أجرى الكاتب سلمان رشدي عملية رفع لجفون العين. ثم ترك لندن الى نيويورك. قيل انه يمر في أزمة متوسط العمر فقال ان جفنيه المتهدلين أثّرا سلباً على نظره. خلّف وراءه زوجة ثالثة وولدين أكبرهما في الحادية والعشرين وأصغرهما في الرابعة. اتخذ صديقه هندية في التاسعة والعشرين تعمل عارضة أزياء وتصغره أربعة وعشرين عاماً. حضر معها حفلات العروض الأولى للأفلام وسهر ومشى في سنترال بارك. تحدث الى "نيويورك تايمز" وقال ان المدينة نسخة عن بومباي، مسقط رأسه، بضوضائها وحيويتها، مادحاً "الكهرباء الشهيرة" والخبز الطازج وحسن الجيرة فيها. لا خطوط تماس في نيويورك، قال: لكنك في لندن تجد الممثلين هنا والفنانين هناك والكتاب في مكان آخر. ليس هذا فقط بل ان الاغتياب وسفاح القربى الأول حقيقي والثاني مجازي أقل في الوسط الأدبي النيويوركي منهما في عالم لندن المماثل. وهبّت العاصفة، الكاتب أ.ن ولسون قال ان رشدي "متعب جداً" زميله جاسبر جيرارد رد: "هذا هو العرفان بالجميل". مجلة صحيفة "الغارديان" ذكرت ان رشدي هجر لندن لأن ذوق البريطانيين الجيد لم يعد يسمح لهم بشراء كتبه. البريطانيون الذين يقصدون أميركا، قالت "الغارديان". يفعلون ذلك لسببين "اما انهم أثرياء ويطمعون بالمزيد أو انهم يعبدون الشر". صحيفة ال"ديلي ميل" المحافظة الواسعة الانتشار ذكّرت الكاتب الهندي انه كلف دافعي الضرائب مليون جنيه استرليني سنوياً بعد صدور فتوى الإمام الخميني ضده. تنقّل رشدي تحت حراسة الشرطة البريطانية التي غيّرت مسكنه ثلاثين مرة في تسعة أعوام انتهت في 1998 بالغاء الفتوى. صحافية هندية في "الاندبندنت" قالت ساخرة ان الفنانين والكتّاب لا يتقيدون بأمور صغيرة كالإخلاص والمسؤولية "وما يعنيني هو الطريقة التي يدير فيها هذا الكاتب اللامع والفريد الموهبة ظهره مرة تلو الأخرى للناس الذين يعبدونه". كان أول كاتب آسيوي، أضافت، يقتحم الوسط الأدبي البريطاني بأبهة، وبلا اعتذار، مع نشره رواية "أطفال منتصف الليل" في 1979، ومجّده مواطنوه في بريطانيا وتعلقوا بكل كلمة قالها ضد السياسيين الهنود والباكستانيين والتمييز العنصري ومارغريت تاتشر. لكن هؤلاء أحرقوا نسخاً من كتاب "الآيات الشيطانية" وتعرض بعضهم للضرب والطرد من عمله لأن دينهم جعلهم متواطئين في نظر البريطانيين ضد حرية الفكر. كيف يشعر الكتّاب وغيرهم ممن دافعوا عنه ازاء نكرانه الجميل اليوم؟ لا يبدو ان ذلك يعني الكثير لرشدي الذي يرى ان لندن تفتقر الى الالهام. عاش فيها مدة طويلة لكن أعماله لا تتعلق كثيراً بها. وروايته الأخيرة "الأرض تحت قدميها" التي يعيد فيها كتابة أسطورة أورفيوس تدور في بومباي ونيويورك وتمر بسرعة في لندن. وفي حين يتناول بومباي، التي ولد فيها لأسرة مسلمة ثرية بحنان وحب، تبدو نيويورك المكان المعبود والمفضل. في حديثه الى "نيويورك تايمز" يبدي افتتانه بأسماء شوارعها والأثاث المعروض على أرصفتها كما لو كانت لندن قرية بسيطة مقارنة بالمدينة الأميركية. نجا رشدي من الفتوى الايرانية التي تسببت بمقتل ثلاثة أشخاص هم المترجمان الياباني والايطالي ل"الآيات الشيطانية" وناشرها النروجي. ظهر خلال اختبائه في التلفزيون البريطاني ليقول انه ممتن لحماية الشرطة له، فقاطعه المذيع "ممتن؟ ولكن هذا حقك". على انه كان هناك من ألمح وصرّح الى أنه جلب "السجن" وخطر الاغتيال على نفسه وتسبّب بانفاق الملايين على حراسته. ومع ان الأجنبي لا ينصهر في المجتمع البريطاني كما قد يفعل في المجتمع الأميركي شعر البريطانيون الذين وقفوا معه انه غدر بهم عندما ذمّ عاصمتهم. الوسط الأدبي حافل بالاغتياب والمحاباة والمؤامرات في العالم كله، ولا يمكن من عشت بينهم مدة طويلة أن يهضموا نقدك لهم حتى ان كان صحيحاً. مارتن آميز، الكاتب البريطاني المعروف، عاش في أميركا بضع سنوات وفضل صراحة الأدب الأميركي على مثيله البريطاني المعاصر، لكنه لم يبلغ حد القدح والذم بصرف النظر عن الاسباب. وقع رشدي عقداً مع دار "راندوم هاوس" على خمسة كتب وبدأ العمل على أولها. "أنا ابن المدينة الكبيرة" يقول، لكنه يتناول نيويورك كسائح منبهر بناطحات السحاب فيها ونبضها السريع. ولن نعرف تأثير سحرها على عمله الى أن تبدأ خماسية نيويورك بالظهور.