يمثل أمام محكمة انفا الابتدائية في الدار البيضاء الاسبوع الجاري المطرب اليهودي من أصل مغربي كوهين بنحاس المتهم بتهريب الأموال إلى إسرائيل عبر فرنسا. وقالت مصادر مغربية إن يهوداً مغاربة هرّبوا نحو 750 مليون دولار إلى اسرائيل عبر دول ثالثة خلال السنوات الخمس الماضية، من دون علم السلطات المغربية. وطالبت ادارة الجمارك المغربية بتغريم المطرب الذي يحمل الجنسيتين المغربية والاسرائيلية مبلغ خمسة ملايين دولار لقيامه بإخراج عملات أجنبية من دون ترخيص من السلطات المالية تتجاوز المبالغ المسموح بها ألف دولار في كل رحلة. وكانت شرطة الحدود المغربية أوقفت بنحاس، وهو مطرب شعبي مشهور، في مطار الدار البيضاء في 24 الشهر الماضي، وبحوزته أوراق نقدية بقيمة 475 ألف فرنك فرنسي. وبعد تحريات تم ضبط مبالغ أخرى في منزل المطرب بعملات مختلفة، خصوصاً الدولار الأميركي والفرنك الفرنسي والبزيتا الاسبانية والجنيه المصري والدينار الجزائري والفرنك البلجيكي تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات. وكشفت معلومات الانتربول لشرطة الحدود المغربية ان لكوهين بنحاس خمسة حسابات مفتوحة في باريس وتل أبيب، منها ثلاثة حسابات في مصرف "ناسيونال دي باري" بقيمة 1,7 مليون فرنك، وآخر في فرع مصرف "لومي" الاسرائيلي في باريس بقيمة 2,8 مليون فرنك، وحساب خامس في مصرف "لومي" فرع تل ابيب. وكان مصرف "لومي" يملك علاقات مع أطراف مغربية في أواسط التسعينات عقب التقارب الذي اقامته شركات مغربية مع اخرى إسرائيلية قريبة من حزب العمل لدعم مسيرة السلام في الشرق الاوسط. وكان هذا المصرف يعتزم، إلى جانب مجموعة "اونا" المغربية ومصرف "بانيستو" الاسباني ومجموعة الغصين الفلسطينية عام 1994، استثمار مبلغ 200 مليون دولار في مشاريع البنيات التحتية في اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن صعود بنيامين نتانياهو الى السلطة عام 1996 دفن المشروع. وينتظر ان يركز دفاع كوهين بنحاس مرافعته، اليوم الاربعاء، على صيغة للمصالحة والتعويض اعتباراً لموقع كوهين الفني وتحصيله بعض المبالغ عبر تبرعات المعجبين. لكن مصادر الجمارك المغربية ترفض فكرة التخلي عن الغرامة وتطالب المحكمة بإجراء تحقيقات اضافية حول قيمة المبالغ التي تم اخراجها في الماضي بالطريقة نفسها. وتشير مصادر مغربية غير رسمية إلى أن قيمة المبالغ التي صدرها يهود مغاربة إلى اسرائيل خلال السنوات الماضية تراوح بين 550 إلى 750 مليون دولار، معظمها تم عبر فرنسا ومن خلال حسابات لفروع اسرائيلية. وحسب مصادر مستقلة فإن تدهور وضعية السلام في الشرق الأوسط واغلاق مكتب الاتصال الاسرائيلي في الرباط يدفع بعض اليهود المغاربة حالياً الى التفكير في الهجرة ولو موقتاً، وإخراج جزء من ممتلكاتهم ما يضعهم تحت مراقبة شرطة الحدود. وكانت "الحياة" عاينت الأسبوع الماضي حال القلق التي ظهرت على موظفي مكتب الاتصال الاسرائيلي في شارع المهدي بن بركة في الرباط وهم يجمعون ملفات مكاتبهم بعد قرار المغرب وقف علاقاته الاقتصادية والاتصالية مع اسرائيل. وأصدر مجلس اليهود المغاربة الذي يرأسه وزير السياحة الأسبق سيرج بيرديغو بياناً نعى فيه ما سماه ب"ضحايا العنف" وأعلن مساندته الموقف المغربي من السلام في الشرق الاوسط، وأعرب عن تألمه لموت الاطفال ودعا الى "انشاء دولة فلسطينية تكون عاصمتها القدسالشرقية الى جانب اورشليم عاصمة اسرائيل". وهذه المرة الثانية التي يعرض فيها يهود مغاربة على محكمة الدار البيضاء بتهم تصدير الأموال، وكان الثري بن شتريت حوكم ودين عام 1996 بتهمة تبييض الأموال والتلاعب في حسابات شركاته لتضليل السلطات المالية. وأفرج عن بن شتريت لاحقاً بعفو ملكي، أصدره الملك الراحل الحسن الثاني، عن المدانين في حملة التطهير الاقتصادية التي شهدها المغرب أواسط التسعينات.