بدأت ملامح التجاذب السياسي في واشنطن تبرز بين الرئيس المنتخب جورج بوش والديموقراطيين، منذرة بأن "شهر العسل" مع الجمهوريين ورئيسهم بوش سيكون قصيراً، اذا تمسك الاخير بتصميمه على الوفاء بوعوده الانتخابية لخفض الضرائب. ويحتل خفض الضرائب موقعاً مهماً في تفكير بوش والجمهوريين، خصوصاً ان الرئيس السابق جورج بوش الأب دفع ثمناً كلّفه الفوز بالرئاسة لعدم وفائه بوعد خفض الضرائب. ومع استعداد بوش الإبن لاستلام الحكم في 20 كانون الثاني يناير، بدأ مع نائبه ريتشارد تشيني اعداد الرأي العام الاميركي لقبول فكرة تفيد ان الاقتصاد الاميركي يتباطأ ما يتطلب "الوصفة الجمهورية" القاضية بخفض الضرائب. وحذر بوش في مؤتمر صحافي من "اشارات تنذر باحتمال تباطؤ اقتصادي"، ما يستدعي اللجوء الى مشروعه الخاص بخفض ضريبي حجمه تريليون دولار على فترة 10 سنين. وتتهم مصادر الديموقراطيين بوش وتشيني بالعمل لتصوير الاقتصاد الاميركي بأنه مريض في آخر عهد الرئيس بيل كلينتون تحسباً لأي ركود في المستقبل قد يُلام الجمهوريون عليه. ورد البيت الابيض، عبر رئيس المجلس الاقتصادي القومي جين سبيرلينغ الذي قال لشبكة "اي بي سي" التلفزيونية: "نشهد الرئيس المنتخب وفريق عمله يحطون من قدر الاقتصاد، ويبثون الخوف من الوضع الاقتصادي اكثر مما هو مبرر، وأعتقد انه بوش يرتكب خطأ كبيراً". المخاطر وكان مجلس الاحتياط الفيديرالي أكد في بيان مقتضب نشره في موقعه على الانترنت أن "المخاطر التي تهدد إستقرار الأسعار ونمو الاقتصاد تتركز في شكل رئيسي في أوضاع يمكن أن تضعف الاقتصاد في المستقبل المنظور". واشار إلى تعرض الاقتصاد الأميركي لتباطؤ أسرع من المتوقع، والأثر السلبي لارتفاع أسعار الطاقة على الطلب وتآكل ثقة المستهلك والتراجع الكبير في مبيعات الشركات وأرباحها، والوهن الذي أصاب بعض قطاعات أسواق المال راجع ص 11. وجاء رد الفعل الأولي لمؤشر "داوجونز" وشركاته ال30 الصناعية الكبرى متردداً، إذ انخفض عقب إعلان بيان لجنة السوق مساء الثلثاء، نحو 61 نقطة ليستقر عند 10584.37 نقطة ويفقد 0.57 في المئة من قيمته. لكنه ما لبث ان انهار وخسر زهاء 265 نقطة دفعة واحدة، رافعاً خسائره منذ بداية السنة إلى 10.3 في المئة. كما ارتفعت نسبة خسائره من الذروة التي بلغها في وقت مبكر من السنة إلى زهاء 12 في المئة. وارتفع مؤشر "ستاندرد آند بور 500" منذ بداية السنة إلى 13.4 في المئة، علماً أن "ستاندرد آند بور" يضم 400 شركة صناعية كبيرة و40 شركة مالية و40 شركة مرافق عامة و20 شركة مواصلات. لكن مؤشر "ناسداك"، الذي يضم مؤشره الرئيسي "ناسداك كومبوسايت" نحو خمسة آلاف شركة، من ضمنها 500 أجنبية، تعرض لصدمتين متتاليتين وخسر في الأولى 113 نقطة ثم اضاف الى خسائره في اليوم التالي 179 نقطة لينخفض بذلك إلى 2332 نقطة وليرتفع ما فقده من قيمته منذ بداية السنة إلى 43.5 في المئة، وإلى 53.4 في المئة، منذ الذروة التي بلغها في الاسبوع الثاني من آذار مارس الماضي. وعكس تدهور مؤشر "ناسداك" الخسائر الضخمة التي لحقت بإجمالي القيم السوقية، لما يمثله من شركات، وبلغت هذه الخسائر زهاء ألفي بليون دولار منذ بداية السنة، ونحو 2.5 تريليون دولار مقارنة بفترة الذروة التي بلغها المؤشر في 9 آذار، وتجاوز فيها حاجز 5000 نقطة مسجلاً أعلى مستوياته منذ أطلق للمرة الأولى بمئة نقطة عام 1971.