أسدل الستار على قضية "سفاح" جامعة صنعاء بعدما قضت المحكمة أمس بإعدامه، لكن الحكم فتح ملفاً آخر حين دان القاضي الجامعة ب"الفساد والتسيب"، وأمر بإغلاق مشرحة كلية الطب ودفن الجثث الموجودة فيها، ولقي الحكم ترحيباً واسعاً في اليمن، حتى لدى محاميي المدان. حكمت محكمة يمنية أمس باعدام السوداني الذي كان موظفاً في مشرحة كلية الطب في صنعاء بعدما ادانته بقتل طالبتين. وبعد محاكمة استمرت ستة اشهر، قضت محكمة بني الحارث الابتدائية شمال صنعاء، على محمد آدم عمر بالاعدام "بحد السيف أو رمياً بالرصاص" بعد ادانته "بخطف واغتصاب وقتل الطالبة اليمنية حُسن احمد عطية والطالبة العراقية زينب سعود عزيز". وجاء في قرار المحكمة ان المتهم "حاول تضليل القضاء" باعترافه في البداية بخطف واغتصاب 14 شابة اخرى مما دفع الصحف الى وصفه ب"السفاح". وكان آدم 53 عاماً اعترف باغتصاب وقتل 16 شابة في اليمن بينهن ثماني طالبات. ولكن في الثالث من حزيران يونيو الماضي، مثلت احدى الفتيات التي كان يعتقد انها وقعت ضحيته امام المحكمة فتراجع المتهم عن اعترافاته واكد انه لم يقتل سوى الطالبتين العراقية واليمنية. وأمرت المحكمة ايضاً الجامعة بدفع تعويض بقيمة خمسة ملايين ريال 31250 دولار لكل من عائلتي الضحيتين، وطلبت منها اطلاق اسم الضحيتين على قاعتين في الجامعة. وجاء في حيثيات الحكم ان القاتل خنق ضحيته اليمنية قبل ان يقطع رأسها ويقطع جثتها ويذوبها بالحمض. وقتل ضحيته العراقية بالطريقة نفسها. وكان محامي المتهم غائباً عن القاعة عندما اعلن القاضي الحكم على آدم الذي يستطيع ان يتقدم بطلب استئناف خلال ستين يوماً، طبقاً لقانون العقوبات اليمني. وفي حال ثبت الحكم، سيتم اعدام الرجل بضرب العنق أو رمياً بالرصاص. وقضى البند الرابع من حيثيات الحكم بدفن جميع الجثث الموجودة في مشرحة كلية الطب باستثناء الجثث الست لحادث طريق أبها الى أن يتم التعرف الى ضحاياه باشراف النيابة العامة. وقضى الحكم باغلاق المشرحة لأنها لم تعد، حسب التقارير الفنية صالحة للتشريح. اما في ما يتعلق بالتشريح في الجامعة فقال القاضي الأسلمي ان ذلك يتوقف على صدور حكم من دار الافتاء التي ستقرر إذا كان التشريح جائزاً أم لا. الفساد في الجامعة ودان القاضي جامعة صنعاء بالفساد والتسيب، وحمّلها مسؤولية هذه الجريمة، وقال "لولا هذا التسيب والاختلال الفني والاداري لما تمادى محمد آدم في غيه وجرائمه الفاحشة" وانه "بعد ثبوت تعاطي آدم الرشوة فإن ادارة الجامعة استغنت عن خدماته من دون محاسبته و"ظل يسرح ويمرح خلال شهرين" وأضاف: "كان يجب أن تهتز الجامعة لثبوت تحرش أي شخص بالفتيات فما بالك بالتحرش الجنسي والقتل". وصدر الحكم بعد 18 جلسة استمرت أكثر من سبعة أشهر، ولقى القرار ترحيباً كبيراً لدى الناس الذين صدموا بهول الجريمة وسيطرت على تفكيرهم طوال هذه المدة. واعتبر محاميا الضحيتين الحكم "عادلاً ومنصفاً" لكنهما اعتبرا التعويضات التي قررتها المحكمة "لا ترقى الى مستوى الاضرار البالغة التي لحقت بأسر الضحيتين". وطالب المحاميان بالزام جامعة صنعاء بتنفيذ القرارات السابقة التي قضت بتسليم جثة زينب الى أسرتها. ويرى كثيرون انه إذا كان الحكم باعدام "سفاح" جامعة صنعاء محمد آدم اغلق القضية وأسدل الستار عليها فإنه فتح باب قضية "الفساد والتسيب" في جامعة صنعاء التي اهتزت ثقة الناس بها بعد وقوع هذه الجرائم في حرمها، وأكدوا انه يجب العمل على استعادة هذه الثقة من خلال تصحيح الاختلالات.