بدأت الاجهزة الأمنية والقضائية في بيروت امس درس ملفات الموقوفين، او السجناء اللبنانيين ال46 والفلسطينيين الثمانية الذين سلمتهم السلطات السورية الى السلطات اللبنانية، أول من أمس، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في شأن كل منهم: من سيبقى في السجن لقضاء محكوميته، ومن سيحاكم بناء لملفات اضافية لدى السلطات اللبنانية، ومن سيفرج عنه. راجع ص4 و5 وفيما أعلن النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ان هناك ما بين 80 و85 سجيناً لا يزالون في سورية حوكموا بجرائم عادية ارتكبوها على الأراضي السورية، فإن المصادر الأمنية العليا والقضائية، التي استفسرتها "الحياة" عن الهويات السياسية لهؤلاء، أوضحت انها لم تحدد بعد الانتماء السياسي لكل منهم، في انتظار درس الملفات و"لأننا نتعاطى معهم على أساس انتمائهم الأمني والجرمي لا السياسي، خصوصاً ان بينهم من هم متهمون بالتعامل مع اسرائيل، او بالقيام بأعمال أمنية ضد سورية". وقال مرجع أمني ان تحديد الانتماء السياسي لكل منهم سيظهر في التحقيق معهم. الا ان مصادر مطلعة ذكرت ل"الحياة" ان غالبية الفلسطينيين الثمانية تنتمي الى حركة "فتح" ومن مخيمات الشمال والجنوب، وان بين اللبنانيين عدداً لا بأس به من منطقة الشمال، من حركة التوحيد الاسلامي، وان البعض الآخر من حزب البعث الموالي للعراق، اضافة الى عدد قليل من الموالين ل"القوات اللبنانية" واثنين احدهما عسكري يتعاطفان مع تيار العماد ميشال عون. وبين السجناء هؤلاء ايضاً مسؤول الأمن، إبان الحرب اللبنانية، في الحزب التقدمي الاشتراكي، جمال مصطفى ذهب كرارة أبو هيثم الذي يدور الكثير من اللغط حول شخصيته، نظراً الى انه من قياديي الميليشيات الذين كان لهم دور ملتبس خلال الحرب. وعرف كرارة، اساساً، بأنه مصري الجنسية من أم لبنانية، وانه كما قال مصدر قضائي حاصل على الجنسية اللبنانية. وقال عضوم أمس: "إن الحكم الصادر على أبو هيثم مفصّل في ما يتعلق بكل الأعمال التي ارتكبها"، لكنه رفض كشفها، مؤكداً ان لدى السلطات اللبنانية ملفات ل"أبو هيثم". وكان رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط سلّم أبو هيثم الى السلطات السورية في العام 1987، بعدما نصحه أحد كبار المسؤولين السوريين بوجوب التنبه الى ما يقوم به المسؤول الأمني في حزبه، وأبلغه بأن شكوكاً كثيرة تحوم حول علاقاته بأجهزة وجهات امنية أخرى. واقتاد جنبلاط شخصياً "أبو هيثم" الى سورية حيث سلمه، "بعدما وجد صعوبة في ضبط تحركاته وعلى رغم احتجازه في أحد مقرات جنبلاط في المختارة"، كما قال قياديون في الحزب الاشتراكي. وفي وقت يترقب الوسط السياسي كيفية تعاطي السلطات اللبنانية مع ملفات الموقوفين الذين تسلمتهم، فإن بعض أهالي المفقودين طالب بأبنائه الذين لم تكن اسماؤهم بين السجناء ال54 الذين نقلوا الى لبنان. وتجمهر بعضهم في قصر العدل واشتكوا من عدم ظهور أسماء اقربائهم وبينهم عسكريون، لكن القاضي عضوم أكد ان بعض من تتناولهم لوائح عن مسجونين في سورية، إما اطلق قبل سنوات، وان البعض الآخر قتل على الأراضي اللبنانية خلال معارك عسكرية وبعضهم دفن في مقابر جماعية وآخرين قتلوا على أيدي الميليشيات. وأعلن عضوم ان ملف السجناء في سورية "أقفل". أما رئيس الحكومة رفيق الحريري فدعا الى تناسي الماضي إزاء محاولات فتح دفاتر الحرب خصوصاً بالنسبة الى المفقودين. كما دعا الى الاعتدال. "الحياة" اتصلت بأهالي بعض الموقوفين الذين وردت اسماؤهم في لائحة من تسلمهم لبنان. السيدة سهام ابراهيم قالت: "ان فرحتي لا توصف حين تأكدت ان زوجي رضوان 54 عاماً في عهدة السلطات اللبنانية وبكيت حين سمعت القاضي عضوم يذيع اسمه وأنا أشعر الآن كأنه في بيته". وقالت ان زوجها رقيب أول في قوى الأمن أوقف في بلدة مشغرة البقاع الغربي عام 1992 نتيجة وشاية بالتعامل مع اسرائيل، وسيق من هناك الى مقر أمني ثم الى سورية. وكان ابنه أصيب بشظايا قذيفة العام 1982 فتوجه به الى اسرائيل لمعالجته ثم فوجئنا بعد 10 سنوات باعتقاله. وعلمنا بعد اتصالات انه أوقف في سورية فسمح لنا بعد 4 أشهر على ذلك بزيارته في السجن مرة كل 4 أشهر". وتقول جانيت، شقيقة جميل ديب 39 عاماً الذي أوقف في 7 تموز يوليو عام 1993 وحوكم بالسجن 10 سنوات: "الفرحة تغمرنا لأنه أصبح في بلده وعقبى للباقين ان شاء الله". وأضافت: "كنا في حال مأسوية لأنه مسجون في سورية لا في لبنان ولأنه كان متهماً بالتعاون مع اسرائيل". وقالت انه "أوقف في منزل العائلة في الدورة من اشخاص قالوا ان هناك امراً يحتاج الى تسوية معه وسيعود الى البيت، ثم علمنا لاحقاً انه اقتيد الى سجن المزة وسمح لنا بعد 6 أشهر بزيارته لكن هذا توقف قبل سنة و3 أشهر". وقالت السيدة نمنم ان ورود اسم ابنها الدركي الياس لطف الله طانيوس، بين الذين تسلمتهم السلطات اللبنانية كان بمثابة "عودة الروح الى الجسد... وكنت أنتظر أي خبر... وفجأة رنّ جرس الهاتف وقال المتصل مبروك فرحت ازغرد وأبكي. وطانيوس أوقف العام 1992 واتهم بالتعامل مع اسرائيل وبعد ان علمنا انه في سورية سمح لنا بزيارته، الى ان نقل الى سجن صيدنايا...". واعتبرت ان ابنها بات في أمان.