عاشت الولاياتالمتحدة، والعالم معها، دراما سياسية هوليوودية خالصة، لم تظهر وقائعها إلا صباح اليوم وفقاً لتوقعات الخبراء. وعلى عكس الحملة الانتخابية الرئاسية التي خاضها المرشحان، الجمهوري جورج دبليو بوش والديموقراطي آل غور، طوال الشهور الأخيرة، تميز يوم الاقتراع ومساء اعلان النتائج بالإثارة الشديدة. فالترجيحات نقلت الفوز من مرشح الى آخر على وتيرة اعلان نتائج الولايات، وتذوق غور للحظات فرحة الفوز، ثم انتقلت هذه الفرحة الى بوش. فلوريدا حسمت الأمر لمصلحة الجمهوري، لا لم تحسمه. فارق الأصوات ضئيل جداً. اتفق المعسكران على ضرورة اعادة تعدادها، وعلى انتظار احتساب نتائج التصويت في الخارج للحصول على نتيجة نهائية حاسمة. وبات مؤكداً ان مئات الاصوات فقط ستقرر عملياً من سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة. لكن الليلة الانتخابية الطويلة شهدت فجراً أكثر لحظاتها تشويقاً، عندما تسابقت شبكات التلفزيون الى اعلان غور فائزاً ثم تتراجع، أو اعلان بوش فائزاً ثم تتراجع، وصدر معظم الصحف صباحاً بعناوين متشابهة تعلن فوز بوش فيما كانت هذه النتيجة موضع اعادة نظر. بدأت المفاجأة عندما تسرّع معظم الشبكات بإعلان ان فلوريدا ذهبت الى المرشح الديموقراطي، ما عنى انهيار حظوظ جورج بوش. ولم يصمد النبأ أكثر من لحظات، اذ عادت الشبكات نفسها فأعلنت ان فلوريدا لا تزال بين الولايات التي يصعب تحديد من فاز بها. ومع اقتراب الفجر اخترق النبأ الاجواء: بوش هو الفائز في فلوريدا. وراح الجميع يتحدث عن فوز بوش بالرئاسة على انه حقيقة. وبلغت الدراما الانتخابية ذروتها عندما أعلن ان آل غور اتصل ببوش مهنئاً، وانه يستعد لإلقاء خطاب الاعتراف بالهزيمة. لكن مسؤولي الفرز في ولاية فلوريدا اتصلوا بحملة غور وابلغوا قادتها ان الفارق بين المرشحين لا يتعدى مئات الاصوات ولا يمكنهم اعلان فائز في الولاية. عندئذ اتصل غور ببوش شارحاً موقفه بالعدول عن الاعتراف بنهاية الحملة. واستيقظ عدد من الاميركيين ليفاجأوا بأن النتيجة لم تتأكد بعد لمصلحة بوش، وهم كانوا ذهبوا الى النوم عند سماعهم استعداد غور لإعلان هزيمته. وستبقى انتخابات سنة 2000 في التاريخ الاميركي غير مسبوقة بالفارق الضئيل في عدد الاصوات بين المرشحين الرئيسيين. اذ تقاسم بوش وغور الاصوات على المستوى الوطني مع أفضلية ضئىلة لغور، إلا أن عدد مندوبي الولايات - وهو الذي يحدد الفائز - لا يزال ينتظر احتساب مندوبي فلوريدا ال25 لأي منهما لحسم النتيجة. ولدى اعادة الفرز في فلوريدا، امس، كان الفارق بين المرشحين 1700 صوت لمصلحة بوش. وتبين ان مرشح حزب الخضر رالف نادر حصل على 96 ألف صوت يعتقد الخبراء أنها أصوات خسرها غور وكان من الممكن ان تحسم المعركة لمصلحته.