بدأت المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان النظر في القضية التي رفعها زعيم حزب العمّال الكردستاني عبدالله أوجلان ضد انقرة، متهماً اياها بسوء محاكمته. وجاء ذلك في وقت تشهد العلاقات التركية - الاوروبية "ازمة ثقة"، بحسب تعبير وزير الخارجية التركي. وتوقع خبراء ان تطول المحاكمة، ما يعطي انقرة ذريعة لتجنب الانعكاسات السلبية لتنفيذ حكم الاعدام بحق الزعيم الكردي. بدأت المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ امس، النظر في القضية التي رفعها عبدالله أوجلان زعيم حزب العمّال الكردستاني ضد الجمهورية التركية، واتهم فيها أنقرة بانتهاك المعاهدة الاوروبية لحقوق الإنسان ومحاكمته محاكمة غير عادلة وحرمانه من حقه المشروع في الدفاع عن نفسه. وجاء ذلك في وقت تشهد العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي أزمة، خصوصاً بعدما أجل الاتحاد أول من أمس النظر في شروط انضمام تركيا الىه، ما اعتبرته أنقرة تجاهلاً ورفضاً مبدئياً لبدء الحوار معها. وعبر وزير الخارجية التركي اسماعيل جم عن انزعاج أنقرة من الموقف الأوروبي بتشبيهه بعض البرلمانيين الأوروبيين بحكام الاستعمار الذين يعتقدون أن لهم الحق في اعطاء الأوامر والتدخل في شؤون الغير بعنجهية. واتهم جم أوروبا بنسيان وعودها وتعهداتها تجاه أنقرة، مشيراً الى وجود أزمة ثقة حقيقية بين الطرفين. وقد يضيف ملف أوجلان الذي تنظر فيه محكمة حقوق الإنسان أزمة جديدة الى تلك القائمة حالياً بين أنقرة والعواصم الأوروبية، خصوصاً أن أنقرة تتهم أوروبا بالسعي الى اقامة دولة كردية على جزء من أراضيها. واستمعت القاضية السويدية اليزابيث بالم لمدة ثلاث ساعات الى مرافعات قدمها محامو أوجلان الستة عشر ومرافعات عشرة محامين مثلوا تركيا، وذلك لمدة أربع ساعات متواصلة. وقررت ارجاء الحكم في قبول أو رفض تناول هذه القضية الى جلسة ثانية تعقد خلال الأيام العشر المقبلة. وعلى رغم ان المحكمة قد تحكم بعدم اختصاصها بهذه القضية وترفعها الى هيئة استشارية أعلى، إلاّ ان الجانبين المتقاضيين كانا جاهزين تماماً للجلسة الأولى التي حضرها ستون من المساندين لحزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان وستون آخرون من عائلات الجنود الأتراك الذين راحوا ضحية الحرب مع الحزب، فيما انضمت بعض عائلات ضحايا عناصر الحزب الى جانب شهود أوجلان. وشدد محامو الزعيم الكردي ومعظمهم من الأوروبيين، على انه لم يحاكم محاكمة عادلة. وذكروا ان تركيا هي الدولة الوحيدة التي لا تزال تحكم بالإعدام من بين الدول الموقعة على وثيقة حقوق الإنسان الأوروبية، فيما ذكر حسيب عابلان احد محامي أوجلان أن عملية القبض على موكله كانت مؤامرة تركية - يونانية. واتهم أثينا بمحاولة اشعال الفتنة العرقية والحرب الأهلية بين الاتراك والأكراد بتسليمها أوجلان في كينيا، مشيراً الى عواقب اعدام أوجلان. واستند محامو تركيا في دفاعهم الى اعتراف أوجلان بمسؤوليته عن نشاطات حزب العمال وأشاروا الى قرار سابق صدر عن المحكمة الأوروبية عام 1997، اعترف بان الحزب انفصالي، هدفه تقسيم تركيا. واشار خبراء قانونيون الى ان محاكمة أوجلان قد تطول لسنة أو أكثر، في حال وافقت المحكمة على النظر فيها وهو ما سيتضح خلال الأيام العشرة المقبلة، ولكن طول المحاكمة يقي أنقرة أزمة حاولت تأجيلها قدر الامكان وهي اتخاذ قرار نهائي بشأن تنفيذ حكم الاعدام بحق أوجلان اذ ان نظر المحكمة الأوروبية في القضية هي الذريعة الوحيدة التي تستند اليها الحكومة لتأجيل تنفيذ حكم الاعدام، خصوصاً أن أنقرة تدرك جيداً عواقب تنفيذها الحكم التي قد تنعكس حرباً داخلية بإضافة الى القضاء على حلم تركيا في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي.