الحجم الكمي والكيفي للجوائز الدولية التي حصلت عليها السينما الايرانية هذا العام، والتي وصلت الى مستوى محير ويثير التعجب ويدفع الى البحث عن خلفيات الحضور الفاعل وأسبابه، يأتي من اتقان المخرجين والفنيين والفنانين الايرانيين لعبة التحايل على العوائق والمحددات والمحظورات التي تواجه العمل السينمائي. وهي لعبة وسيلتها الصورة والصوت والتقنيات المترافقة، الى جانب البساطة في عرض السر الايراني المجهول لدى الآخر، وفي نقل واقعات غابت غياباً يكاد يكون شبه تام عن الهم السينمائي العالمي. السينما الايرانية تنقسم قسمين: الأول هو محط اهتمام المهرجانات والجوائز العالمية ولا يحظى بنسبة مشاهدين داخل ايران، والثاني سينما داخلية تتعاطى الشأن الاجتماعي ومشكلاته اليومية أو الناتجة عن الازمات المختلفة، وهي التي تحظى بأعلى نسبة مشاهدين. فقد حقق فيلم "شوكران" للمخرج بهروز أفخمي أعلى نسبة مبيع هذه السنة نصف مليون دولار، فيما حقق فيلم "زمن لسُكر الخيول"، للمخرج بهمن قبادى نحو 24 ألف دولار. وعليه يمكن ادراك السر وراء هذه النجاحات، وهو يكمن في تقديم نموذج مختلف في لغته واهتمامه، في محاولة للالتفاف على المعوقات الداخلية ومحاذيرها. واذا كان الاحتفال بمرور مئة سنة على دخول السينما ايران، مر مرور الكرام في ظل غياب أبرز وجوه هذه السينما عنه، فإن حضورها الدولي كان أكثر كثافة، إذ حصلت على نحو 65 جائزة دولية في مهرجانات مختلفة فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ففي أيلول سبتمبر حصلت السينما الايرانية على ست جوائز في مهرجان البندقية، منها "الأسد الذهب" عن فيلم "الدائرة" وثلاث عن فيلم "يوم أصبحت امرأة". وكذلك على الجائزة الخاصة بلجنة الحكام في مهرجان مونريال عن فيلم "رائحة الكافور، عطر الياسمين"، وأفضل فيلم ل"فتيات الشمس". وفي مهرجان رومانيا حصل فيلم "القفير لايبقى خالياً" على الجائزة الأولى، وحل فيلم "يوم أصبحت امرأة" ثانياً في مهرجان "تورنتو" جائزة الاكتشاف، تقديم شركة فولس فاكن، فيما نال فيلم "الدولاب" الجائزة الخاصة بهيئة التحكيم في مهرجان "لوكاس" فرانكفورت. أما مهرجان بيونغ يانغ فأعطى جائزة الشعلة الذهب لأفضل فيلم، وأفضل موسيقى لفيلم "الحب الضائع"، فيما نال فيلم "الصفصاف والريح" جائزة الفيل الذهب في مهرجان بانكوك. وفي تشرين الأول اكتوبر حاز فيلما "الدائرة" و"جمعه" جوائز المشاهدين في مهرجان هامبورغ. ونالت "رخشان بني اعتماد" شعار "السلام والحرية" في مهرجان المرأة والسينما في فلورنسا. ثم نال فيلم "يوم أصبحت امرأة" ثلاث جوائز أخرى في مهرجان افلام الجنوب في اوسلو ومهرجان شيكاغو ومهرجان بوشنان لأول فيلم آسيوي، وجائزة فيبرشي وجائزة هوغوي الفضة لأفضل فيلم على التوالي. وحظي فيلم "اللوح الأسود" لسميرة مخملباف بالجائزة الكبرى لمحكمي مهرجان مؤسسة الفيلم الأميركي في لوس انجليس، أما فيلم "زمن لشكر الخيول" فحصل على ثلاث جوائز في مهرجان كان، وشهادة من أدنبره اسكتلندا، وجائزة هوغوي الفضة للجنة التحكيم في مهرجان شيكاغو، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان ساوباولو. ويعتبر "زمن لسُكر الخيول" أول فيلم ايراني سيشارك في مهرجانات توزيع الأوسكار في مهرجانه المقبل. أما في كانون الأول ديسمبر فحصلت عائلة مخملباف عباس وسميرة على الجائزة الخاصة لمتحف الفنون الجميلة في بوسطن.