لم ينشأ في أسرة فنية، لكنه أحب الفن منذ صغره. كان يذهب وهو بعد في المرحلة الإعدادية إلى دور العرض ليشاهد ثلاثة أفلام في اليوم الواحد. وفي المرحلة الثانوية ذاعت شهرته في رسم الخرائط واللوحات المدرسية وتبلورت ميوله أكثر مع دخوله القسم الأدبي. وفي الجامعة بدأ بكتابة القصة القصيرة. وهناك زاد إعجابه بالسينما الى درجة انه كان يشاهد "كل" الأفلام المصرية والأجنبية. وبعد التخرج درس السيناريو، على نفسه، حتى تمكن منه الى درجة أنه قدم الكثير من الأعمال الدرامية الناجحة سواء في السينما أو التلفزيون، ومنها مسلسلات "العقاب" من إخراج محمد البشير و"صح النوم" من إخراج سامي محمد علي و"الموج والصخر" من إخراج اسماعيل عبدالحافظ و"عزبة المنيسي" إلى جانب أفلام مثل "الأقمر" لهشام أبو النصر و"ضربة شمس" و"فارس المدينة" و"الثأر" من إخراج محمد خان و"العوامة 70" و"يوم مر ويوم حلو" لخيري بشارة و"الامبراطور" لطارق العريان و"امرأة تحت المراقبة" لأشرف فهمي و"حياة قلبي وأفراحه" لنادية حمزة. "الحياة" التقته في مكتبه في شارع شبرا، وأجرت معه حواراً عن اسباب اتجاهه الى الكوميديا ورأيه في السينما الجديدة. أرى أمامي سيناريو فيلم عنوانه "مطلوب غبي فوراً". هل يصنَّف في خانة الأفلام الكوميدية؟ - نعم هو فيلم كوميدي، يدور على فكرة اصطياد مجموعة من الناس يعيشون في الثراء... الأغبياء والتسلي بهم، لأنهم لا يشعرون بمسؤولية اخلاقية حيال الآخرين. والمرشح الى بطولة هذا الفيلم علاء ولي الدين وهاني رمزي والمطربة أنغام في أول بطولة سينمائية لها. هل اتجاهك الى الكوميديا جاء تمشياً مع موجة الأفلام السائدة؟ - لم يكن أحد عرض علي فكرة كتابة فيلم كوميدي قبل ذلك. فأصبحت أمام اختيار القبول أو الرفض، فقررت القبول في إطار "لم لا"؟ على رغم علمي بصعوبة كتابة الكوميديا وظروفها. فكان الأمر نوعاً من التحدي لأثبت أن في إمكاني تقديم هذا اللون من السينما. ثم أن ظروف المشاهد أصبحت مدهشة، إذ لم يعد يقبل إلا على هذا النوع من الأفلام وهو تماماً مثلما يدخل لأكل كأس "جيلاتي". اليوم إذا استطعنا أن نقدم إليه شيئاً محترماً عبر الكوميديا، فما المانع؟ مع تحفظ أن استمرار الحال على ما هي، يدق آخر مسمار في نعش السينما المصرية، لأن السينما ليست تصنيفاً واحداً، ولا بد من أن تتنوع فيها المواضيع. سينما زماننا الراهن إذاً ما رأيك في السينما الحالية وفي الظاهرة المسيطرة عليها؟ - لا يمكنك أن تحصر الظاهرة في سبب واحد. إذ ثمة أسباب عدة وراءها، خصوصاً عندما تتركز في صنف واحد. ومن هذه الأسباب: أزمة السينما المصرية العاجزة عن العمل كمؤسسة، حتى عبر رؤوس الأموال الكبيرة التي دخلتها أخيراً، وأصبحت تنتج الآن خمسة عشر فيلماً في العام، حداً أقصى، وهذه كارثة بكل المقاييس. ولو وجد شكل مؤسسي صحيح، لوجدت فرصة للأفلام البوليسية والسياسية والاجتماعية. وهذا ليس غريباً على صناعة السينما المصرية، فضلاً عن أن الفيلم الكوميدي لن يلبث أن يفقد بريقه، إذ أياً تكن الأفكار، ومهما بلغ تألقها، لا بد من أن ينضب المعين، لأن الكل سيُقبل على الكوميدي، فتحدث حال من الإفلاس للأفكار ومحاولة استثمار النجاح بالتكرار، ما سيجعل الجمهور ينصرف عنها في النهاية. واليوم عندما تلتقي أي منتج - وهذا من المضحكات المبكيات - يسألك: هل لديك فيلم كوميدي لهنيدي أو علاء ولي الدين؟ وأول بوادر الهزيمة أتت من واقع أن الهزليين الأربعة الجدد، سقط منهم حتى الآن اثنان في السباق، من ثاني فيلم لهما. وهذا ليس معناه أنهما ليسا جيدين، لكنه أمر طبيعي، لأن كل الأفلام لن تخرج جيداً. من وجهة نظرك، هل ترتبط ظاهرة الأفلام الكوميدية بمناخ ثقافي عام؟ - جزء من الأفلام الكوميدية مرتبط بذهنية مشاهد أطَّره المناخ الثقافي العام، بمعنى أن ليست هناك سياسة ثقافية مؤسسية لتحسين الوضع الفكري للشباب مع متغيرات الانفتاح والاقتصاد الحر ونمو الاستثمارات الخاصة التي ظهر معها جيل لا يملك من الثقافة إلا قشورها، جيل لم يقرأ كتباً، لكنه بنى ثقافته من خلال التلفزيون. كل هذا مع حُمى الاستهلاك المخيفة التي اصبحت سمة جيل الوجبات السريعة والألفاظ الغريبة التي لم نسمع بها قبلاً. بصمات ما الأسباب التي تجعلنا نرى كتابات مؤلف تترك بصمة قوية، وكتابات أخرى لا تحدث أي تأثير؟ - أي كاتب يترك بصمة في شكل أو آخر لا بد من أن يكون لديه هم وطني حقيقي وانتماء ويكون صاحب قضية. ويصعب على الكاتب الذي يحاول ترك بصمة أن يكتب لمجرد أكل الخبز في ظل ظروف أعلم أن البعض يضطر الى العمل فيها من أجل ذلك. وهنا لا أتحدث عن الكاتب وحده وإنما أيضاً عن المخرج والمصور اللذين تركا الدراما وذهبا الى الإعلانات والفيديو حتى لا يعملا لمجرد أكل الخبز. كتبت للسينما وللتلفزيون. ما الفارق بين الكتابة لكل منهما؟ - أنا سينمائي أساساً، وكنت بدأت من خلال التلفزيون عبر تمثيلية سهرة عام 1973 عنوانها "وجهة نظر" من بطولة أشرف عبدالغفور وعفاف شعيب ونادية الشناوي، ومن اخراج ممدوح حجازي. وظاهرة المسلسلات الممتدة وابتلاعها كل فرص الإنتاج بحكم أنها تدر أرباحاً أكثر، جعلت من المسلسل التلفزيوني عمليةً إبداعية مشكوكاً فيها، بمعنى أن كاتب المسلسل إذا لم يكن مبدعاً حقيقاً فسيسرد الأحداث كلها وينتهي منها في 13 حلقة والباقي سيكون حشواً. وباستثناء اسماء تُعد على أصابع اليد الواحدة، سنجد أن أكثر من 80 في المئة من المسلسلات هو لمجرد ملء ساعات الإرسال، سواء المحلي منها أو العربي. وإذا نظرنا الى المسلسل الجيد الذي يحوي إبداعاً حقيقياً نكتشف أنه ينتمي الى طابع الملحمة بما فيها من قصص تدور داخلها، ليس بمفهوم السينما او الدراما الحديثة، أي مفهوم "الحدوتة" الواحدة، إذ نجد أنه يكتب "درامات" عدة، داخل المسلسل التلفزيوني. والنموذج أسامة أنور عكاشة الذي تكتشف أن كل مسلسل يكتبه عبارة عن عشرة أفلام سينمائية معاً، مكتوبة في شكل جيد. وأنا أشفق على كاتب المسلسل من هذا النوع لأنه يتعب كثيراً. والاقتصاد هو الذي يفصل بين المسلسل والفيلم. وفي حال كتابتي مسلسلاً يستغرق مني عاماً كاملاً على رغم أنني أسمع أن كثراً ينجزون مثله في ثلاثة شهور فقط. أخيراً أنتج التلفزيون فيلمين لك هما "امرأة تحت المراقبة" و"وحياة قلبي وأفراحه" بنظام المنتج المنفذ، ما رأيك في هذا النظام؟ - إذا كنّا تحدثنا عن الأزمة الطاحنة التي تعيشها السينما، وعن محاولة التلفزيون حلها من خلال إنتاج أفلام سينمائية سواء بنفسه أو بنظام المنتج المنفذ، فهذا موقف يشكر عليه. وفي ظل المتغيرات القائمة من وجود "الدش" والقنوات الفضائية التي لم تعد تسمح للمشاهد بأن يرى مسلسلاً من 15 حلقة، بات من الواضح أن عمر الفيلم السينمائي أطول من عمر المسلسل، ويعد أفضل وعاء في هذه المرحلة. والتجربة أسفرت عن نتائج متوسطة في مجملها، على اعتبار أن عدداً من هذه الأفلام لم يكن على المستوى الفني الواجب أن يظهر به. وعلى الجانب الآخر أُنتجت أفلامٌ تقف عند الحد الأدنى لما كنا نتمناه. وعملية الترشيد بالنسبة الى الإنتاج السينمائي التلفزيوني لا بد من أن يكون فيها نوع من الفهم لدور التلفزيون في تقديم أفلام سينمائية ذات قيمة عالية أكثر منها تجارية. كراهية ذكرت لي قبل بدء الحوار أن "الحكومة تكره السينما"، ماذا كنت تقصد؟ - ما جدوى أن أتكلم، ولن يسمع صوتنا أحد، كأننا أصبحنا نؤذن في برية؟ إنني أؤكد ان الحكومة وبعض وزرائها يكرهون السينما، إذ منذ صدور قانون الاستثمار، لم يحدث شيء. قالوا إنهم سيبنون الواجهات لعرض البضاعة، ثم كذبوا علينا مثل هؤلاء الناس من رجال الأعمال ليس لديهم هم وطني ذو علاقة بالسينما المصرية. وعندما حدثناهم قالوا إنهم يعملون بأموال المصارف ولا بد من أن يكسبوا خصوصاً أن "الغات" آتية، كأنه مطلوب منا قبلاً أن نسلّم بالقضاء على السينما المصرية من أجل "الغات". فكلمة "طلعت حرب" التي كانوا يتشدقون بها رسموا الشركة باسمه لمناسبتها، كانت نوعاً من الغطاء الكاذب لبناء دور عرض لحساب شركة "وارنر براذر" التي امتلكت 70 في المئة من أسهم إحدى الشركات، على ما تردد، وهي أتت لتديرها، كما "إيدج" و"سينسبري". والفارق أن الأخيرتين تختصان بالمآكل، أما الأولى فتختص بالثقافة الوطنية، وهذا أخطر. وأنا من خلال حواري معك اتوجه الى رئيس الوزراء المصري بسؤال: لماذا الصمت على السينما وأنت رئيس قطاع اعمال... ورئيس وزراء لم تحاول قط الاهتمام بالسينما؟ هل المقصود أن تنتحر على أيديكم؟ لماذا أسست شركة للدعاية والإعلان ولم تجعلها للإنتاج الفني، كما فعل باقي المؤلفين والفنانين؟ - لأنني لا أملك المال الذي يسمح لي بتأسيس شركة إنتاج. كونت شركة الدعاية والإعلان على أساس أن تدر لي ولأولادي قوتنا الشهري، وحتى أقدّم السينما التي اريدها لا التي يريدونها.