بلغراد، لاهاي - "الحياة"، رويترز - عبرت مسؤولة في محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المتحدة امس، عن استياء المحكمة الشديد ازاء ظهور الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش مجدداً على الساحة السياسية في بلاده، على رغم وجود امر دولي بالقبض عليه لمحاكمته بارتكاب جرائم حرب في كوسوفو. وجاء ذلك غداة اعادة انتخاب ميلوشيفيتش زعيماً للحزب الاشتراكي الصربي وظهوره على شاشة التلفزيون مرتين الاسبوع الماضي، خلال مؤتمر الحزب. وقالت فلورانس هارتمان الناطقة باسم كبيرة المدعين كارلا دل بونتي: "من غير المعقول ان يظهر بهذا الوضوح، شخص صدر بحقه امر اعتقال دولي". وأبدت الناطقة دهشتها لأن ميلوشيفيتش لم يختبئ لكنها اعترفت بأن اقناع بلغراد باعتقاله وتسليمه الى المحكمة قد يكون صعباً. وقال مراقبون ان تصريحات ميلوشيفيتش وسلوكه لا يوحيان بأنه يخطط للانسحاب من الحياة السياسية، وهو ما تطالب به الحكومات الغربية والقوى المعارضة في بلاده التي تطالب بمحاكمته ايضاً بتهمة اساءة استغلال السلطة. واستمر ميلوشيفيتش في زعامته لما تبقى من "الحزب الاشتراكي الصربي" بعدما انفصل عنه تنظيمان معارضان له. وشن حملة عنيفة على الذين أطاحوه ووصفهم بالانقلابيين واتهم بالعمالة للأجانب والخيانة الوطنية. وتقرر التجديد لميلوشيفيتش زعيماً للحزب في مؤتمر انعقد نهاية الاسبوع الماضي في قاعة "قصر المؤتمرات" في بلغراد. ودخل ميلوشيفيتش قاعة المؤتمر، يحيط به حراسه، ورفض الاجابة عن اسئلة الصحافيين، ووجه حراسه قبضاتهم نحو صحافي محلي سألهم: "هل بامكان حراستكم لميلوشيفيتش أن تحول دون مثوله أمام العدالة ومحاكمته؟". وألقى ميلوشيفيتش كلمة في المؤتمر وصف فيها "الحركة الديموقراطية الصربية" التي أطاحته بأنها "جماعة من الجواسيس والخونة، نفذت انقلاباً بحسب توجيهات تلقتها من قوى أجنبية تريد إعادة عجلة التاريخ الى الوراء واجهاض مكاسب الشعب الصربي". وأضاف: "ان الذين يتحكمون الآن بالبلاد، ويحاولون الظهور بدور المخلصين والمنقذين، ليسوا غير الذين فروا خارج البلاد اثناء عدوان حلف شمال الأطلسي على يوغوسلافيا، ثم عادوا ليستخدموا وسائل الترهيب والابتزاز والاموال الأجنبية لتنفيذ مآربهم، الى حد وضع وسائل اعلامية محلية في أيدي الاستخبارات الأجنبية والدعوة الى تسليم المخلصين الى ال"غستابو" الشرطة النازية، وذلك في اشارة الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. وأعرب عن ثقته بأن "الحزب الاشتراكي الصربي" سيفوز في الانتخابات البرلمانية الصربية المبكرة التي ستجري الشهر المقبل "لأن تنظيماً يضم أكثر من 700 ألف عضو، لا يمكن أن يخذلوه ويمنعوه من حماية سيادة صربيا ويوغوسلافيا". واعتبر ان الذين تركوا الحزب في الأيام الأخيرة "بذريعة معارضة ميلوشيفيتش" أنهم "أظهروا حقيقتهم الانتهازية، بعدما قضوا فترة في الحزب من أجل المناصب والمكاسب الذاتية والاساءة لقيادته ومبادئه". ووصف ميلوشيفيتش المساعدات الأجنبية التي تتدفق حالياً على صربيا، بأنها "تتم في مقابل تنفيذ مخطط خطير قوامه فقدان السيادة الوطنية وفصل كل من الجبل الأسود وكوسوفو وفويفودينا منطقة المجريين شمال صربيا عن صربيا".