إن الكشف عن المواقع الأثرية أمر مهم ومثير، ولكن الأكثر أهمية وإثارة هو استنطاق هذه المواقع ومساءلتها. فإذا بقي الكشف الأثري صامتاً، فإنه لن يسهم إسهاماً كافياً في صناعة التاريخ ونسج خيوطه. فمواقع ما قبل التاريخ أي قبل الكتابة، مثلاً، تجود علينا بنتاج الإنسان وفنه ومأكله وبيئته وأمراضه. ولكن تخفي عنا لغته وأحواله المعنوية ونزعاته الفكرية وأدبه وشعره وموسيقاه وكذلك المَوَاطِن التي ورد منها. فهي تصنع بذلك شطراً من التاريخ ولكن تُغيّب الشطر الأهم. وفي المواقع التاريخية التي تعود إلى الألف الثالث والثاني والأول قبل الميلاد في بلاد الشام والرافدين ومصر جادت أعمال التنقيب بالكشف عن مدائن مرتبطة بأحداث تاريخية مهمة كآشور في قلعة الشرقاط في العراق، واخيتاتون تل العمارنة في مصر، وأوغاريت في رأس الشمرة وغير ذلك كثير. ولأسباب تعود لتعدد مشاريع التنمية في سورية ولسياسة الانفتاح وللظروف التي مرت أو تمر بها بعض البلاد العربية المجاورة، والتي حالت وتحول دون اتساع العمل التنقيبي فيها، فإن أرض سورية تحقق عليها أمر لافت للنظر، وهو العدد الكبير من أعمال التنقيب الأثري، وبخاصة تحقيق هوية مدائن كثيرة كانت مجهولة الموقع أو غائمة السِمات، وهذا هو موضوعنا في هذا البحث. لن نعود لموضوع مدينة إبلا التي كانت جاثية في تل مرديخ، والتي تحققت هويتها في العام 1968، وظهر ارشيفها الضخم مالئاً الدينا وشاغلاً للناس في 1974 و1975، فإن هذا الأمر قد شغل الصحافة وأجهزة الإعلام زمناً طويلاً. ونُشرت عنه عشرات المؤلفات بالعربية وبكل لغات الدول المهتمة بالآثار. على أن من المحتمل أن نعود للحديث عنها، وعن الجديد فيها، في مناسبة أخرى. سنقصر الحديث في مناسبتنا هذه على المدن التي لم يرد عنها الكثير على النطاق العربي، وحتى على الصعيد السوري. وسننهج على محاور ثلاثة: 1- نهر الخابور وروافده 2- نهر البليخ 3- نهر الفرات وسنكتفي بظروف اكتشاف كل موقع وتحقيق هويته، ونورد شيئاً عن محتوى النصوص القديمة المتعلقة به وأبرز ما ظهر فيه من الآثار. ونهر الخابور هو شريان أساسي في الجزيرة السورية ويصب في الفرات عند بلدة البصيرة قرقيسيا. والبليخ هو الشريان الثاني ويصب في الفرات أيضاً عند مدينة الرقة. أما القسم السوري من الفرات فهو يدخل إلى سورية عند جرابلس كأنه قادم إلى حلب، ثم ينحرف نحو الجنوب الشرقي ويستمر على هذا النهج حتى يدخل العراق قرب بلدة البوكمال. تل برّي كحت نبدأ بحثنا بمواقع في المنطقة موضوع البحث تم تحقيق هويتها بطريق المصادفة. الأول هو موقع تل برّي على الضفة اليسرى من نهر جغجغ رافد الخابور. عثر في التل المذكور على نص مسماري آشوري منقوش على بلاطتين حجريتين هما حالياً في متحف حلب. يقول النص المذكور: "قصر تيغولتي نينورتا ملك العالم، ملك بلاد آشور، بن أدد نيراري، ملك العالم، ملك بلاد آشور بن آشوردان ملك العالم، ملك بلاد آشور. هذا ساكف باب مدينة كَحَتْ". وتذكر النصوص الكثيرة حول هذه المدينة، التي تتالى ورودها منذ العصر البابلي القديم، أنها كانت مركزاً دينياً مهماً لوجود معبد لرب العواصف "تيشوب" فيها. وحتى سقوط الدولة الآشورية في نهاية القرن السابع ق.م كانت تابعة لمدينة نصيبينا نصيبين في تركا حالياً. وتنقب في موقع تل بري منذ 1980 بعثة ايطالية بإدارة باولو بيكوريلا. تل الشيخ حمد دور كتليمو المدينة الأثرية الثانية التي تم التعرف إليها بطريق المصادفة هي مدينة "دور كتليمو" واسمها في البابلية دور يجدليم. كانت هذه المدينة مغيبة في تل الشيخ حمد على الضفة اليسرى من الخابور الأدنى، إلى أن عثر صبية صغار في بقايا حفر قناة في التل المذكور، على رُقُمٍ مسمارية اتضح من دراستها اسم المدينة القديم. وكان الآثاري الموصلي هرمزد رسام قد عثر منذ أكثر من مئة عام في الموقع المذكور على نصب آشوري. وتولت بعثة المانية بإدارة هارتموت كونه التنقيب في التل المذكور منذ 1978، وعثرت على المئات من الرقم المسمارية العائدة للقرن الثالث عشر ق.م أدت لنتائج تاريخية مهمة منها التأكد من أن حدود الامبراطورية الآشورية وصلت إلى وادي الخابور. تل عجاجة شاديكاني على الضفة اليسرى للخابور أيضاً، شمال التل السابق، عُثر في 1982 في تل عجاجة على منحوتة آشورية ضخمة تمثل ثوراً مجنحاً. وقامت بعثة المديرية العامة للآثار والمتاحف بإدارة أسعد المحمود بإجراء أعمال تنقيب منهجية هناك، أكدت ما كان قد ذهب إليه رينيه دوسو في مطلع هذا القرن، من أن هذا التل هو موقع مدينة "شاديكاني" التي ورد ذكرها في حوليات الملوك الآشوريين. وقد حملت هذه المدينة في العصر الروماني اسم "أربانا" وكانت على خط العواصِم أمام دولة الفرثيين، كما أنها كانت في العصر العربي الإسلامي تحمل اسم "عربان" وتعتبر أعظم مدن الخابور. تنينير وتل البديري على الخابور جنوب الحسكة خلال عمليات إنقاذ الآثار المهددة بمياه سد الباسل، عثرت بعثة المعهد الألماني بإدارة ب. فالزنر في تل البديري على نص تحقيق هوية بلدة "دور آشورنا بشتاليشير". كما تم التأكد هناك على الخابور من هوية تل تنينير الذي كانت قيه مدينة شهيرة جداً في العصر البيزنطي باسم "تنوريس" وفي العصر العربي الإسلامي باسم "تنورين". وكانت هذه المدينة آنذاك من مدن الخابور العامرة التي أدركها البوار في هجمات التتر والمغول على الجزيرة. وقد عمل في موقع تنينير الأميركي فوللر وعثر فيه على آثار إسلامية قديمة. تل الفخيرية واشوكاني بعد أن استبعد وجود "واشوكاني"، التي كانت عاصمة الدولة الميتانية في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، في مثلث نهر الخابور وحتى الجزيرة السورية كلها، اكتشف العام 1979 تمثال بالحجم الطبيعي للملك "هديَسْعِي" عليه نقش بالآرامية والآشورية يذكر بأنه "ملك غوزانا وسيكان". إن موقع غوزانا معروف في تل حلف عند رأس العين. لكن اسم سيكان باللفظ الآرامي الذي يشابه لفظ واشوكاني في اللغة الميتانية، أخذ يُغري العلماء من جديد، وأصبح من المحتمل جداً وجود عاصمة الميتانيين في هذا الموقع الخصيب والحصين. تل براك تئيدو على الضفة اليمنى من نهر جغجغ رافد الخابور وعند التقائه بوادي الرد، يقع تلك براك. وهو أحد أكبر التلال الأثرية في سورية. نقبت فيه قبل الحرب العالمية الثانية 1937-1939 بعثة بريطانية بإدارة ماكس مالوان زوج آغاثا كريستي ومنذ 1976 يدير تلك البعثة ديفيد أوتس. كان هذا التل مهماً في كل العصور، فهو بمثابة عاصمة لمنطقة الخابور الأعلى واسمه قديم. وحتى في العصر الروماني كان بقربه معسكر باسم بيراكي حسب لوحة بونتغر. أما بالنسبة إلى العصور الأقدم فقد قدّر مدير البعثة أول الأمر أن اسم الموقع في العصر الميتاني كان "تئيدو" أو "تيدو". ففي أحد النصوص المكتشفة في تل الشيخ حمد "دور كتليمو" المذكور سابقاً، يُذكر ان تئيدو تقع على بعد ستة أيام سيراً على القدمين بعد نهر "ميريريه" وهو جغجغ ترجيحاً لأن الخابور لم يتغير اسمه منذ الزمن القديم ومنذ بضع سنوات رُشح للموقع اسم "ناغار" أو "ناوار"، وهو اسم مدينة تقع، مثل تل براك، بين تل برّي كحت وتل طابان تاباتوم جنوب الحسكة، والأمر لم يزل بين أخذ ورد. تل ليلان شوبات إنليل كان اكتشاف مدينة شوبات إنليل أي مقام الرب انليل، عاصمة الملك الآشوري، الأموري الأصل، شمشي أدد، في تل ليلان، وأكثر الأحداث الأثرية أهمية منذ اكتشاف إيلا وأوغاريت الجديدة في رأس ابن هاني. تل ليلان المنافس لأضخم تلال الجزيرة السورية، والذي كان محط أنظار البعثات الأثرية منذ القرن الماضي، يقع على وادي الجرّة إلى الجنوب الغربي من مدينة القامشلي. وفي 1978 رخصت السلطة الأثرية المختصة بعثة أثرية من جامعة بيل الأميركية بإدارة هارفي فايس بالتنقيب فيه. اتضح للبعثة منذ بدايات التنقيب ان هذا الموقع أصبح من 2500-2400 ق.م، أكبر مركز ديني في منطقة الخابور. وكانت المدينة القائمة فيه تعرف باسم "شِيخْنا" على الراجح. وفي السوية الثانية من التل ظهر معبد كبير مشيّد بأسلوب معروف في مدينة آشور نفسها من عهد شمشي أدد أي القرن الثامن عشر قبل الميلاد قُبيل عهد حمورابي، وعندما أسس الملك المذكور امبراطوريته الواسعة من جبال زاغروس إلى جبال لبنان وساد على مملكة ماري، جعل عاصمته الأولى آشور، وعاصمته الثانية "شوبات إنليل" في هذا التل، وجعلها، كما تذكر نصوص مدينة ماري: "قلعة راسخة في قلب البلاد". وقد أكدت ذلك الرُقُم المسمارية المكتشفة في تل ليلان في 1985-1987 والممهورة بختم الملك شمسي أدد وختم ابنه أو ابنيه، وبعد موت هذا الملك استرجعت المدينة اسمها القديم "شيخنا" وانتقلت السيادة لمدينة حلب التي أصبح كل ملك من الملوك ينادي ملكها يا أبي. تل موزان أوركيش وقبل أن ننتهي من منطقة الخابور الأعلى، نيمم شطر بلدة عامودة، قريباً من الحدود التركية. وعلى بعد حوالى خمسة كيلومترات إلى جنوبها الشرقي نجد تلاً بشكل سبع أكَمات يحيط به سور، وهو يحمل اسم تل موزان، وقد ذكر اسمه ابن الأثير في أخبار فتح بلدة رأس العين قائلاً: إن عياض بن غُنم تحول عنها إلى تل موزن. وقد رأى منقب هذا التل الأستاذ جورجير بوتشيلاتي من جامعة لوس انجليس، أن هذا التل هو موقع مدينة "أوركيش" عاصمة الحوريين. ومنذ 1985 والبعثة تؤكد على ذلك إلى أن أتى البرلمان العلمي في العام 1995 بالاستناد إلى حوالى مئة من طبعات الأختام المسمارية التي تحمل اسم ملك أوركيش وزوجته. تل حمام التركان زلبا لنتجه غرباً نحو وادي البليخ الذي كان شريان التجارة الدولية بين الشمال والجنوب في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد، فنقع قرب رافد له في مجراه الأعلى على موقع أثري يسمى حمام التركمان، اهتمت به منذ 1981 بعثة أثرية هولندية بإدارة م. فان لوون، ومن ثم د. ماير. وقد قدرت هذه البعثة ان مستوطنة عصر البرونز الوسيط حوالى 2000-1600 ق.م في الموقع المذكور هي مدينة "زلبا" المذكورة في مسلك من مسالك القرن الثامن عشر ق.م. يبدأ هذا المسلك من نهر دجلة ويتجه إلى شمال الجزيرة العربية، ثم ينحدر إلى نهر البليخ ويسايره حوالى مئة كم. والمرحلة الثانية منه هي مدينة "زليا" ويرجح أن معناها المرحلة أو المنزلة. ويذكر مدير البعثة نصوصاً من الفترة نفسها تحدث عن نزاع حول الماء بين مدينتي "زليا" ومدينة أخرى تدعى "توتول". الأمر الذي يؤكد الوضع الجغرافي لمدينة "زلبا". وقد أيدت نتائج التنقيب من الناحية الأثرية ما ورد من النصوص. تل البيعة توتول تحقق وجود مدينة "توتول" المذكورة في الفقرة السابقة في تل البيعة الواقع على مقربة من مدينة الرقة. وتعمل في هذا الموقع الاستراتيجي المهم عند إلتقاء الفرات بنهر البليخ، بعثة المانية بإدارة ايفا شترومنغر. وثمة نص مسماري من مدينة "ماري" تل الحريري يعود إلى القرن الثامن عشر ق.م يذكر الاستيلاء على مدينة "توتول" الحصينة والمشتهرة في صناعة المراكب. ومن يرى الأسوار التي تحيط بالمدينة، بعرض يتراوح بين ستة وسبعة أمتار والمعززة بسور آخر حولها، يعرف السبب في نعتها بالمدينة الحصينة. ما هي أخبار مدائن الفرات؟ لن نعرض لمدينة "ماري" في تل الحريري، أو "دورا أوربس" في الصالحية و"رحبة مالك بن طوق" في الميادين، ومدينة "ترقا" في تل العشارة و"قرقيسيا" في البصيرة، فهذه المدائن الفراتية الجنوبية يُردد الحديث عنها منذ زمن. وهي لمّا تزل قائمة يرتادها الراغبون. أما المدن الفراتية التي غيبت كلياً أو جزئياً، بعد أن نُقبت، فهي تلك التي كانت مهددة بغمر سد الثورة الواقع على حوالى 40كم إلى الغرب من مدينة الرقة، وكذلك سد تشرين الذي يبدأ من نهاية بحيرة الأسد شمالاً وينتهي قرب جرابلس على الحدود التركية. مدينة شبارو أوشفري في تل الفرّي تل الفرّي هو أقرب المواقع الأثرية إلى سد الثورة، وأول التلال التي غيبتها المياه، أدرنا شخصياً في هذا الموقع بعثة أثرية سورية - ايطالية بالاشتراك مع باولو ماتييه في 1972-1973. وكانت هناك في الموقع بعثة سورية - أميركية شارك في إدارتها زميلنا شوقي شعت. إن اسم "الفرّي" يعني الفرات الصغير، نسبة لقناة أثرية ضخمة تمر بقربه. وفي التل خمس سويات أثرية، أهمها السوية الرابعة التي كانت تقوم فيها مدينة "شبارو" أوشفري التي كانت واقعة تحت السيطرة الحثية في القرن الرابع عشر ق.م. وقد عثرنا عليها ببيوتها ومعبدها المكرّس للرب تيشوب، ومعبد آخر ومنازل عدة ومقر ممثل الدولة الحثية ومجموعة من الرُقُم المسمارية. وقد أتى على أجزاء كثيرة من هذه المدينة حريق مدمر شبّ عند احتلالها من قبل الملك الآشوري شلمناصر ترجيحاً حوالى 1265 ق.م. تل ممباقة ايكالته ما دمنا على الضفة اليسرى الشرقية من بحيرة الأسد، ننتقل شمالاً إلى موقع "ممباقة" حيث تعمل بعثة المانية منذ العام 1986، وقد تتابع على إدارتها إ. هنريش وو. اورتمان وحالياً د. ماخولة. إن سوية الموقع أعلى من سوية غمر البحيرة، فهو سالم حتى الآن. كانت هذه المدينة على الفرات مهمة تجارياً وزراعياً، ولها صلات خارجية بدلالة الفخار القبرصي الوارد إليها. والسويات الأثرية فيها على جانب من الأهمية وأبرزها من عصر البرونز الوسيط والحديث السادس عشر حتى الرابع عشر ق.م، وهي محاطة بسور ترابي. وقد عثر في سوية عصر البرونز الحديث على معابد ومساكن وبوابة معقودة ونماذج من صياغة راقية. وقد تحقق اسمها من الرُقُم المسمارية المكتشفة فيها. تل حديدي آزو عبر الفرات بحيرة الأسد حالياً إلى الضفة الغربية نصل إلى موقع "الحديدي" الذي بدأ التنقيب فيه، تلبية للنداء السوري، بعثة هولندية العام 1973. ثم حلت محلها بعثة أميركية بإدارة ه. دورنمان عملت حتى 1978، أدت أعمال التنقيب هناك لاظهار بلدة من الألف الثالث ق.م تليها مدينة محصنة من النصف الأول للألف الثاني ق.م وتتابع السويات الأثرية حتى العصر العربي الإسلامي. وتبين من محفوظات أحد وجهاء المدينة اسمه يايا بن عوزير من أهل القرن الخامس عشر ق.م ان اسم هذه المدينة هو "آزو" المذكورة في نصوص "آلالاخ" تل عطشانة حالياً في تركيا وفي نصوص إبلا. مسكنة بالس، باليسوس - إيمار من تل الحديدي ننحدر مع التيار لموقع مسكنة. ذلك الموقع الاستراتيجي والتجاري المهم الذي كان يسمى في العصر العربي الإسلامي "بالس" وفي العصر الروماني البيزنطي "باليسوس". وقد تولى عمليات التنقيب الإنقاذي في هذا المكان المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق بإدارة مديره آنئذ اندريه ريمون، ومعه لوسيان غولفان. وعند التنقيب خارج أسوار المدينة في مقبرة إسلامية، وجدت في قاع أحد قبورها مجموعات من الرُقُم المسمارية المحررة في معظمها بالأكادية - البابلية من القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وهي تعود لمدينة اسمها "ايمار" وتعني العمار أو المستودع. وجاء في نصوص إبلا وماري وآلالاخ ان "إيمار" كانت تقوم بدور مهم في التجارة بين الرافدين والبحر المتوسط. تولى التنقيب عن هذه المدينة الفرنسي ج. مارغورون. واتضح ان طرز عمارتها من نوع "بيت حيلاني" السوري، وعبادتها موجهة للرب السوري دجن، أما لهجتها فقريبة جداً من العربية، وكانت عاصمتها مملكة اشتاتا، ودمرها الفريجيون غالباً حوالى 1187 ق.م. خاتمة عن انقاد آثار سد تشرين لم يحن الوقت لإعطاء تقييم كامل لنتائج حملة انقاذ آثار سد تشرين. فكثير من البعثات ما زالت تستكمل أعمالها، وبعضها في مواقع غير مهددة حالياً. ومن المواقع الموجودة في هذه المنطقة البلدة الآرامية الشهيرة "تل برسيب" الواقعة في تل أحمر الذي نقب فيه الفرنسي تورودانجان 1929-1931م. أما الشيء الجديد في حملة الإنقاذ فهو تحقيق هوية بلدة "بورمارينا" من مملكة بيت عديني الآرامية، وقد كانت مختفية في تل الشيوخ الفوقاني الذي تنقب فيه بعثة فرنسية بإدارة باشلو. وسنعود لتفصيل هذه الأمور في مناسبة أخرى إن شاء الله.