة. ويشيرون إلى احتمال انفاق ما يزيد على ثلاثة بلايين ريال خلال الفترة المقبلة، مع ازدياد السيولة النقدية لدى المواطنين، في حال اقر هدم عقارات لمصلحة المشروع، وبالتالي دفع تعويضات للمواطنين. معروف ان الحكومة السعودية انفقت أكثر من سبعة بلايين ريال على مشروع توسعة المسجد الحرام. وبعد صدور قرار تشكيل الهيئة العليا لتطوير مكةالمكرمة، قال الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز في تصريح إلى "الحياة" إن "مكةالمكرمة ستظل في مقدم أولويات القيادة السعودية، ونعمل كي نكون بمستوى جوار بيت الله الحرام". وتشير الدراسات إلى أن عدد سكان مكةالمكرمة في المواسم قد يصل بعد خمسين سنة إلى أكثر من 4.9 مليون شخص المواطنون والمقيمون 6.4 مليون شخص والحجاج والزوار 8.4 مليون. إلى ذلك، قدر سعوديون عدد المعتمرين والمصلين في الجمعة الأخيرة من رمضان، التي تصادف ليلة السابع والعشرين من الشهر المبارك يجزم بعض الأئمة بأنها ليلة القدر التي نزل فيها القرآن الكريم، بما يزيد على مليوني شخص غصت بهم جنبات المسجد الحرام، بين مصلين وعاكفين وراكعين ومعتمرين. ولا يكاد المسلم ينشغل بطعامه وشرابه وهو صائم في رحاب المسجد الحرام، إذ يتولى السعوديون، وفي منافسة محمومة، اداء واجب الضيافة من دون مقابل، وهي عادة درج عليها أهالي مكة وتطورت لتصبح مشاركة جماعية من السعوديين الذين يقدمون للمعتمرين والزوار أفضل أنواع التمور ومياه زمزم. وعلى رغم وجود أكثر من 600 ألف معتمر من خارج السعودية، وتزايد السعوديين والخليجيين بنسبة كبيرة، فإن الأمر لا يعدو كونه "بروفة" للسنة المقبلة، تزامناً مع تأجيل قرار اتاحة العمرة على مدار السنة، من نيسان ابريل الماضي إلى أيار مايو المقبل، في محاولة لتطوير الإمكانات في صورة تليق بخدمة الأماكن المقدسة.