على رغم أن الانتخابات مسألة جادة، إلا أن في بعض جوانبها سلبيات مضحكة تجعلها محلاً للهزر. وقديماً لفتت الانتخابات اهتمامي وتخيلت وجود منشور انتخابي كتبه واحد من أهل اليمين ومنشور كتبه واحد من أهل اليسار.. ماذا يقول منشور أهل اليمين: أيها الناخب الكريم.. أمامك فرصة تاريخية لانقاذ البلد، وهي فرصة لن تتوافر لك إلا بانتخاب المرشح اليميني المشهور. إن مرشحنا يقدم لك نصيحة لا تقل لعدوك عليها، هي نصيحة وفي الوقت نفسه هي وصفة سحرية للنجاح. هل تريد النجاح لنفسك؟ هل تريد الازدهار لبلدك؟ تفاءل.. لا تيأس.. ابتسم دائماً.. هل أنت حزين؟ هل أنت ضنين.. لا تبتئس ولا تكشر.. وتأكد أن غداً تغرد العصافير. تقول في نفسك إنّ ليست هناك أشجار جوار بيتكم لتغرد فوقها العصافير.. لا تحمل الهم. سنزرع لك الاشجار جوار بيتك.. وستأتي العصافير لتغرد فوقها.. المهم أن تتفاءل. إن التفاؤل هو سر الاحتفاظ بالشباب وهو سر جمال البشرة.. إذا كانت بشرتك خشنة فاعلم أن السر في ذلك هو سوء التغذية فلماذا لا تأكل الكافيار والتفاح؟ تقول إنك فقير ولا تستطيع شراء الكافيار والتفاح.. إذا انتخبت مرشحنا فسوف يعمل جاهداً على أن يكون الكافيار والتفاح، بوفرة الطعمية والفول، وإن ينافسهما في الاسعار. هذه ليست وعود انتخابية مدهونة بالزبدة فإذا طلعت عليها الشمس ساحت وتبخرت. هذه وعود بجد.. إن مرشحنا يستورد الكافيار والتفاح، وهو رجل إذا قال فقد وعد، ووعد الحر دين عليه. من حقك أن تطمئن الآن وأن تبتسم.. لا تمش مطأطئاً.. ارفع رأسك يا أخي فقد مضى زمن الفقر. لا تنظر إلى الوراء.. ولا تنظر إلى الأمام، انظر إلى أعلى، انظر الى القمر، لقد صعد الاميركيون الى القمر، في عهد مرشحنا الهمام سوف نصعد إلى القمر. لو قلت لنفسك وأنت تقف أمام المرآة كل يوم - سوف أصعد الى القمر.. لو قلتها عشر مرات كل يوم فسوف تصعد إلى القمر لن نكتفي بالصعود الى القمر، وإنما سوف نسير فوقه، لقد سار ابراهام لنكولن حتى حفيت قدماه.. والسير رياضة العظماء، أنت عظيم لانك تسير، وأنت تسير لأنك عظيم. هذا هو برنامجنا الذي نقدمه إلى الناخبين الكرام، لم نخف منه شيئاًَ ولا كذبنا في شيء، إن شعارنا هو الصدق على طول المدى.. هذا هو منشور مرشح من أهل اليمين. ماذا يقول المنشور الانتخابي لمرشح من أهل اليسار: إيها الناخبون الكرام.. لم ينس الزعيم الديالكتيكي العظيم شيئاً في كتبه، لقد وضع أجوبة لكل مسألة، وحلولاًَ لكل مشكلة، ومفاتيح لكل قفل ومعضلة. وبيّن لنا العلاقات الفوقية والتحتية، وتحدث عن المتغيرات التي تحكم تطور المجتمع وصراع الطبقات فيه. وصحيح أن هذا الزعيم لم يذكر الحمير في كتبه، ولم يفرد لها فصلاً خاصاً، ولكنه أعطانا المفتاح الجاهز لفهم كل مسألة، وحدثنا أن المناخ الثقافي النابع من القوى الاقتصادية هو المسؤول عن بطء تطور الحمير، وعلى رغم كل ما يقال فإن القانون السائد الذي يحكم مجتمع الحمير هو الصراع الطبقي، هناك طبقة من الحمير تعيش في نعيم، وهناك طبقة كادحة تحمل على ظهرها العنب ولكنها لا تذوقه. وهم يسمونها حمير العنب.. نسبة إلى ما حرمت منه. وهناك حمير تأكل الفول، وهناك حمير لا تجد سوى التبن، وهناك حمير عندها برادع، وحمير ليس عندها برادع، وهناك حمير حافية بغير حدوة، وحمير ترتدي في قدمها حدوة. ويقوم برنامجنا على الاهتمام بالإنسان والحيوان على حد سواء، نحن نعد كل ناخب يصوت مع مرشحنا اليساري المرموق بأنه سوف يدخل التاريخ. والتاريخ له أبواب كثيرة، وفي بعض أبوابه فخاخ تؤدي إلى الهاوية، ولا بد أن يقود مسيرتنا مرشح مرموق يعرف دروب التاريخ وطرقاته وشوارعه وحواريه. وبغير هذا المرشح سنضرب في التيه من دون منقذ أو هادٍ. إن الفجر العظيم الطالع من جوف الليل الأحمر المبردع، سوف يحمل إلى جميع الكادحين البائسين وجميع الحمير البائسة المضطهدة أملاً هائلاً في الخلاص. وسيجيء الوقت الذي يختفي فيه البؤس الإنساني وتختفي فيه البرادع ولا يكون هناك حمار أحسن من حمار. إن واجبنا التاريخي، وبرنامجنا في الوقت نفسه هو محاربة الجوع والبؤس في كل مكان وزمان، في الإنسان والحيوان. أما كيفية الحرب.. أما اسلوبنا في الوصول لهذا الحلم، فشيئان لا يمكن الحديث عنهما في منشور انتخابي، لأن هذا من الأسرار العسكرية التي لا تقال. انتخبوا مرشحكم الموقر.. وادخلوا معه التاريخ.