الكتاب: الحوريون: حضارتهم وتاريخهم الكاتب: جرنوت فيلهلم ترجمة وتعليق: فاروق اسماعيل الناشر: خاص - حلب 2000 يعود تأليف هذا الكتاب الى عام 1981 ويعتبره الكاتب والباحث الأركيولوجي جرنوت فيلهلم وهو من أعلام الدراسات الشرقية القديمة ورئيس جمعية المستشرقين الألمان وأستاذ في جامعة فورتسبورغ الألمانية، احتفالاً بالذكرى المئوية لعلم الدراسات الحورية. ويبدو الجهد المبذول في تقصي تاريخ الحوريين كبيراً وشاقاً. فقائمة المراجع تعد بالمئات والحوريون من أبرز شعوب الشرق القديم الذين استوطنوا في مثلث الخابور سورية في أواخر الألف الثالث ق.م. وشغلوا صفحات أساسية في تاريخ سورية القديم وحضارتها، وتمكنوا في مطلع القرن الخامس عشر ق.م وبالتحالف مع الميتانيين من تشكيل مملكة حوري - ميتاني التي تمركزت في الجزيرة السورية وامتدت غرباً في الشمال السوري وشرقاً في الشمال العراقي الى جانب الإمارات الناشئة مثل أوغاريت وامورو وتونيب... في مواجهة الأطماع الحثية والمصرية والآشورية والبابلية وصراعها على سورية. وهي تميزت بانفتاحها على الحضارات المجاورة وقدرتها على التمازج والمثاقفة في المجالات الدينية والأدبية والفنية. ويبدو الكاتب مشغولاً بالإشكالات والبحث عن حلول لها، وكان أهمها علم اللغة الحورية وتصنيفها بين اللغات القديمة، ويعتقد انها وصلت الى قطنا وقادش. ثاني هذه الإشكالات، العلاقة بين الحوريين والسومريين وثالثها العلاقة بين الحوريين والآريين. ويتم تتبع التاريخ الحوري بشكل خاص في وثائق جاسور أو نوزي - وهي في مناطق كركوك من خلال أسماء الأعلام والكلمات الحورية والقرائن الفخارية. وعلى رغم أن هذه القرائن غير كافية فقد انتشرت الأسماء الحورية بفعل الأسر والحروب وأحياناً اتخذت ظاهرة الشيوع موضة. وقد وجدت بين المهاجرين القادمين من المناطق الجبلية شرق الأناضول مجموعات تتحدث بلكنة هندو - جرمانية أو هندو - آرية حظيت باهتمام كبير في تاريخ الدراسات الشرقية القديمة ولقيت في النصف الأول من هذا القرن تفسيرات متأثرة بالنظرية العرقية النازية. والتساؤل هنا: هل جاءت المجموعات الناطقة بالهندو - آرية الى الهلال الخصيب مع الحوريين أم أنها تعود الى احتكاك خلال الترحال. ويبدو ان الاستعارة تمت باتجاه واحد من الآرية الى الحورية مما يفترض حصول هذا الاحتكاك في القفقساس خلال الألف الأول ق.م. وهذا يعني برأي الباحث استبدال خرافة السادة الهندو - آريين المشكوك فيها بأخرى حورية. وهي ان مجموعات ناطقة بالهندو - آرية فصلت نفسها عن التيار الرئيسي للمرتحلين عبر ايران الى الهند واندمجت بالهلال الخصيب وانصهرت في بيئة بلاد الرافدين وهجرت لغتها في زمن مبكر. ويشير الكتاب الى أكثر من عملية مثاقفة، منها اشتراك الآلهة بين الحوريين والهندو - آريين ميترا - فارونا - اندرا - ناستيا مما يشر الى أن المجموعات الهندو آرية لعبت دوراً في مجرى التغيرات الحاصلة في بلاد ما بين النهرين خلال القرن السابع عشر ق.م. وتكشف رسالة ميتاني الشهيرة المنصبة على تقدير مهر عروس حورية - وهي أهم وثيقة لغوية في مجال الدراسات الحورية - ظاهرة المصاهرة بين ملوك الفراعنة امنوفس الثالث والملك ارتتما الأول الميتاني 1400 ق.م ويبدو انه كان تقليداً تعاضدياً. ومن المسائل الخلافية النظرية القائلة ان الهكسوس ملوك الرعاة تسللوا الى مصر هرباً من انتشار الحوريين مما سبب ضغطاً على السكان الشاميين في جنوب سورية وفلسطين لكنه لا يفرض هذه النظرية لاعتبارات تتعلق بالتسلسل التاريخي كرونولوجيا.