ضمن مشروعه الدرامي البصري الذي يسعى من خلاله الى منح الصورة "حيزاً مناسباً لما تمليه معطيات العصر"، يقدم المخرج السوري نجدت اسماعيل أنزور، هذا العام عمله الجديد "آخر الفرسان" الذي كتبه هاني السعدي ونظم أشعاره وقصائده الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع في دولة الامارات. العمل يعالج هموم الانسان وقضاياه، في بناء درامي "يعتمد لغة فنية تنهل من الفنون كافة"، بدءاً من "لغة الفن التشكيلي ومفرداتها اللونية والضوئية" وصولاً الى "لغة السينما ذات اللقطات المميزة والحركة الموزونة بدقة، مروراً بالعنصر المستقى من فن المسرح والذي يتطلب أداء ملائماً من الممثلين". أنزور في "آخر الفرسان" يلجأ الى أسلوب اخراجي مختلف عن اسلوب أعماله السابقة نوعاً ما، إذ يعتمد الرمزية والصور الإيحائية، ويقدم نمطاً جديداً من المشاهد واللقطات الغنية بالعناصر الفنية الضوء، الصوت، الحركة، حركة الممثل، الكاميرا ويعطي التقنية الحديثة دوراً في عدد من المشاهد التي تتطلب ذلك. ولعل التنوع في بيئات العمل الذي يميز جغرافية هذا المسلسل يكسر حال التكرار التي تعانيها أعمال درامية عربية كثيرة تتحرك في غرف استديوهات مغلقة، إذ يتم التصوير في الكثير من البلدان العربية والأجنبية المغرب، الإمارات، لبنان، سورية، الأردن، الهند، الصين، جنوب افريقيا. نجدت أنزور في حديثه عن "ضخامة هذا العمل" الذي رصدت له "إمكانات ضخمة" يقول: "نحن أمام عمل يمكنني أن أقول عنه إنه فريد من نوعه وغير مسبوق، يتطلب إمكانات مادية كبيرة جداً، وهو يتناول تاريخ المنطقة العربية في نهاية القرن التاسع عشر". ويضيف: ان "آخر الفرسان" يتحدث بلهجات متعددة، لأن "أحداثه تجري في دول عدة، عربية وغير عربية. وطبيقعة الحكاية تفرض علي بعض أبطالها التجوال والبحث. لهذا تجدهم مرة في الصحراء العربية التي ينطلقون منها، وأخرى في أنحاء مختلفة من العالم، في الصين أو المغرب أو تنزانيا... مثلاً". من هنا يجد أنزور ان من الطبيعي ان يتحدث أبناء هذه الدول بلهجاتهم "ما يجعل العمل يعتمد الترجمة، وقد كتبت حواره باللغة العربية الفصحى واللهجة الشامية المحلية". بينما يتولى الفنان جميل عواد تحويل حوار بعض الشخصيات الى لهجة بدوية. ويتابع: "في موازاة هذا التنوع في المواقع واللهجات، نجد ضخامة في عدد شخصيات العمل إذ يبلغ نحو مئتين، منها أكثر من ستين شخصية رئيسية يقوم بها عدد من النجوم العرب من سورية والمغرب والخليج العربي وغيرها". انت تلجأ في كل عمل الى تقديم وجوه جديدة واعدة، ماذا عن هذا الجانب في "آخر الفرسان"؟ - سيكون لافتاً فيه وجود عشرات الوجوه الجديدة، وبعضها صاعد بقوة. فأنا أنطلق من الاعتقاد ان في الوطن العربي الكثير من الطاقات التي تنتظر من يكشف عنها ويفجرها، ويطلقها لتقدم بصمتها. لكنك بعد تقديمها مرة، تسعى الى غيرها من الوجوه الجديدة. ما الدافع الى ذلك خصوصاً حين تنجح ممثلة أو ممثل نجاحاً باهراً؟ - أنا لا أحب أن أستغل نجاح أي ممثل أو نجم، بل أعطيه فرصة الظهور والنجاح ثم أطلقه ليجرب مع مخرجين آخرين، وقد أعود اليه في أعمال مقبلة. كاتب المسلسل هاني السعدي قال عن فكرته: "تجري أحداث هذا العمل ما بين الجزيرة العربية، عبر قبيلتين عربيتين من البلاد، والمقصود بآخر الفرسان، الفرسان الذين لا يساومون على مبادئهم. أما خلفية العمل فمبنية على قصائد الشعر النبطي التي ألفها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خصيصاً له".