حُسم أمس الجدل على مصير قضية النقابات المهنية المتهم فيها 20 من قادة جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر على رأسهم النائب السابق أمين الصندوق لمجلس نقابة المحامين السيد مختار نوح، إذ حصل اعضاء في هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية على معلومات تؤكد إحالتها على القضاء العسكري، وأن قراراً جمهورياً صدر الاربعاء الماضي قضى بذلك. وكان تضارب شديد ساد الاوساط السياسية المصرية في شأن مصير القضية إثر نفي صحف قومية نبأ محاكمة المتهمين أمام محكمة عسكرية، وقالت مصادر الدفاع ل"الحياة" إن النيابة العسكرية ستباشر الأسبوع المقبل تحقيقات جديدة مع نوح وزملائه في شأن التهم الموجهة اليهم، ورجحت أن يكون التضارب الذي صاحب قرار إحالة القضية على القضاء العسكري متعمداً للتخفيف من ردود الفعل وتهيئة الرأي العام لتقبله. وقال المحامي عاطف عواد ل"الحياة" إن هيئة الدفاع تدرس حالياً الطعن في قرار احالة المتهمين على القضاء العسكري على اساس انهم ليسوا من العسكريين، كما أن التهم الموجه إليهم لا علاقة لها بجرائم عسكرية، مشيراً الى ان الدفاع يسعى الى الحصول على صورة من قرار الإحالة للبدء في اجراءات الطعن امام المحكمة الدستورية العليا. واعتبر أن الهدف من القضية "تنحية الإسلاميين عن خوض انتخابات النقابات المهنية"، واستغرب سرعة احالة القضية على القضاء العسكري بعد نحو أسبوعين فقط من اعتقال المتهمين من دون أن تتاح فرص كافية لنيابة أمن الدولة للتحقيق فيها. ويخوّل قانون الأحكام العسكرية رئيس الجمهورية إحالة القضايا الخاصة بالأمن القومي للبلاد ذات التأثير على المجتمع على القضاء العسكري للإسراع بالبت فيها بدلاً من أن تستغرق وقتاً طويلاً في حال إحالتها على محاكم مدنية. وخضع أكثر من 60 من قادة "الإخوان" العام 1995 لثلاث محاكمات أمام دوائر عسكرية، كان على رأس لائحة المتهمين في الاولى الامين العام المساعد لمجلس نقابة الأطباء الدكتور عصام العريان، واحتل الأمين العام لاتحاد الاطباء العرب الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح صدارة لائحة الاتهام في القضية الثانية، في حين كانت القضية الثالثة الوحيدة التي ربطت ما بين نشاط "الإخوان" واحدى "الجماعات الجهادية"، واتهم فيها المهندس عبدالوهاب شرف الدين وهو من قادة "الإخوان" في مدينة السويس الساحلية مع اثنين محسوبين على تنظيم "طلائع الفتح الاسلامي"، أحدهما حوكم حضورياً والآخر غيابياً. واعتبر "الاخوان" حينها أن القضايا الثلاث قصد بها إبعاد المتهمين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ذلك العام وهو أمر يرون أنه يتكرر على القضية الأخيرة التي اعتبروها تهدف الى منع المتهمين من خوض الانتخابات المقبلة لمجالس النقابات المهنية. ويحظر القانون المصري الطعن في الاحكام الصادرة من محاكم عسكرية او استئنافها امام أي هيئة قضائية اخرى، ويحق للمدانين منها فقط تقديم التماسات الى رئيس الجمهورية لطلب العفو او إعادة المحاكمة امام دائرة اخرى. ورفض المحكومون في قضايا "الاخوان" العام 1995 تقديم التماسات. الى ذلك تواصلت ردود الفعل من جانب منظمات حقوقية للاعتراض على إحالة المدنيين على القضاء العسكري، وأصدر مركز "المساعدة القانونية لحقوق الإنسان" بياناً أمس طالب فيه بمحاكمة المتهمين في القضية الاخيرة "أمام قاضيهم الطبيعي".