سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التحركات المتقابلة تحول قضيتهم سياسية واتجاه إلى فصلها عن مسألة السجناء في سورية . لبنان : لحود سيقترح آلية لكشف مصير المفقودين والحريري يعد بأجوبة يعتبرها ليست سهلة
} أخذت قضية المفقودين خلال الحرب اللبنانية، بعد تسليم السلطات السورية 54 سجيناً الى السلطات اللبنانية التي أفرجت عن عدد منهم، تسلك منحى سياسياً. وقوبلت إثارة "لجنة اهالي المعتقلين في السجون السورية" وقوى وأحزاب سياسية متضامنة معها لقضية مفقودين على انهم بين السجناء في سورية ولم ترد اسماؤهم بين الذين سلّموا، بتحرك مضاد من لجان في عدد من المناطق بينها "اللجنة الأهلية للمخطوفين على حواجز الميليشيات المتعاملة مع اسرائيل". وفي مقابل تحرك اللجنة الأولى وبعض أهالي المفقودين في اتجاه البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، تحركت اللجنة الثانية في اتجاه رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة داعية الى اعتصام أمام مقر مجلس الوزراء غداً الأربعاء للمطالبة باجراءات تكشف عن مصير هؤلاء المفقودين. وبدا ان القضية تتجه نحو اتهامات متبادلة تنبش بعض ما شهدته الحرب اللبنانية من مآسٍ. وتعتبر مصادر وزارية ان مبادرة الرئيس اللبناني اميل لحود اعلان نيته الطلب من مجلس الوزراء ايجاد حل لهذه القضية يكشف لجميع الأهالي مصير ابنائهم المفقودين يبدو الحل الأمثل الذي سيتطرق اليه المجلس في اجتماعه الأسبوعي غداً، تفادياً لتفاقم القضية على المستوى السياسي. وعلمت "الحياة" ان اتصالات غير مباشرة اجراها بعض اركان الدولة مع البطريرك صفير، من اجل المساهمة في تهدئة الخواطر، حتى لا ينعكس التصعيد في هذا الموضوع فتحاً لدفاتر الحرب. وفي المقابل، قالت مصادر مقربة من بكركي التي تتفهم وجوب تجنب الاثارة في هذه القضية، ل"الحياة"، ان لا مانع من لجوء الدولة الى تسلم الملف وإبلاغ الأهالي مصير ابنائهم وأقاربهم، حتى لو كان هذا الأمر يطاول الميليشيات، من أي فئة كانت. أعلنت مصادر وزارية ل"الحياة" ان رئيس الجمهورية اميل لحود يؤكد ان لا شيء لدى الدولة تخافه من وضع اليد على ملف قضية المفقودين خلال الحرب، لأنه لا هو ولا رئيس الحكومة رفيق الحريري شاركا في الخطف والقتل. وأوضحت ان لحود يعتقد على رغم اقتناعه بأن المفقودين قتلوا اثناء الحرب، ان من واجب الدولة التعاطي مع القضية انسانياً، في العلاقة مع اهاليهم، وبالتالي عليها ان تبلغ هؤلاء نتائج تحقيقاتها في الأمر. وذكرت المصادر ان مجلس الوزراء سيبحث في آلية لعملية تحقق مما حصل للمفقودين، عبر العودة الى الاستمارات التي كان ملأها اهالي مفقودين العام الماضي عن مفقوديهم، ودعوة من لم يبلغ الدولة بمفقود لديه ان يفعل تمهيداً لقيام لجنة مؤلفة من اكفياء، ولا بد من ان يكونوا من القضاة، من اجل ان تقوم بالاستقصاءات اللازمة وتلاحق المعلومات في القضايا المثارة. وفي اطار لقاءاتها المسؤولين زارت "اللجنة الأهلية للمخطوفين على حواجز الميليشيات المتعاملة مع اسرائيل"، برئاسة حسان شهاب السرايا حيث استمع الرئيس الحريري الى مطالبها. فتوجهت اليه السيدة انتصار علي باسمهم بالقول: "نريد ان نعرف مصيرهم، فإن كانوا امواتاً لنعرف ذلك وان كانوا لا يزالون احياء فليعودوا الينا".وأمل شهاب بحل هذه المسألة وكشف ملابساتها. وردّ الحريري بكلمة قال فيها: "لقاؤكم في السرايا الحكومية له معنى رمزي، هو مسؤولية الدولة والحكومة عن ابنائها. الحرب كانت قاسية على الجميع وكانت الأقسى عليكم، فمن فقد أي امر مادي لا قيمة له، مقارنة بفقدان الأبناء او الازواج او الاخوة والآباء. سنبذل كل جهد صادق لجلاء هذه المسألة، ولكن علينا ان نتحلى بالصبر ونتمسك بالإيمان بالله". ودعا الى "عدم تسييس الموضوع، او المتاجرة به او محاولة استعمال احزان الناس لأسباب سياسية، فكلنا يعلم ان هناك مآسي كبيرة دخلت البيوت وذهب ضحيتها شباب وشابات وأهل أقارب وأعزاء. منهم من عثر عليهم ومنهم من اختفى ولم يعلم ذووهم أي شيء عن مصيرهم". ووعد بتقصي "أي معلومات، وسنعمل المستحيل لجلاء الحقيقة واعطاء اجوبة. الأمور ليست بالسهولة التي يصورها البعض والأمر لن ينتهي بتأليف لجنة، او إحالة الموضوع على جهة معينة، أنا لم أتعوّد ان اراوغ وسأكون صريحاً جداً معكم ولن أدخل في استثمار عواطفكم على الاطلاق ولن أكون طرفاً فيها". وختم: "فقدت ولداً من أولادي، وأعلم شعور الأهل الذين يفقدون أولادهم. هذا موضوع مقدس لا يجوز اللعب فيه، وبالتالي سأعمل ما يوحي لي به ضميري وإيماني واقتناعاتي الدينية والوطنية". وكانت اللجنة الأهلية نفسها عقدت مؤتمراً صحافياً في نقابة الصحافة توجهت من خلاله الى رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة "بصرخة للسؤال عن مصير أهلنا وأخوتنا وأبنائنا الذين خطفوا على ايدي المجرمين من "الأحرار" و"القوات اللبنانية" المحظورة و"حراس الأرز"، لأننا لم ولن نسكت الا عند معرفة مصير مخطوفينا الذين تؤكد كل الأدلة ان معظمهم لا يزال حياً، يعاني المرض نتيجة استهلاكهم تارة من سحب دمائهم، وتارة عبر استغلالهم في أعمال لاإنسانية. ولن نسكت عن اختفاء أهلنا في السبت الأسود منذ 25 عاماً على أيدي المجرمين الخاطفين". وإذ ذكر البيان بالميليشيات التي قال انها مارست عمليات الخطف، أضاف: "كنا رأينا عبر التلفزة العالمية عناصر تابعين للقوات يقتادون بعض هؤلاء المخطوفين الى سفن لتتجه بهم الى اسرائيل". ودعت اللجنة اهالي المفقودين وسائر المعنيين بالشأن الانساني الى المشاركة الواسعة في الاعتصام امام مقر مجلس الوزراء غداً الأربعاء "حتى تتشكل لجنة لكشف الحقيقة". وشارك عدد من امهات المخطوفين والمفقودين في المؤتمر الصحافي، وحملن صور اولادهم وقصاصات صحف عن اختفائهم خلال الحرب. وانهمرت دموع كثيرات منهن. واستغرب رئيس "حزب الوطنيين الأحرار" دوري شمعون رد الفعل الرسمي على موضوع "السجناء المفقودين"، قائلاً "ان التلاطف مع سورية على حساب المواطن اللبناني لا نفهمه". عون وجدد العماد ميشال عون "دعوة سورية الى ترك لبنان". وسأل المسؤولين الذين يدافعون عن وجودها "ان يحددوا لنا ماذا تريد منه كي تخرج؟". وأضاف، في تصريح أمس: "اذا كانت المطالب السورية تتعلق بإسرائيل، فلتقل لنا كيف يمكنها التأثير في اسرائيل انطلاقاً من احتلالها لبنان، وهي موجودة فيه وفقاً لتفاهم مع الدولة العبرية، محكوم بخطوط حمر لم تخرج عنها يوماً، واحترمتها بحرفيتها. فاستقرت جبهة الجولان، وأرهق لبنان. واذا كانت المطالب تتعلق بأميركا، فكيف يمكن سورية الضغط عليها من لبنان؟ وهل أميركا جاهزة لدفع الفدية المطلوبة لانقاذه من الأسر، ام انه سيبقى كبش المحرقة لانقاذ الحل المتعثر لأزمة الشرق الأوسط". ورفض "الرياء المكشوف لتبرير البقاء السوري، اذ ليس هناك مصلحة تكتيكية أو استراتيجية لسورية. وليس هناك تأثير في المسارات التفاوضية، وما الفتائل الوالعة في الجنوب سوى ذريعة للبقاء، ولاكمال عملية الهضم". وختم: "اذا كان النظام السوري يعتبر المطالبة بانسحابه ضغطاً لا يرضخ له ويفسر التظاهرات ضد احتلاله انكاراً للجميل، فهل يقبل طلب استرحام من اللبنانيين ويرحل مشكوراً؟".