جاء رد الحكومة المصرية على النتائج المذهلة التي حققتها جماعة "الإخوان المسلمين" في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قاسياً، إذ اصدرت المحكمة العسكرية العليا أمس الأحكام في قضية "النقابات المهنية" التي اتهم فيها 20 من رموز الجماعة وتضمنت الأشغال الشاقة لفترات تراوح بين ثلاث وخمس سنوات في حق 15 متهماً، وبرأت خمسة متهمين من التهم المنسوبة اليهم. جاءت الأحكام في قضية "النقابات المهنية" التي اتهم فيها 20 من رموز جماعة "الإخوان المسلمين" على رأسهم النائب السابق مختار نوح مشددة، وعقدت المحكمة العسكرية العليا جلسة أمس في ثكنة عسكرية في ضاحية الهايكستب شرق العاصمة للنطق بالأحكام في القضية وسط إجراءات أمنية شديدة ولم تسمح السلطات لأهالي المتهمين وغالبية المحامين ومندوبي وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلى القاعة. ولم تستغرق الجلسة سوى دقائق معدودة القى رئيس المحكمة في بدايتها كلمة عكست نظرة الدولة إلى "الإخوان" بغض النظر عن حصول الجماعة على 17 مقعداً في البرلمان في الانتخابات الأخيرة. وأوضح القاضي في كلمته أن المحكمة "نظرت القضية على مدى 11 شهراً واستمعت إلى دفاع المتهمين وناقشت شهود الإثبات وشهود النفي واتسع صدرها لمرافعات الدفاع ومحاضر الدفوع الشكلية والموضوعية". وأضاف أن المدانين "ثبت انهم انضموا إلى جماعة الأخوان المسلمين المحظورة التي تم حلها بقرار من مجلس قيادة الثورة والمنشور في الوثيقة الرقم 4 بتاريخ 4 كانون الثاني يناير 1954 وثبت للمحكمة أن تلك الجماعة تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين السارية في البلاد وأن تحركها يضر بالوحدة الوطنية في السلام الاجتماعي في وقت تنعم فيه البلاد بالأمن والحرية والديموقراطية والسلام، بينما تعمل الجماعة في اتجاه قوى الدفع العكسي للمجتمع لإعاقة تقدمه وإزدهاره والإضرار بمصالح الوطن العليا". واضاف رئيس المحكمة "ثبت مما ضبط لدى بعض المتهمين من وثائق وأوراق أن هذه الجماعة تتحرك في الأوساط الطلابية في المدارس والكليات لضم عناصر جديدة لها وعلى وجه الخصوص من طلبة السنوات النهائية في الجامعة بعد أن يقسموا يمين الطاعة والولاء ويلقنوا بالأفكار المغلوطة لجماعة الأخوان ونظامها الأساسي ثم متابعتهم بعد التخرج لينضموا إلى النقابات المهنية ويمثلوا دعماً للجماعة في هذه النقابات، ويستمر ربطهم بالجماعة عن طريق وسائل عدة منها تنظيم الندوات والاجتماعات لأعضاء المهن المختلفة وإنشاء مكتبات فيديو وشرائط تسجيل للأعضاء، واصدار كتيبات لنشر أفكار الجماعة، كما ثبت أيضاً أن تحركاً إخوانياً آخر تم في الأوساط العمالية من خلال العناصر الإخوانية في النقابات وفي بعض المصانع والسكن الإداري وبعض طلاب الجامعة العمالية وذلك باستخدام آليات ووسائل فنية". وأشار إلى أن المتهمين "ضبطوا اثناء اجتماع تنظيمي عقدوه في 4 أيلول سبتمبر من العام الماضي في مقر "اتحاد المنظمات الهندسية الإسلامية" ناقشوا فيه العمل الإخواني في النقابات المهنية والتحرك مستقبلياً لدخول مجلس الشعب وبرامج مقترحة لتوصيل التوجيهات إلى جميع المهن. وانتهى الاجتماع بضبط المتهمين بمعرفة نيابة أمن الدولة حيث سيق بالمتهمين الى ساحة القضاء". واعلن القاضي الأحكام على النحو التالي، الأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات لثلاثة متهمين هم الأمين العام لنقابة البيطريين الدكتور محمد عبدالبديع، وأمين نقابة أطباء القاهرة الدكتور سعد زغلول عشماوي، وعضو مجلس نقابة المعلمين أحمد ابراهيم الحلواني. والأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لكل من النائب السابق المحامي مختار نوح، ورجل الأعمال مدحت الحداد والأمين العام لنقابة المهندسين محمد علي بشر، وأمين صندوق نقابة الصيادلة الدكتور عبدالله زين العابدين، وعضو مجلس نقابة المحامين خالد محمد بدوي، وعضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور هشام الصول، وعضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور سيد عبدالعظيم هيكل، وعضو مجلس نقابة البيطريين الدكتور أحمد شوقي عبدالستار، والاستاذ الجامعي الدكتور أحمد عبدالرحيم عبد الحفيظ، وعضو مجلس نقابة التجاريين عاطف عبدالجليل السمري، وعضو مجلس نقابة الصيادلة الدكتور إبراهيم علي السيد حسنين، وعضو نقابة الأطباء الدكتور عبده مصطفى البردويل، وبرأت المحكمة خمسة متهمين هم: المحامي إبراهيم الرشيدي والدكتور علي عبدالرحيم محمد والدكتور محمد سعد عليوة والمهندس أحمد محمود أبو الأنوار وأحمد محمود حسن. ووصف القطب الباز في الجماعة النائب السابق الدكتور عصام العريان الاحكام بأنها "قاسية ومجحفة"، مشيراً الى انها "صدرت عن محكمة غير مختصة بمحاكمة المدنيين"، واعتبرها "رد فعل انتقامياً اثر ما أفرزته الانتخابات البرلمانية من قبول شعبي يحظى به الأخوان في الاوساط المصرية"، واكد العريان ان "قضية النقابات سياسية بالدرجة الأولى"، ومعروف ان الاحكام الصادرة عن محاكم عسكرية في مصر تكون غير قابلة للطعن أو الاستئناف أمام أي هيئة قضائية أخرى. ويحق للمدانين فقط تقديم التماسات الى رئيس الجمهورية في غضون 15 يوماً من تاريخ المصادقة عليها لطلب العفو أو اعادة المحاكمة مرة أخرى أو تخفيف الاحكام. لكن كل الالتماسات التي قدمت من قبل في قضايا الاصوليين رُفضت جميعها. وسجلت قضية "النقابات المهنية" رقماً قياسياً إذ صارت أطول قضية تنظر فيها محكمة عسكرية في تاريخ القضاء المصري.