في الأيّام الباردة إذ يتثلّج الشاي سريعاً في الكوب استخدمُ طريقة الطول في العرض، ثمان في أربع. وفي الأيّام الحارة حيث يأخذ وقتاً ليبرد - متفادية لسعاً يفقدني مدة ساعاتٍ طويلة حاسّة التذوق - كل واحدة على حدة" فأبدأ العدّ عمودياً حيناً، وأفقياً حيناً. النقوش عند التدقيق من الأسفل الى الأعلى كخريطة دولة عربية، ومن الأعلى الى الأسفل كخريطة دولة شرق أوسطيّة. تتكرر الخريطة ثلاث مرات كوجه فاقد أنفه. لعبة البلاط البادئة العاشرة صباحاً في الشرفة، أثناء تناول الشاي مع فطائر الجبن مللتُها. في السابق لا أزيدُ على أكْل فطيرتين" لأن الإطالة تعني الإصابة بغثيان ودوران من تقاطع البلاط وتداخله. بعد ذلك صرتُ أضع في الطبق خمس فطائر، لكل شتلة فطيرة. في كل شتلة بذرة، دفنَّ في وقت واحد، وسمّدْنَ بالكمية نفسها، وسقينَ بمقدار ماء واحد، البذرة في كل شتلة من الفصيلة نفسها" أكّد ذلك بائع الشتلات، وزاد اقتراحاً شراء أحواض متباينة الألوان تفادياً لنسيان شتلة دونما سقي. اختار لي حوضاً أحمر، وأصفر، وأسود، وأبيض. غرسة الحوض الأحمر سابق طولُها طولَ أخواتها الغرسات في الأحواض الأُخَر، أصغر منها غرسة الحوض الأبيض" لكنها لا تشابهها في تفرع الأغصان وتمددها. أغصان الغرسة ذات الحوض الأصفر القصيرة نسبياً تأتي بعض أغصانها مملوءة بالأوراق، وبعضها عارية منها تماماً. غرسة الحوض الأسود صغيرة تشق التراب كما الجنين الشاقّ رأسُهُ غلاف الهواء. اللعبة الجديدة تجعلني أكثر انشراحاً، وتجعل ملابسي أكثر ضيقاً. دوحةً ملتويةَ الأغصان غدتْ غرسةُ الحوض الأحمر" ملأتْ أوراقُها المتساقطة أرضية الشرفة. في وقت ما اعتقدتُ الأغصانَ العارية في غرسة الحوض الأصفر نمت لها أوراق، لكن اتضح كرم غرسة الحوض الأحمر التي نشرت أوراقها في كل زاوية - وبشكل مجزلٍ على أغصان غرسة الحوض الأصفر العارية -. جهّزتُ الشرفة بالاستعدادت اللازمة" مكنسة ذات عصا طويلة لجمع الأوراق في جهة من الجهات، ومكنسة بعودٍ صغير لتنظيف زوايا الشرفة من الحبيبات المتهاطلة كرشق المطر، وجاروف لجرف التراكمات الورقية واللقاحيّة، وحاوية بعجلات تسهيلاً في تنقلها من مكان لآخر داخل الشرفة. تلك الاستعدادات أجدتْ نفعاً وقتَ الأمرُ متعلقٌ بغرسة الحوض الأحمر، وغدتْ لا تجدي وقتَ تحول الهجوم من أغصان غرسة الحوض الأصفر - الملأى بكرمات غرسة الحوض الأحمر - والتي قضت زماناً ما متفسخة عنها تماماً. كسرتْ تفرعات غرسة الحوض الأحمر الحاجز الحديد المطلّ على فناء البيت، وسدّتِ المنفذ الموصل الى الشرفة جهةَ وسط البيت، كالغابة صارت الشرفة. نصف ساعة ولم تحضر، سياسة التنفير حفظتُها" الإضاءة الشفيفة هبة الستائر المشكّة خواصرها بالأشرطة، التهوية هبة النافذة الملوية دون رضا ردفتَها" في حين يجمّل التكييف وجه الحائط، والثريا سقف الغرفة. ها هي تتقدم، تدخل حاملة طبق الفطائر. عليّ بضبط النفس وألاّ تمتد يدي الى أكثر من فطيرة واحدة كي لا تخترق نظراتها يدي وتحرقها كما البارحة. * شاعرة سعودية.