لم يكن صامتاً تماماً، لكنه ومنذ سنوات عدة بات قليل الكلام، يحاول أن يخلد الى شيء من الهدوء، لا سيما بعدما أعلن اعتزاله الإخراج السينمائي. غير أن اعتزاله لم يمنعه من أن يكتب سيناريو فيلمين تحدث كل منهما عن جزء من حياته الشخصية أو حياته العائلية بطريقة أو بأخرى. وأحدث هذين الفيلمين هو "الخائنة" الذي أخرجته رفيقته السابقة وتلميذته الدائمة ليف أولمان. وفي هذه المناسبة خرج المخرج السويدي الكبير انغمار برغمان عن صمته النسبي وتحدث الى الصحافة: فسر علاقته بالفيلم، وتحدث عن علاقته بمخرجته، وعن السينما وعن المسرح. ولقد أكد صاحب "الصمت" و"برسونا" أنه متابع جيد لما يحدث في عالم الفن السينمائي. ولقد تجلى هذا، خصوصاً، من خلال الرأي المفاجئ الذي أبداه في لارس فون تراير، المخرج الدنماركي الذي حقق آخر أفلامه "راقص في الظلام" نجاحاً كبيراً. وكان من اللافت ان يدلي برغمان برأي حول تراير الذي يصغره بنحو نصف قرن وينتمي مثله الى الحيز الاسكندينافي. قال برغمان عن لارس فون تراير أنه "مخرج موهوب بشكل لا يصدق، لكنه قادر على أن يصبح مخرجاً كبيراً إن هو جرؤ على أن يكون بسيطاً وكف عن إحاطة نفسه بغيمة ضخمة من العلاقات العامة". مع فيلم "راقص في الظلام" احس برغمان كما قال هو شخصياً إنه في حاجة لأن يتقيأ: "لقد كرهت الطريقة التي بها استخدم هذه المغنية بيورك. ان هذا جعل من حكاية الفيلم كلها حكاية تثير الاشمئزاز، لكن النهاية عبقرية تماماً: هنا هدأ فون تراير وهدأ السيناريو. إذ انطلاقاً من اللحظة التي انصتت فيها سلمى بيورك الى الحكم بإعدامها يُنطق ووضعت في السجن، بات السرد الفيلمي وكأنه مبني على يد معلم حقيقي. وهنا يبدو مشهد الزنزانة حين تبدأ بإنشاء أغنية "اشيائي المفضلة" للتسرية عن نفسها، واحداً من أروع المشاهد التي رأيتها في حياتي، وكذلك بدت لي رائعة البرودة التي بها صور فون تراير مشهد الاعدام نفسه. إنه فنان موهوب جداً وأتمنى له أن يتخلى عن حماقاته".