لعل الساعات الماضية التي أعقبت الإفراج عن رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف والعفو عنه، ستؤرخ لمرحلة جديدة ومختلفة في الحياة السياسية في باكستان. ويرى المراقبون أن التطورات الاخيرة أحدثت تغييراً فعلياً لجهة تغلب لغة التسامح على الالغاء كما حصل مع ذو الفقار علي بوتو في السبعينات، بغض النظر عما قيل من إساءة العسكر إلى القضاء الذي حكم على شريف غير مرة بالسجن المؤبد. ويرى مراقبون سياسيون أن الوضع الذي أصيب بالشلل والتجمد طوال الأشهر التي أعقبت وصول الجنرال برويز مشرف إلى السلطة، بدأ يتحرك وهو ما قد يمهد إلى مصالحة وطنية، بحسب مدير معهد غالوب لاستطلاعات الرأي إعجاز جيلاني الذي قال ل"الحياة" ان التصالح وقع بين حزبي الرابطة بزعامة شريف والشعب بزعامة بينظير بوتو وما جرى من ترتيبات بين العسكر والرابطة واحتمال حصول الترتيبات نفسها مع حزب الشعب، يؤشر إلى وجود عقلية تصالحية مع الواقع الباكستاني. وكانت الحكومة امتنعت عن التعليق على وجود صفقة للإفراج عن شريف في مقابل تخليه عن العمل السياسي لعشر سنوات. ونفى نائب زعيم حزب الرابطة ظفر علي شاه صحة ذلك واضاف في حديث ل"الحياة": "لا توجد صفقة بين الحكومة وحزب الرابطة وهذه ترتيبات بين عائلة نواز شريف والحكام العسكريين. وكان شريف ينسق نشاطات الحزب حتى ساعة مغادرته البلاد وأجرى بعض التعديلات على قيادة الحزب". ويبدو أن العسكر في أزمة حقيقية بعدما تصدعت المصداقية التي بنوا عليها وجودهم في السلطة و هي "المحاسبة"، إذ حملوا شريف كل أخطاء ومصائب البلاد ورشقوه بتهم عدة. وفجأة برأوه بغض النظر عن القضاء والقانون الباكستانيين. ويعوّل بعض الخبراء على أنه في حال تأكد تخلي شريف عن العمل السياسي وكذلك حصول صفقة مع بينظير بوتو والافراج عن زوجها فإن ذلك سيعني بداية مرحلة سياسية في باكستان، تفرز طبقة سياسية جديدة. لكن شخصيات باكستانية أخرى مثل رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال حميد جول توقع في حديث الى "الحياة" أن تقوم الأحزاب الإسلامية بملء الفراغ الذي سيخلفه رحيل الحزبين الرئيسيين في البلاد، ما قد يدفع واشنطن إلى التهديد وتطبيق السيناريو الذي ورد في دراسة أعدها معهد "راند" الأميركي ويتضمن قيام واشنطن بضرب المنشآت النووية الباكستانية بحجة تفادي وقوعها في أيدي المتطرفين الإسلاميين.