كرة القدم تفان وإخلاص وعطاء ومن ثم اهداف وجماهير ومدرجات تتراقص وتتهاوى. تلك هي الكرة ، وهذا هو عالمها... اخلاق وروح اولاً وبعدها اهداف وبطولات وامجاد. للمستديرة الصغيرة قانونها وشرعها وعالمها الكبير، يختلف الجميع على النجوم وقدرتهم وفي النهاية يتفقون على اخلاقهم. صفق الجميع وهامت الجماهير ببيليه ومارادونا، لكنهم في النهاية اختزنوا صورة الجوهرة السوداء وسقط من ذاكرتهم القزم الصغير بعد تورطه في اعمال لا اخلاقية كثيرة... فالروح والاخلاق هما اللتان تبقيان عند الرحيل، وعند انزال الستار عن آخر فصل من فصول النجوم يقف الجمهور ويصفق. وقد يحدث العكس، وما مهاجم البرازيل ونجم الارجنتين إلا دليل يؤكد ذلك. تذكرت الجماهير ذلك ولاعب النصر الراحل "قسراً" فهد الهريفي يمر على ذاكرتهم باحداث عودته ورحيله الدراماتيكي. البداية كانت البداية من مدينه تقع في جنوب السعودية وتسمى بيشه وهي التي شهدت مولد فهد الهريفي وانضمامه تحديداً الى ناديها النخيل... شق الهريفي دربه من هناك وبدأ مشواره في عالم النجومية. بداية الهريفي ضمت بين سطورها بشارة ولادة نجم وبزوغ لاعب لم يتردد النصراويون كثيراً وهم ينقلونه ويغيرون طريقه من النخيل الى ناديهم حيث انطلق وبدأ فصلاً جديداً من حياته كانت مع المحطه الثانية في مسيرته الكروية . المشوار كانت كل حركة وكل كرة من قدمه تدل على موهبته والقدرة الكروية التي يمتلكها، والتي لم يتردد خلالها النصراويون في منحه الفرصة حيث انطلق وسجل التاريخ بداية المجد "الهريفاوي". وبدأ هذا المجد مع بطولة الملك عام 1987، وواصل بعدها الهريفي مشواره حيث كانت البداية الفعلية وإن تأخرت قليلاً مع مطلع 1994 وتحديداً بعد عودته من الايقاف الذي شمله الى جانب الهلالي يوسف الثنيان. واستطاع الهريفي قيادة فريقه للعودة الى البطولات بعد غياب نصراوي. تاريخ ذهبي قضى الهريفي اجمل سنوات عمره وهو يحصد الانتصارات سواء مع النصر او يوم كان لاعباً في صفوف المنتخب. فمع ناديه حقق الكثير من البطولات كان اهمها كأس دوري خادم الحرمين الشريفين 1994 بعد موسم كان الهريفي نجمه الاوحد. واحتفظ باللقب في الموسم التالي بعد مباراة نهائية شهيرة امام منافسه التقليدي الهلال فاز فيها النصراويون لعباً ونتيجة بثلاثية كان النجم ماجد عبدالله فارسها. كما حقق مع فريقه بطولتي الخليج عامي 1995 و1996 في المنامة والدوحة. اما مع المنتخب فكانت اهم الانجازات الفوز بكأس آسيا عام 1988، والمشاركة في نهائيات مونديال اميركا عام 1994. الغياب الاول كانت بداية خروج الهريفي عن النص وبالتالي تعرضه للايقاف والشطب في اعقاب بطولة أمم آسيا عام 1992 في اليابان اذ ابعد ومعه الثنيان لاسباب لم يعلن عنها حتى الآن على رغم ما صاحبها من قيل وقال عادة في الامور المبهمة والغامضه دائماً. ولم يستمرالشطب طويلاً اذ عاد الهريفي بعد العفو الذي صدر من الامير فيصل بن فهد بعد تأهل المنتخب لكأس العالم عام 1994، وجاءت عودته قوية للغاية ونجح في قيادة فريقه الى انجازات عدة وقدم مستوى رائعاً. لم يستفد الهريفي مما تعرض له شيئاً، ولم يتعلم ان من الخطأ تكون التجربة ومن التجربة ينبثق الصواب. فكانت احداث اعتزاله وهو يعلن الرحيل بعد احداث دراماتيكية بينه وبين رئيس نادي النصر الامير عبدالرحمن بن سعود اذ انتقلت النزاعات الى صفحات الاعلام وانتهت باعتزال الهريفي وترحيب الادارة واحتفال بعض الجماهير النصراوية بانتهاء مسلسل طويل من المشكلات. وبينما كان النصر يستعد الى تحقيق اول بطولة آسيوية، قدم الهريفي اعتذاره واعلن عودته لمشاركة النصر في بطولة آسيا عام 1998. وقد شكلت هذه التوبة طريقاً جديداً لم يرض غالبية النصراويين عنها وفي مقدمهم الامير عبدالرحمن بن سعود المبتعد وقتها عن النادي الذي كان تحت رئاسة ابنه الامير فيصل بن عبدالرحمن. عاد الهريفي وكان احد اسباب وصول فريقه الى بطولة العالم الاولى للاندية بهدفه في فريق سامسونغ الكوري. ووسط اصرار الامير عبدالرحمن بن سعود على اعتذار الهريفي له ولجماهير النصر عن كل اساءته، وعلى رغم اعتذاره عبر احدى القنوات الفضائىة فضل الهريفي الابتعاد النهائي نهاية الموسم الماضي بعد مشكلات كبيرة حدثت على ملعب النصر بعد ان ابعد الهريفي اثناء المران من قبل الامير عبدالرحمن بن سعود... وانتهت بسقوط ادارة فيصل بن عبدالرحمن وتكليف الامير عبدالرحمن الرئاسة لمدة عام. وبعد سنوات من النجومية والشهرة طوى الهريفي بيده تلك الصفحات المضيئة، وجاءت النهاية مع مطلع الالفية الثالثة.