استضافت العاصمة الاردنيةعمان "ملتقى الشباب حول قضايا القرن الجديد" وذلك بين يومي 29 تشرين الاول اكتوبر واول تشرين الثاني توفمبر الجاري. "الحياة" حضرت فعاليات الملتقى الذي نظمه مكتب يونيسيف الاقليمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا، وبدعم من مكتبي يونيسيف في الاردنوفلسطين، ومركز الاميرة بسمة لشؤون المرأة في عمان، ورعته الملكة رانيا العبدالله. وفيما يلي محاولة من "الحياة" لنقل أجواء الملتقى، والتوصيات التي اسفر عنها، والشخصيات التي صاغت تلك الأجواء وأضفت على الملتقى صيغته الشرعية، وهم الشباب والشابات. من قال إن شباب 2000 مسطح وهامشي وتافه؟ من فرض الوصاية على الشباب العربي، يأخذون له القرارات، ويحددون له المشاكل، ويقترحون له الحلول؟ من روج لفكرة أن شباب هذه الأيام لا يُعنى إلا بالملبس الأوروبي والمأكل الأميركي والفكر المشوش؟ الشباب والشابات السبعون الذين تراوحت أعمارهم بين 13 و18 عاماً والذين اجتمعوا على مدى أربعة أيام في العاصمة الاردنيةعمان تحت شعار "ملتقى الشباب حول قضايا القرن الجديد" أثبتوا بالحجة والبرهان أن المعتقدات السابقة ما هي إلا افتراءات. فبين يومي 29 تشرين الأول اكتوبر الماضي وأول تشرين الثاني نوفمبر الجاري شهد فندق الضواحي في عمان فعاليات الملتقى الذي نظمه مكتب يونيسيف الاقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبدعم من مكتبي يونيسيف في الأردنوفلسطين، ومركز الأميرة بسمة لشؤون المرأة في عمان. سبعون شابا وفتاة أو يافعاً ويافعة كما تطلق عليهم يونيسيف، أتوا من الجزائر والبحرين وجيبوتي ومصر وإيران والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وعمانوفلسطين وقطر والسودان وسورية وتونس واليمن، بالإضافة الى عدد من الميسيرين والميسرات من الفئة العمرية نفسها اجتمعوا من أجل تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: الهدف الأول هو تهيئة المناخ المناسب لشباب الشرق الأوسط وشمال افريقيا ليناقشوا مشاكلهم، ويعبروا عن رؤيتهم للمستقبل، ويناقشوا طرق علاج قضاياهم، للخروج بأفكار واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ. والهدف الثاني هو إرساء أسس للتعامل مع الشباب وقضاياهم، وأخيراً إعطاء الشباب فرصة للمشاركة في سلسلة الحوارات والأنشطة التي تهدف إلى إرساء "الحركة العالمية للأطفال والشباب". خليات النحل التي كانت تبدأ في التاسعة صباحاً وتستمر حتى السادسة مساءً كانت تستمر على هامش الملتقى إلى منتصف الليل في جو من الحماس والجدية مشوبة بروح الفكاهة والإقبال المتناهي على الحياة والتفاؤل بالغد على رغم كل أجواء التوتر السياسي الذي انعقد الملتقى في ظلها، خصوصاً أن ساعة ونصف الساعة فقط تفصل بين عمانوالقدس، وإمعاناً في المحافظة على الجو الشبابي جداً والحماسي جداً جداً والحار جداً جداً جداً، منع منظمو الملتقى رؤساء الوفود الشبابية من حضور الجلسات للحفاظ على "شبابية" الفعاليات، ولضمان الحرية الكاملة في المناقشات والمداولات. ويقول مسؤول الإعلام في مكتب يونيسيف الاقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا السيد مهند الخطيب إنه روعي في اختيار المشاركين والمشاركات مشاركتهم السابقة في لقاءات مماثلة وفي مناقشات لقضايا الشباب، بالإضافة إلى الجندر النوع والتوزيع الجغرافي والتوازن في التمثيل الاقتصادي والاجتماعي. في اليوم الأول، تم الاتفاق على سبعة محاور للنقاش هي: "علاقة جيل الشباب بالأجيال الأكبر سناً" و"التعليم والشباب" و"الشباب والعنف" و"الصحة والشباب" و"دور الذكور في المجتمع" و"صورة الشباب في الإعلام" و"عمل الشباب في المستقبل". وكان البعض اقترح تخصيص محور لشباب فلسطين في ظل الأوضاع الراهنة، إلا أنه تم الاتفاق على أن تلك القضية تندرج تحت محور "الشباب في أوضاع العنف"، وما حدث أنها فرضت نفسها على كل المحاور وفعاليات الملتقى. المناقشات والمداولات والاجتماعات والأنشطة الترفيهية جرت في جو شبابي حماسي، شديد التنظيم، بالغ التنسيق. وساهمت مجموعة من الشباب الصحافيين الفلسطينيين من "يوث تايمز" الصادرة عن الهيئة الفلسطينية للقيادة وتفعيل دور الشباب، ومقرها القدس، في القيام بمهمة اصدار نشرات المؤتمر اليومية، فكانوا في الغرفة الصغيرة التي خصصت لهم في الفندق، وزودتها "يونيسيف" بالتقنيات الحديثة من أجهزة كمبيوتر وغيرها، اشبه بخلية النحل ترقى أن تكون نموذجاً مصغراً من "غرفة الأخبار" في كبريات الصحف، كذلك مستوى النشرات التي جمعت بين التقنية العالية، والروح الشبابية. وفي اليوم الأخير، وبعد الكثير من العمل والقليل من الترفيه والزيارات السياحية، حانت اللحظة المرتقبة، ووصلت الملكة رانيا العبدالله لتحضر حفلة الختام التي أقيمت تحت رعايتها، وذلك في المناسبة العامة الثانية التي تحضرها بعد وضعها مولودتها الثالثة. وبالروح الشبابية نفسها، أعلنت المجموعات السبع أمام الملكة ومدير مكتب يونيسيف الاقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا وبقية الحضور "نداءها من أجل العمل". ورأت المجموعة الأولى "علاقة جيل الشباب بالأجيال الأكبر سناً" أنه يجب العمل على تأهيل العاملين في أجهزة الإعلام على التواصل مع الشباب لمعالجة الفجوة الفكرية بين الجيلين، وذلك من قبل المؤسسات التعليمية والإعلامية. وهم يؤمنون بأن دور الشباب يكمن في بناء القدرات، وتبادل الخبرات عن طريق التدريب واجراء الأبحاث في هذا الشأن. وطالبت المجموعة بإتاحة الفرص أمام الشباب لإبراز طاقاتهم ولعلاج مشكلة عدم الثقة في قدراتهم من قبل الاتحادات الشبابية الثقافية والإعلام المرئي والمؤسسات التعليمية. مجموعة "التعليم والشباب" والتي اعتبرت الغالبية أن قضيتها الأهم والأكبر، أوصت بالعمل على تدريب المعلمين على أساليب التعليم الحديث. وطالبت المجموعة بمناقشة مشاكل الشباب في المناهج، وعلاج كثافة المادة العلمية للعام الدراسي الواحد. ويسهم الشباب في ذلك عبر المشاركة في موائد مستديرة بينهم وبين واضعي المناهج، بالإضافة الى تجميع وتبادل المعلومات لبناء قاعدة معلومات حول مشاكل الطلاب في المناهج. أما مجموعة "الشباب والعنف"، فقد حمّلت المنظمات غير الحكومية مهمة حماية الحقوق الأساسية للشباب في حالات الصراع، وعلى الشباب أن يعمل على كسب التأييد من خلال التدريب على مهارات الاتصال. ودعت إلى زيادة التوعية والإرشاد للشباب أثناء الصراعات من خلال المؤسسات الأهلية والتجمعات الشبابية والإعلام، ويمكن للشباب أن يشارك من خلال حملات التوعية والانترنت. وركزت مجموعة "الصحة والشباب" على ضرورة توعية الأهل بأهمية الاتصال والتواصل مع الشباب لمجابهة الانتشار المفزع لظاهرة التدخين، مع تنظيم حملات إعلامية في هذا الصدد. وشددت على كسب تأييد العاملين في مجال الإعلام لإبتكار إعلانات مناهضة للتدخين، مع تشكيل مجموعات شبابية ضاغطة لحث الكتاب الشباب على معالجة آفة التدخين في كتاباتهم. واقترحت المجموعة العمل على تأهيل وتدريب الشباب لمساعدة المدخنين في الفئة العمرية من 9 الى 14 عاماً، مع تدعيم الصلة بين دور العبادة والتجمعات الشبابية. مجموعة "دور الذكور في المجتمع" طالبت بالعمل على توعية الشباب من الجنسين بحقوق الأنثى، واقترحت أن ينشئ الشباب موقعاً على الانترنت لطرح تلك القضية. ودعت الى العمل على كسب التأييد المحلي من كل الجهات لدخول المرأة سوق العمل لمواجهة عدم السماح للمرأة بإدرار دخل للأسرة. وركزت على أهمية توعية الأطفال بخطورة التمييز بين الجنسين لمعالجة التنشئة العائلية السلبية التي ترسخ في الذكر مبدأ السلطة على المرأة. وطالبت مجموعة "صورة الشباب في الإعلام" بالربط بين المؤسسات التعليمية والإعلامية لمنح المتخرجين الشباب فترات تمرين لاكتساب الخبرة في المجال الإعلامي، وذلك لعلاج صرامة الشروط المفروضة من المؤسسات الإعلامية لالتحاق الشباب في العمل فيها وأشارت الى ضرورة العمل على توعية الشباب على ابعاد هويتهم وعمق ثقافتهم، مع انشاء موقع على الانترنت يجذر الهوية ويواجه المفاهيم المغلوطة. واقترحت كذلك إنشاء موقع انترنت إعلامي شبابي اقليمي لمجابهة نقص البرامج المعروضة بالعربية التي تلبي احتياجات الشباب. ورأت مجموعة "عمل الشباب في المستقبل" العمل على توعية الشباب بطبيعة عمل النقابات لعلاج تعارض القوانين مع مصلحة أرباب العمل. ومرة أخرى، يطرح الانترنت نفسه كوسيلة، إذ يمكن تصميم موقع يوضح عمل النقابات وبريد الكتروني يختص بمشاكل العمال الشباب، وعلى الشباب أيضاً كتابة سلسلة من المقالات الصحافية توضح دور النقابات. وجاء في نشرة الملتقى الأخيرة: ها هي التوصيات تترك بيت الشباب، وتحلق في الفضاء، آملة أن تصل "إلى من يهمه الأمر". وهناك أكثر من داع للتفاؤل بأن الرسالة ستصل "إلى من يهمه الأمر"، فملتقى عمان - كما يقول مسؤول الإعلام في مكتب يونيسيف الاقليمي السيد مهند الخطيب - حلقة في سلسلة الأنشطة التي تشهدها المنطقة على مدى الأشهر المقبلة، والتي تهدف إلى دعم ما أصبح يعرف ب "الحركة العالمية من أجل الأطفال والشباب"، وهي الحركة التي أطلقها رئيس جمهورية جنوب افريقيا السابق السيد نيلسون مانديلا في آيار مايو الماضي.