مع تطور الأبحاث في العلوم الغذائية، بدأت تتكشف للباحثين مسببات البدانة. وقد تكون جامعة "ويسكونسين" في مدينة ماديسون في الولاياتالمتحدة الأميركية، أكثر من غيرها تطوراً وتقدماً في فهم "البدانة" ووضع اليد على مسبباتها في الجسم، إذ دلت التجارب الطويلة التي قام بها الباحث نيكولا هيل والبروفسور ريتشارد اتكينسون الى أن "بعض" حالات البدانة تُعزى الى الاصابة ب"ادينوفيروس" Adinovirus وهو فيروس يصيب الغدد. وهذه النتيجة توصل اليها هيل وأتكينسون بعد تحليل دم 199 متبرعاً بينهم 45 متبرعاً نحلاء الجسم ووزنهم طبيعي و154 يعانون زيادة الوزن والبدانة وكان الهدف من ذلك تحري أضداد الفيروس الغدي Ad-36 الذي ثبت انه يسبب البدانة لدى حيوانات التجارب المخبرية. ووجد العالمان ان الاختبارات الدموية المصلية لم تشر الى وجود أضداد الفيروس عند النحلاء بينما كانت الاختبارات ايجابية لدى 23 متبرعاً من البدينين أي بنسبة تعادل 15 في المئة لديهم اضداد للفيروسات الغدية. كما بينت الدراسات ان الأشخاص البدينين الذين ظهرت اختباراتهم الدموية ايجابية، أي انها تحتوي على الأضداد الفيروسية، ويكون تأثير العلاج المضاد للبدانة عندهم أكبر وفاعلاً بشكل أقوى من الذين ظهرت اختباراتهم سلبية. ولاحظ هيل واتكينسون أن وجود الفيروس يتوافق عكساً مع تركيز الدهون في المصل الدموي حيث ان نسبة كوليسترول الدم والشحوم الثلاثية "تراي غليسيرايد" في دم المصابين بالفيروس أقل من نسبتها في دم البدينين العاديين. وبرز أمامهما السؤال: كيف يمكن الفيروس أن يؤدي الى البدانة؟ بيّنت الدراسات والأبحاث المخبرية ومعاينة ما يزيد على 200 شخص ان آلية البدانة عند الاصابة بالفيروس لا تتعلق بزيادة الشهية الى الطعام أو تناول كميات غذائية أكبر من الطبيعي. والنتائج التي توصل اليها نيكولا هيل وريتشارد اتكينسون تشير في أن الفيروس يؤدي الى اضطراب فيزيولوجي داخلي يؤثر على استقلاب المواد الدسمة ويؤدي الى تجمع الشحوم. واستقبلت نظرية هيل وأتكينسون بايجابية عند المهتمين بالعلوم الغذائية. وذهب بعضهم الى الأخذ بها لتفسير التزايد المتصاعد لعدد حالات البدانة في المجتمعات الغربية في العشرين سنة الأخيرة، على رغم تقدم الطب الوقائي والغذائي. وعلى رغم ذلك شكك عدد اخر من الأخصائيين والبحاثة في صوابية نظرية هيل وأتكينسون. فما توصل اليه هيل وأتكينسون كان نتاج الدراسات المخبرية، لكن تبقى احتمالات الإصابة الفيروسية قليلة، ولا تتجاوز أكثر من 15 في المئة من حالات البدينين. وقد يكون الفيروس موجوداً بالمصادفة، وهنا يكون التفسير الذي توصل اليه هيل وأتكينسون خاطئاً! الاحصائيات الأخيرة في الولاياتالمتحدة الأميركية دلّت الى أن البدانة تصيب 25 في المئة من الرجال وأكثر من 30 في المئة من النساء. وهذه النسبة قد تزداد لدى الكبار في السن.